الطرائف في سيرة ملوك الطوائف!

  • 9/16/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عندما فتح الشيطان على بعض العرب قالوا إن الدول الأوروبية تجري عمليات فرز للاجئين إليها. فتسمح بدخول اللاجئين المسيحيين وتترك اللاجئين المسلمين للموت.. هذا بالفعل فتح شيطاني للعقل الجمعي العربي. والله سبحانه وتعالى يفتح على عباده المؤمنين فتوح العارفين، فيهديهم إلى القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويهديهم أيضاً إلى أن يفعلوا ما يقولون ويقولوا ما يفعلون. والشيطان يهدي أولياءه إلى الشر ويعدهم ويمنيهم وما يعدهم إلا غروراً، ويوحي إليهم زخرف القول زوراً، وأن يقولوا ما لا يفعلون، ويفعلوا ما لا يقولون. وزخرف القول هو الكلام الجميل مع الفعل القبيح. هو أن يقول المرء خيراً ويفعل ويتأبط شراً. والشيطان يعد ويغط ويمني ويوحي ويلهم ويهدي ويضل. الشيطان هو رائد نظرية «الغاية تبرر الوسيلة».. وكل تلك الجماعات الجرادية الإرهابية المنتشرة في أمتنا العربية يقودها الشيطان.. حيث اللسان والقلم ملائكيان والفعل والفكر شيطانيان. كل الذين جعلوا الإسلام مطية للوصول إلى السلطة ومتاع الدنيا يقودهم الشيطان الذي يجري منا جميعاً مجرى الدم، فيسكن النقاب واللحية والجلباب، ويبيح المحرمات تحت أسماء دينية مثل نكاح الجهاد والسبايا وشفاء الصدور بالحرق والذبح. ويبدو أن الشيطان وقبيله ارتضوا تماماً الإقامة الدائمة في أمتنا العربية، والسكنى في العقول والقلوب العربية الخاوية والهاوية، وإلا ما وجدت الأقوال والأفكار الشيطانية هذا الرواج والذيوع في هذه المنطقة العربية المنكوبة. ورغم أن هذه الأقوال والأفكار والحجج داحضة، ولا تصمد دقيقة واحدة أمام المنطق السليم، فإنها تنتشر كالنار في العقول العربية الهشيم. الشيطان يوحي إلى أوليائه كلام حق يراد به باطل، وهذا بالضبط هو زخرف القول المزيف والمزور. واتهام أوروبا بفرز اللاجئين وتصنيفهم إلى مسلمين منبوذين ومسيحيين مقبولين هو زخرف القول المزور، وهو تحميل ذنوبنا ومعاصينا للآخرين. فهؤلاء الذين ينعقون بما لا يسمعون. هؤلاء الغربان الذين ابتليت بهم الأمة هم سبب النكبة والمآسي التي تشهدها هذه الأمة المكلومة. هؤلاء هم حزب الشيطان وإن تسموا بأسماء دينية. فالشيطان قال لأوليائه عندما تبرأ منهم: إني أخاف الله، فهل يتصور أحد أن الشيطان وحزبه وقبيله يخافون الله حقاً؟ من الذي قذف باللاجئين في البر والبحر؟ هل هي أوروبا التي تعاني الأمرين من هذا الطوفان العربي اللاجئ إليها؟ ما لكم كيف تحكمون؟ إنه نظام سوري ومعارضة سورية. والشعب كله رهينة بين نظام تدعمه وتحتضنه إيران، ومعارضة تدعمها وتمولها وتستضيفها تركيا. وهكذا صار العرب في معظم دول الأمة ريشة في مهب ريح إيرانية وعاصفة تركية. العرب يقتلون بعضهم ويشردون بعضهم بالوكالة عن إيران وتركيا. إنهما الدولتان اللتان تبدوان في الظاهر متناقضتين. هذه شيعية وتلك سنية.. لكن الحقيقة تؤكد أنهما حليفتان، وأن مسألة المذهب غير مطروحة عندهما، ولكنهما تصدران إلى العرب السذج تلك الطائفية المقيتة التي دمرت الأمة. «داعش» صناعة إيرانية تركية، وقيادات هذا التنظيم شيعية بامتياز، وتركيا متحالفة ومتهادنة ومتوافقة مع «داعش»، و«الإخوان» العثمانيون و«الحوثيون» الشيعة في غاية التوافق والانسجام، وطهران وأنقرة تديران معاً مسرح العرائس العربي وتحركان الدمى الغبية كما تحبان. ساذج وغبي وأبله من يلوم الغرب والشرق والأتراك والإيرانيين والفرس والرومان والعثمانيين ويحملهم مآسينا ومعاصينا.. ويثرثر دائماً حول المؤامرة والتدخلات في شؤوننا الداخلية.. أنا والله مشكلتي كلها مع العرب، لا مع أحد خارج هذه المنطقة المكلومة.. لا أحد يتدخل في شؤون العرب الداخلية.. هذا لعمري ليس صحيحاً أما الصواب، فإن الآخر الإيراني أو التركي أو الأميركي أو الشيطاني يتم استدعاؤه للتدخل من جانب عرب. من جانب فئات لا تعرف معنى الوطن وإنما تعرف جيداً المتاجرة بالوطن في سوق العمالة والنخاسة التركية الإيرانية.. إيران لم تحتل أربع عواصم عربية بجيوشها وقوتها وتخطيطها، وإنما احتلتها بأيدي ملوك الطوائف العرب في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، وكما سقطت الأندلس في أيدي الفرنجة بصراعات ملوك الطوائف العرب.. يسقط الوطن العربي قطعة تلو أخرى بأيدي ملوك الطوائف الجدد من «الحوثيين» و«الإخوان» و«داعش» والحشد الشعبي ونظام ومعارضة سوريا وليبيا ولبنان و«حماس» و«فتح» فلسطين.. ما أشبه الليلة بالبارحة في المآسي والمعاصي والشرور فقط، لكن خير البارحة وإنجازها وإيجابياتها لا تتكرر الليلة، السيناريو الذي سقطت به الأندلس وسقطت به الخلافة العباسية في بغداد بأيدي التتار هو نفسه الذي يتكرر اليوم بكل تفاصيله.. صراعات ملوك الطوائف العرب تجعلهم يستعينون بالفرنجة ضد بعضهم حتى تسقط الأمة كلها.. الخيانة ليست خارجية والمؤامرة ليست من الآخر الأجنبي.. المؤامرة بأيد عربية.. هي الأيدي نفسها التي يجب قطعها.. استعانت بالأمس بالقوط والفرنجة والصقالبة والبرتغاليين حتى سقط الأندلس، وتستعين اليوم بالفرس والرومان العثمانيين والتتار الأتراك، وتستدعي الأجنبي لتهدم المعبد عليها وعلى العرب الآخرين.. كأن الزمن توقف نموه، والأرض توقف دورانها في هذه الأمة التي تكرر سيناريوهات المآسي والمعاصي بكل تفاصيلها.. هذه أمة العجائب والغرائب.. أمة الطرائف وملوك الطوائف! محمد أبو كريشة* *كاتب صحفي

مشاركة :