أجمعت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم على أن مسار تشكيل الحكومة الجديدة توقف بصورة كلية وأن لا حكومة في مدى قريب، في ظل القطيعة الكاملة وعدم إمكانية التفاهم بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري وانهيار الثقة بينهما، مشيرة إلى أن الرئيس عون وفريقه الرئاسي (التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل) لا يريدان الحريري رئيسا للوزراء ويحاولان التخلص منه ودفعه للاعتذار عن عدم تأليف الحكومة.وأشارت صحف (النهار والجمهورية ونداء الوطن والأخبار واللواء والشرق) إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة أصبح يتطلب حدوث معجزة أو رعاية خارجية، في ظل إصرار الفريق الرئاسي على "الثُلث الوزاري المعطل" وتمسك رئيس الوزراء المكلف في المقابل بتشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين المستقلين غير الحزبيين.وقالت صحيفة النهار: "الأمر الذي تجاوز أسوأ التوقعات قفز فجأة إلى ما يمكن تصنيفه في أخطر محاولة انقلابية تولاها رئيس الجمهورية وفريقه في الساعات التي فصلت عن موعد اللقاء ليس للتخلص فقط من الحريري ودفعه إلى الاعتذار فحسب، وإنما لتفجير تطور انقلابي على ركيزة جوهرية من ركائز اتفاق الطائف المتصلة بصلاحيات رئيس الوزراء المكلف، بما يشكل واقعيا حرب إلغاء أخرى على الطائف والحريري سواء بسواء".وأضافت: "لم يسبق في سجل سوابق الأزمات الحكومية أن بلغ الأمر برئيس للجمهورية أن وضع توزيعة مفصلة بتركيبة حكومية وأرسلها إلى رئيس الوزراء المكلف للبصم وتعبئة ما طلبه من فراغات بعدما اقتطع لنفسه وفريقه الثُلث المعطل. فعل ذلك الرئيس ميشال عون بتعمد مزدوج واضح، أولا لإكمال نهجه في إهانة الحريري وإقصائه، وثانيا في محاولة لتوظيف تطورات حدثت أخيرا وقرأ فيها وفريقه إمكانية التجرؤ على بروفة أولية لحرب إلغائية للطائف".وتابعت النهار: "الحال أن عون وفريقه استندا في محاولة الإقصاء الفاشلة للحريري توظيف أمرين، الأول الخطاب التهويلي الأخير للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في اتجاه سياسي انقلابي على صلاحيات رئيس الحكومة المكلف واقتناص صلاحيات مخالفة تماما ومنتهكة للدستور لرئيس الجمهورية، والثاني يتمثل في المرونة التي أبداها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في زيارته الأخيرة إلى القصر الجمهوري، وهو الأمر الذي يفسر إقدام عون وفريقه على إرسال تركيبة حكومية إلى الحريري عصر أول أمس الأحد لضرب حديد هذا التوظيف وهو حام ومحاولة حشر الحريري مسبقا في الزاوية".وأكدت أن رئيس الوزراء المكلف انبرى إلى إسقاط مجمل محاولة الرئيس عون من خلال إبلاغه الرفض القاطع لمحاولته شكلا ومضمونا، إلى جانب اعتماد الحريري أسلوب المكاشفة التامة لكل الوقائع أمام الرأي العام وبالوثائق.من جانبها، قالت صحيفة الجمهورية: "الوضح أن اللقاء الـ18 بين عون والحريري، أتم قطع ما تبقى من خيوط رفيعة تربط بينهما، وأصبح الملف الحكومي في خبر كان. وهذا ما تؤكده الأجواء المحيطة برئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف، والتي تتشارك في رسم صورة تشاؤمية لمرحلة قاتمة عنوانها الانزلاق إلى ما هو أسوأ، سواء على المستوى السياسي وكذلك على المستويين المالي والنقدي، وسط تخوف كبير من احتمالات مخيفة على الصعيد الأمني، بعد الضربة التي مُني بها الاستقرار السياسي جراء فشل اللقاء. ومع الأسف فإنّ الشعب اللبناني هو الذي دفع وسيدفع الثمن الباهظ".وأضافت: "تأليف الحكومة كان صفحة مفتوحة وطويت نهائيا، والوضع الحالي مرشح لأن يستمر، ليس لأسابيع بل ربما إلى نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، ذلك أن إمكانية التفاهم بين عون والحريري معدومة من الأساس، وكل ما جرى على خط التواصل بينهما في لقاءاتهما المتتالية منذ تكليف الحريري في أكتوبر الماضي، لم تكن سوى مضيعة للوقت ومحاولة لتيئيس رئيس الوزراء المكلف لدفعه إلى الاعتذار وتكليف بديل منه".وتابعت الجمهورية: "وقع الرسالة الرئاسية التي تسلمها الحريري أمس الأول الأحد، كان له الأثر الشديد السلبية لدى رئيس الوزراء المكلف وفي الأوساط السياسية القريبة منه، إضافة إلى طرح علامات استفهام حولها من قِبل جهات سياسية معنية بالملف الحكومي، أطلعها الحريري على مضمون الرسالة ليل الأحد".وأكدت أن "الرسالة الرئاسية شكلت حافزا إضافيا لدى رئيس الوزراء المكلف لزيارة القصر الجمهوري، وإبلاغ الرئيس ميشال عون بالموقف الرافض لهذه السابقة، التي تندرج في سياق سوابق عدة قام بها رئيس الجمهورية، بدءا برسالته إلى النواب عشية الاستشارات النيابية الملزمة، ورسالته عبر الإعلام للحريري، وصولا إلى رسالة الأحد، مع التأكيد أن هناك محاولات دؤوبة من قِبل رئيس الجمهورية وفريقه، لدفع رئيس الوزراء المكلف إلى الاعتذار عن عدم التأليف، والقرار الذي اتُخذ لدى الحريري هو إحباط تلك المحاولات وأي هدف ترمي إليه، وبالتالي عدم الاعتذار تحت أي ظرف".من ناحيتها، قالت صحيفة نداء الوطن: "ما جرى أمس لا يمكن فصله عضويا عما جرى يوم الخميس الماضي، حيث أعطى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الضوء الأخير لتنفيذ عملية انقلاب بمعرفة الرئيس ميشال عون وفريقه السياسي برئاسة النائب جبران باسيل على مسار تشكيل حكومة الاختصاصيين".وأضافت: "سرعان ما تلقف باسيل رسالة نصر الله، فأعد العدة الانقلابية اللازمة، إيذانا بتنفيذ انقلاب حكومي موصوف، تكليفا وتأليفا، حيث إن المغلف (التركيبة الحكومية التي أرسلها الرئيس عون إلى الحريري يوم الأحد) هدف بالدرجة الأولى إلى استفزاز الحريري ودفعه إلى العدول عن زيارة قصر بعبدا يوم الاثنين.. ففي الشكل تم إرساله بالبريد الرئاسي وليس عبر موفد رئاسي ولا وسيط حكومي، وهو مذيّل بتوقيع رئيس الجمهورية تحت عنوان يتقصد تحقير رئيس الوزراء المكلف عبر مخاطبته بـ حضرة رئيس الوزراء السابق، مُجردا إياه من لقب دولة رئيس الحكومة المكلف".واعتبرت الصحيفة أن الصيغة الحكومية التي أعدها الرئيس ميشال عون، جاءت بهدف الإمعان في "إهانة رئيس الوزراء المكلف، وأنها حملت طابعا إملائيا توجه من خلاله عون إلى الحريري بالقول.. نموذج من المستحسن تعبئته".. مشيرة إلى أن الحريري أحبط المخطط الهادف إلى دفعه إلى الاعتكاف عن زيارة القصر الجمهورية وتصويره على أنه يرفض التشاور وفق الأصول الدستورية مع رئيس الجمهورية.من جهتها، قالت صحيفة اللواء: "سجل رئيس الجمهورية استخفافا بصلاحيات رئيس الوزراء المكلف، عبر استمارة التأليف التي طلب منه تعبئتها، في سابقة دراماتيكية على المستوى الدستوري، سرعان ما أثارت حفيظة رئيس الوزراء المكلف، فانبرى إلى قلب الطاولة من على منبر القصر الجمهوري".وأضافت الصحيفة: "في التقديرات أن الرئيس ميشال عون وفريقه السياسي، لم يكن يقدم على هذا العمل ما لم يحظ بدعم مباشر من حزب الله.. ونقلا عن مصادر قيادية في الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) أن لا حكومة ستبصر النور ما لم يتفاهم الحريري مع عون ويتنازلا عن الثلث الضامن أو يحصلا عليه سويا".من جانبها، اعتبرت صحيفة (الأخبار) وثيقة الصلة بحزب الله أن أزمة الثقة والصلاحيات بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، لم تعد قابلة للحل من دون اتفاق سياسي شامل يستحيل تأمينه من دون رعاية خارجية، مشيرة إلى أنه لم يعد في الداخل اللبناني من وسطاء بين الرئيسين.وكشفت الصحيفة النقاب عن اجتماع عُقد مساء أمس بين حزب الله وحركة أمل على مستوى القيادات العليا، تقرر فيه إجراء وساطة بين عون والحريري لمحاولة تقريب وجهات النظر بينهما.
مشاركة :