فتحت المبادرة السعودية لإنهاء الصراع اليمني بارقة أمل للشعب اليمني لإنهاء الصراعات الداخلية بوضع حلول عادلة تعيد السلام والأمن والطمأنينة للشعب اليمني بكافة مكوناته وأطيافه. وأكد خبراء ومحللون سياسيون لـ"الرياض" أن المبادرة السعودية تمثل فرصة أخيرة وطوق نجاة لجماعة الحوثي التي تتكبد خسائر فادحة في أرض المعارك لتغليب مصلحة اليمن والرضوخ لقرارات الأمم المتحدة وإيجاد حلول شاملة وفقاً لمؤتمر الحوار اليمني. خبراء: مطالبة الحوثيين بالتجاوب مع المبادرة التي تمثل لهم طوق النجاة وقال المشاركون: إن هذه المبادرة تأتي تأكيداً على الدعم الكبير لحكومة المملكة لليمن انطلاقاً من واجبها الأخوي والتزامها الأخلاقي، مشيرين إلى أن المملكة قدمت أكثر من 17 مليار ريال خلال السنوات الخمس الماضية لدعم الشعب اليمني، مشددين على ضرورة التزام المجتمع الدولي بدوره في الضغط على جماعة الحوثي وانتهاز هذه المبادرة لإيجاد حل شامل وعادل لجميع الطوائف اليمنية. بادرة أمل عضوٍ مجلس الشورى ورئيس لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية د. هادي بن علي اليامي قال: "هذه المبادرة تمثل بادرة أمل للشعب اليمني بأكمله، فهي تضع الحلول العادلة لهذه الأزمة المستعرة منذ سنوات، وتعكس رغبة المملكة في إيجاد سبيل يعيد السلام والأمن والطمأنينة لهذا الشعب العربي الذي ابتلي بالتدخلات الإيرانية السلبية التي أدخلته في نفق مظلم، وتستمد هذه المبادرة أهميتها من أنها تأتي في وقت تلاشت فيه آفاق الحل السياسي وباتت لغة الرصاص والدم هي السائدة، ومما يميز المبادرة ويمنحها فرص النجاح أنها ترتكز على أن يكون الحل يمنياً خالصاً من دون تدخل أي طرف ثالث وذلك من خلال النص على أن يكون الحل وفقاً لمؤتمر الحوار اليمني الذي عقد قبل سنوات وشاركت فيه كافة أطياف المجتمع، بما فيهم جماعة الحوثيين نفسها. وأكد د. اليامي، على أن ما تقدمه المملكة لليمن ينطلق من العلاقات والروابط الكثيرة التي تجمع بين الشعبين السعودي واليمني، فهي علاقة شعبين شقيقين يجمع بينهما الجوار التاريخي الذي يعود إلى سنين طويلة، إضافة إلى وشائج القربى والمصاهرة والدين الواحد واللغة العربية الأم والمصير المشترك، والمملكة عندما قدمت عشرات المليارات خلال السنوات الماضية ومدت أياديها البيضاء لأشقائها فهي تنطلق من واجبها الأخوي والتزامها الأخلاقي ورغبتها في مساعدة أشقائها باعتبار أن ما يمر به اليمن تتأثر به المملكة بصورة مباشرة، مشدداً على مطالبة الحوثيين بالتجاوب مع المبادرة التي تمثل لهم طوق النجاة وتمنحهم الفرصة للعودة إلى المشهد السياسي من خلال المشاركة المستقبلية في الانتخابات والبحث عن السلطة بوسائل مشروعة، شريطة التزام الجانب السلمي والابتعاد عن أداء دور العمالة الذي تقوم به لصالح إيران، والوضع العسكري على الأرض يشير إلى أنه ليس أمام الحوثيين من سبيل سوى الموافقة على المبادرة، لاسيما في ظل الانتصارات المتواصلة التي تحققها عناصر الجيش الوطني وقوات المقاومة الشعبية على كافة جبهات القتال، إذا أضاع الانقلابيون هذه الفرصة فإنهم يكونون قد حكموا على أنفسهم بالهزيمة وعلى حركتهم بالانزواء عن المشهد إلى غير رجعة. ودعا د. اليامي، المجتمع الدولي إلى القيام بالدور الأخلاقي المنتظر منه، والمسارعة بالضغط على الحوثيين لأجل التجاوب مع فرصة السلام التي تلوح الآن، والانخراط فوراً في مفاوضات سياسية ترعاها الأمم المتحدة، والتمسك بوجود ضمانات لتنفيذ ما يتم التوافق عليه لأجل عدم تكرار المراوغات والمناورات التي قامت بها الحركة في مرات سابقة عقب جولات الحوار التي تمت في فيينا واستوكهولم من نقض للعهود وتراجع عن الاتفاقيات، الوضع الحالي الذي يعيشه الشعب اليمني لا يسمح بتكرار ذلك، وعلى الأمم المتحدة والدول الكبرى الابتعاد عن الحسابات السياسية التي تقدمها بعض الدول على حساب مصلحة اليمنيين والعمل الجاد لوضع حلول لهذه الأزمة. تأييد دولي من جانبه، أكد عضو مجلس الشورى فضل بن سعد البوعينين، أن المملكة دخلت اليمن بدعوة من الشرعية، بهدف دعم الشرعية وترسيخ أمن اليمن وردع ميليشيا الحوثي الإيرانية الانقلابية، مضيفاً: "منذ اليوم الأول قدمت السعودية مبادرات ومنها المبادرة الخليجية الهادفة لإنهاء النزاع في اليمن وما تلاه من اتفاقات دولية وقرار مجلس الأمن وكل ما سبق يؤكد على أن المملكة تقدم الحلول السياسية وتلتزم بها إلا أن الحوثيين يرفضون ذلك، ثم أطلقت المملكة مبادرتها الجديدة لوقف إطلاق النار وتقديم الحلول السياسية الشاملة التي تعالج جميع القضايا السياسية والإنسانية والاقتصادية والمالية وتفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، وهي مبادرة متكاملة تقدم كامل المتطلبات وتحقق ما كان الحوثي يطالب به دائماً، وبالتالي أجزم أنها المبادرة الأهم لوقف إطلاق النار وإنهاء الأزمة اليمنية". وأشار إلى أن التأييد الواسع والمباركة الدولية اللذين حظيت بهما المبادرة السعودية يؤكدان أهميتها وعدالتها وأنها قاعدة الحل السياسي والجسر الذي من خلاله سيتم إيقاف إطلاق النار والتحول إلى التنمية ومعالجة التحديات، لافتاً إلى أن توقيت إطلاق المبادرة زاد من أهميتها وعزز من قيمتها لوقف تدهور الوضع الإنساني الذي تسبب به الحوثي، كما أنها باتت تمثل الحل العقلاني والعادل للأزمة اليمنية، مؤكداً على أن للمملكة مواقف مشرفة لدعم الدول الإسلامية والعربية ومن بينها اليمن، مشيراً إلى جهودها في ردع الانقلاب وترسيخ الأمن وتحقيق الاستقرار ودعم الشعب اليمني الذي يعاني حتى قبل الأزمة. وأضاف: "ومع جهود المملكة العسكرية الداعمة للشرعية إلا أنها كانت داعمة للشعب اليمني من خلال المساعدات الإنسانية والإنمائية حتى في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي وهذا يؤكد إنسانية المملكة وأهدافها الأخلاقية والإنسانية والأمنية التي تسعى لتحقيقها في اليمن، حيث قدمت منذ العام 2015 أكثر من 17 مليار دولار ضمن دعمها الإنساني لليمن وهذا يؤكد أهداف المملكة الإنسانية ودعمها الدائم لتكريس الأمن والاستقرار والتنمية، كما أن للمملكة مشروعاً إنسانياً وأمنياً مهماً وهو مشروع إزالة الألغام التي نشرها الحوثي بطريقة عشوائية أدت إلى إصابة كثير من الشعب اليمني بإصابات إعاقة ووفيات، مشروع (مسام) نجح في نزع أكثر من 223,830 لغماً منذ إطلاقه في 2018 وحتى اليوم، كما أن المملكة بدأت في إطلاق المرحلة الأولى من تنمية المناطق التي تسيطر عليها الشرعية وبشكل عملي معزز للإنسانية وداعم للتنمية والاقتصاد". وقال البوعينين: "قبل إطلاق المملكة مبادرتها كان الحوثي يطالب بوقف إطلاق النار وفتح الموانئ للوصول إلى الحل السياسي وبمجرد الإعلان عن المبادرة السعودية أبدى الحوثي رفضها من خلال بعض القنوات الفضائية"، مشيراً إلى أن الحوثي لا يمتلك قراره بل هو ينفذ ما يمليه عليه النظام الإيراني الذي لا يهتم بأمن واستقرار اليمن وسلامة شعبه، مضيفاً: "أستبعد أن تكون هناك موافقة من الحوثي ما لم يواجه بضغط دولي يخيره بين القبول أو مواجهة إجراءات دولية صارمة لردعه، لذا يجب على المجتمع الدولي أن لا يترك خياراً أمام الحوثي إلا القبول بالمبادرة العادلة التي ستوقف إراقة الدماء اليمنية وتعالج الأزمة نهائياً وستفتح أبواب التنمية لليمن". تفاعل عالمي الخبير والمحلل السياسي د. محمد الحربي قال: "مبادرة الفرصة الأخيرة انطلقت من موقف قوة للمملكة، والميليشيات الحوثية الولائية تتكبد خسائر وهزائم على جبهات مأرب وتعز وحجة، مؤكداً على عدم وجود خيارات أمام جماعة الحوثي فإما العودة أو الانهيار مشيراً إلى أن عودتهم لابد أن تكون مشروطة بعدم دخولهم في أي نظام سياسي مستقبلي في اليمن فهم لا يفرقون بين مفهوم الدولة والثورة، مؤكداً على أن المسار الإنساني والأخلاق الذي اتخذته المملكة تجاه اليمن وشعبها موازٍ لكافة المسارات الأخرى بهدف عودة اليمن إلى الشرعية وإيقاف العبث الثوري الإيراني المدمر والمزعزع لأمن واستقرار المنطقة، موضحاً أن المملكة أنفقت خلال 15 سنة الماضية أكثر من 17 مليار دولار لدعم البنك المركزي والمساعدات الإغاثية والإنسانية والبنية التحتية والغذاء والدواء والصحة والتعليم وموجهة لكافة أطياف الشعب اليمني. ويؤكد د. الحربي، على أن جماعة الحوثي ميليشيا ولائية غير منضبطة لا تملك زمام المبادرة، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 12 قراراً أممياً، على رأسها القرار 2216 لم يأخذ طابع التنفيذ، ولا يمكن التعويل عليها بأي مبادرات سياسية، لأنهم تجار حرب يخضعون لقيادات إيرانية من جنرالات الحرس الثوري، السفير الموازي حسين إيرلو، ورضا شهلاني، وهما من يديران جميع العمليات في صنعاء، مشيراً إلى أن المملكة سبق وأن أوقفت الضربات بشكل أحادي منتصف العام 2020 استجابة لمبادرة الأمم المتحدة والمبعوث الأممي مارتن غريفيث. د. محمد الحربي فضل البوعينين
مشاركة :