أستاذ مناخ يبدد ظنون التأثير السلبي لتغيير «طبوغرافية مكة» على المناخ

  • 9/16/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بدد أستاذ المناخ المشارك بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم د. عبدالله المسند، الظنون المنتشرة حول تأثير تغيير طبوغرافية مكة عبر إزالة بعض الجبال سلباً على عناصر المناخ، موضحاً أن عناصر المناخ تكون في المناطق الجبلية أشد عنفاً وكثافة المطر عادة من المناطق المنبسطة. وقال المسند تعليقاً على حادثة سقوط رافعة الحرم المكي: «لو أزلنا جبال مكة كلية وجعلناها منبسطة سهلة لخفت شدة الرياح، وقلت كثافة التهطال، وربما انخفضت درجة الحرارة أيضاً، إذ أن الجبال عادة تُحاصر الرياح وتكدسها عبر منافذ (أودية) ضيقة؛ فيزيد اندفاعها، وتزيد سرعتها مقارنة بالمناطق المنبسطة، وناطحات السحاب بمكة تقوم مقام الجبال وتزيد في شدة الرياح، عبر نطح الرياح وتجميعها وضغطها ثم دفعها للإسفل بشدة وقوة، لذا نُشاهد في بعض ناطحات السحاب كاسرات الرياح تركب قريباً من الطوابق السفلى؛ لتمنع وصول الرياح الهابطة من العلو، بسبب جرم المبنى، إلى الأسفل حفاظاً على من يقف حول المبنى، لذا نجد الرياح قد تضاعفت تحت أبراج الساعة فدفعت بالبشر بسرعة قاربت 100 كيلومتر في الساعة». وحلل استاذ المناخ ماحدث في مكة المكرمة الجمعة الماضي، قائلاً: «من خلال مشاهدة المقاطع المصورة في الحرم وخارج الحرم وقريباً من الرافعة تبين لي أن سقوط الرافعة لم يكن بسبب صاعقة كما قيل، كما أن الرياح الهابطة شرقية إلى شمالية شرقية في محيط الحادثة على الأقل، إضافة إلى أن ذراع الرافعة العملاق كان ممدوداً باتجاه المسعى، بمعنى أن امتداده كان مع اتجاه الرياح، وهذا أسهم في تعاظم الحمل باتجاه ذراع الرافعة الممدود باتجاه المسعى؛ فسهل على الرياح قلب الرافعة»، مهيباً بلجنة التحقيق النظر في محاور الارتكاز لدى الرافعة، وهل كانت ممدودة بكامل طاقتها باتجاه الحرم لتحمل ثقل الذراع وتعمل على حصول التوازن في الآلية؟ أم منكمشة لتقليل مساحة الرافعة وعدم التضييق على المصلين؟ وأضاف: «بالاطلاع على المقاطع المصورة نجد أن الرياح لم تقتلع الكثير من الجُدر الموقته، والحواجز، واللوحات، وعشرات الرافعات الأخرى في الحرم المكي، وهذا مؤشر أن وضعية الرافعة العملاقة مع الرياح الهابطة شكل هذه الحادثة الأليمة». أما حقيقة الرياح الهابطة، فقال المسند: «عندما تكونت السحب الركامية العظيمة فوق منطقة مكة عموماً وفوق مدينة مكة على وجه الخصوص، تسببت برياح هابطة، من علو يناهز ثمانية كيلومترات تقريباً، متزامنة مع هطول شديد، وقدرت سرعة الرياح بنحو 60 كم في الساعة، وربما أكثر، وهي كفيلة مع الأمطار المصاحبة بحدوث تلفيات في الممتلكات وربما وفيات»، مضيفاً «الرياح الهابطة، نتوقعها في ظل ظروف جوية معينة، ومعطيات رقمية محددة، ولا نستطيع الجزم بها، ولا تحديد وقتها، ومكانها بدقة؛ لصعوبة الامكانات التقنية لدى الفرد، بينما الرئاسة العامة للأرصاد في السعودية تستطيع مراقبة الكتل الركامية الضخمة والعواصف الرعدية بشكل آني، وآلي، عبر رادار صور فضائية، وبيانات رقمية، تُمكن من معرفة حركة الرياح العمودية داخل العواصف الرعدية، والتنبؤ بحدوث التيارات الهابطة، ومن ثَم التحذير من العاصفة الغبارية الناجمة عن الرياح الهابطة بفترة لا تقل عن 30 دقيقة عبر وسائل الإعلام، والرسائل النصية، وهو وقت يكفل أخذ الحيطة من المواطنين، وتأهب الجهات المعنية نسبياً». ولفت إلى ان معظم كوارث الرياح الهابطة، تقع قبل الغروب أو بعده بنحو 100 دقيقة، وعليه فهذه فترة قصيرة يسهل شحذ همم الرئاسة الموكل لها هذا العمل في مراقبة العواصف الرعدية وتحذير الناس منها، مشدداً على ضرورة تفعيل صفارات الإنذار قبيل بلوغ العاصفة الرعدية أوجها، وتشكل الرياح الهابطة خاصة في المدن المكتظة. وأضاف: «الحل في نظري في ما تواجهه مكة من تحد في ظل وجود جبال شامخة، وأودية تعج بالمباني والسكان، وتغيرات مناخية عالمية وأبراج سكنية، أن نتسلح بالعلم والتقنية في متابعة الظواهر المناخية، والعواصف الرعدية للتحذير المبكر، هذا من جهة ومن جهة أخرى أن يدخل عامل المناخ كعنصر أساس في كل مشروعات التنمية، ويؤخذ كلاعب رئيس في حياتنا».

مشاركة :