من البديهي أنَّ الاستثمار في التراث نافذة واسعة للترويج السياحي، ورافد مالي كبير، والمتاحف هي الأوعية التي تستوعب هذا النوع من الاستثمار، إذا كنا نتحدث عن الاستثمار المادي فقط، فضلا عن الحديث عن التسويق الثقافي والفكري للبلد. من السهل تدشين متحف ما يحوي آلاف القطع الأثرية، يجري التربح من بيعها ومن رسوم دخول الزوار، ولكن ليس من السهل زرع ثقافة السياحة المتحفية، فالمسألة تحتاج لبناء منظومةٍ متكاملة كل عنصر فيها يحقق الآخر. الجامعات السعودية تعمل على إعادة هيكلتها بما يتواءم مع «رؤية 2030» وأرجو أن تأخذ بالاعتبار إحداث كليات متخصصة في السياحة عموما، وفي سياحة المتاحف خصوصا، لتمدَّ بذلك هيئة المتاحف بالكوادر المؤهلة لإدارة المحتوى التراثي في القطاع. اليوم، يقف العديد من الشباب أمام أبواب متاحفهم الشخصية يرحبون بالزائر في حضرة تراث الآباء والأجداد، ويقدمون تجربة ملفتة وملهمة في حفظ التراث وأمانة نقله لجيلهم، وهذه التجربة يجب أن تثمن بالدعم المادي المستمر من هيئة المتاحف، إما بالإقراض الميسر أو بالدعم السنوي، ويجب أن تُصنف متاحفهم ضمن المزارات الرسمية للوفود الرسمية تشجيعا ودعما لهم وتحقيقا لأهداف ومهام الهيئة. أرنو لأن تُزرع المتاحف في المنافذ الجوية والبرية والبحرية وبالقرب من الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، لاستقبال الزوار بوجباتٍ حضارية عن بلاد الحضارات.
مشاركة :