كثّف أعضاء الكونغرس جهودهم الضاغطة على البيت الأبيض في الملف الإيراني، وشهدت الأيام الأخيرة موجة من التحركات المتسارعة التي تراوحت بين طرح سلسلة من مشاريع القوانين لفرض عقوبات جديدة على طهران، وكتابة رسائل إلى الإدارة الأميركية لحثها على عدم التساهل مع النظام الإيراني.ولعلّ التحرك الأبرز الذي يحظى بإجماع الحزبين الديمقراطي والجمهوري هو مسودة رسالة يتناقلها أعضاء مجلس الشيوخ تعارض العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران بنسخته الحالية.ويقود السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، والديمقراطي بوب مننديز حملة حشد الدعم للرسالة في مجلس الشيوخ، حيث تمكنا حتى الساعة من تأمين تواقيع عدد كبير من أعضاء المجلس من جمهوريين وديمقراطيين بارزين أهمهم السيناتور الديمقراطي كريس كونز، المقرب من الرئيس الأميركي جو بايدن.وتدعو الرسالة التي تحظى بدعم كبير من اللوبي الإسرائيلي في واشنطن (إيباك)، إلى توظيف جميع الأدوات الاقتصادية، والدبلوماسية، مع الحلفاء في مجلس الأمن القومي، والمنطقة للتوصل إلى اتفاق يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، والحد من أنشطتها المزعزعة في الشرق الأوسط، وبرنامجها للصواريخ الباليستية.وتدل الرسالة والدعم الذي حصلت عليه من الحزبين على التوافق الكبير الذي بدأ بالتبلور في الكونغرس بين الديمقراطيين والجمهوريين، الذين يدعمون لاستمرار حملة الضغط القصوى على إيران، وربط أي اتفاق نووي معها بملفي برنامج الصواريخ الباليستية وأنشطتها الإقليمية.وأتى مشروع قانون طرحه، النائب الجمهوري غريغ ستوب، ليعزز من هذه التحركات ويسلط الضوء على دور الميليشيات المدعومة من إيران في المنطقة.ويدعو المشروع إدارة بايدن إلى فرض عقوبات مرتبطة بالإرهاب على ميليشيا «كتائب سيد الشهداء العراقية».ويقول ستوب في مسودة المشروع إن «كتائب سيد الشهداء المدعومة من إيران تشكل خطراً جدياً على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وهي مسؤولة بشكل مباشر عن مقتل أميركيين في العراق. إن اعتداءاتها على الأميركيين إضافة إلى مصالحنا الاستراتيجية تتطلب رداً قوياً وحاسماً من إدارة بايدن. لكن كل ما رأيناه من المسؤولين في هذه الإدارة هو تنازلات خطيرة لطمأنة المتشددين».وقد طرح النائب الجمهوري مشروع القانون هذا بناء على توصيات من قبل لجنة الدراسات الجمهورية التي أوصت أيضاً بفرض عقوبات على «المرشد» الإيراني، علي خامنئي، ومنتهكي حقوق الإنسان في إيران في إطار أمر تنفيذي أقره الرئيس السابق باراك أوباما. وقد تبنى هذه التوصيات النائب الجمهوري جو ويلسون الذي طرح مشروع قانون لمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في إيران.- محاسبة مروجي أجندة النظام في الولايات المتحدةوفي ظل هذه التحركات، سعت مجموعة مؤلفة من 9 نواب جمهوريين إلى الضغط على إدارة بايدن بأسلوب مختلف، عبر الدعوة إلى التحقيق بحملة ترويج ممولة من النظام الإيراني في الداخل الأميركي.وحض النواب في رسالة تخاطب وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند، إلى ملاحقة أي أميركي يتقاضى راتباً من النظام الإيراني بهدف التأثير على سياسات بايدن تجاه طهران واستمالة الرأي العام الأميركي.وقالت النائبة إيفيت هاري التي ترأست هذه الدعوات إن «إيران لا تزال تعتبر التهديد الأبرز للولايات المتحدة في المنطقة. ومن المهم أن نحرص على أن طهران لا توظف أموالها للتأثير على السياسيين في حكومتنا. إن أي محاولة للتخفيف من الموقف الأميركي تجاه إيران يهدد من أمننا القومي».وقالت هاري في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» إن «هدف الرسالة هو حماية أمن الولايات المتحدة القومي وتحميل إيران مسؤولية أعمالها».ويطالب النواب إدارة بايدن بإنشاء مجموعة عمل خاصة لتعقب واعتقال أي إيراني مقيم في الولايات المتحدة خرق قانون التسجيل كعميل أجنبي (فارا)، على غرار ما فعل الباحث الإيراني - الأميركي، لطف الله أفراسيابي، الذي ألقت السلطات الأميركية القبض عليه في يناير من هذا العام بتهمة التهرب من التسجل كعميل أجنبي وقف القانون، والتآمر لترويج أجندة النظام في الولايات المتحدة. وبحسب الاتهامات الموجهة ضد أفراسيابي فقد تقاضى الأخير نحو 265 ألف دولار من بعثة إيران للأمم المتحدة كموظف سري لترويج أجندة النظام.وذكر النواب في رسالتهم قضيّة أفراسيابي فدعوا مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) إلى التركيز على «عمليات التأثير الإيرانية والتحقيق بمجموعات وجمعيات خيرية ومراكز بحوث تتلقى تمويلاً من الحكومة الأميركية»، بهدف التأكد من أنها لا تتلقى أي تمويل من الحكومة الإيرانية.أبرز هذه المجموعات «المجلس الوطني الإيراني الأميركي» الداعم بشكل كبير لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي. وينفي المجلس تلقيه أي تمويل من طهران في وقت يؤكد فيه النواب أن البدء بتحقيقات رسمية بهذا الخصوص سوف يؤدي إلى الكشف عن المزيد من العملاء غير المسجلين. وحذّرت النائبة إيفيت: «إيران نظام معقد ويسعى للتأثير على المسار السياسي والسياسيين لتقديم مصالحهم وإيذاء مصالحنا. إدارة ترمب حملت إيران مسؤولية أفعالها ونظرت إلى تهديداتها بجدية. أي تخفيف من موقفنا تجاه طهران سيهدد من أمننا القومي».هذا ويتذمر أعضاء الكونغرس من غياب الشفافية من قبل مبعوث بايدن الخاص لإيران روبرت مالي، ويطالب بعضهم مالي بالإفصاح عن تفاصيل محادثاته مع الصين بخصوص إيران، ويقولون إنه حتى الساعة لا يتجاوب مع مطالبهم.
مشاركة :