ماجدة الصباحي كوكب السينما المصرية، صاحبة النجاحات العديدة كممثلة ومنتجة متميزة، تشبه المجاهدات في ساحة الحرب.. فمن أعمالها الوطنية التي تعتبر علامة من علامات السينما أفلام "جميلة بوحريد"، "العمر لحظة"، "الحقيقة العارية" وغيرها من العلامات.. ومن أفلامها الاجتماعية والتي تعتبر علامات أيضاً فيلم "أين عمري" و"المراهقات"، و"أنف وثلاث عيون" وغيرها من الأفلام. جسدت ماجدة في كل أفلامها شخصيات كتبها كبار الأدباء عبرت عنها في السينما مثل إحسان عبد القدوس، فتحي غانم، يوسف إدريس وغيرهم.. كما مثلت مصر في عدد كبير من المهرجانات العالمية والإقليمية وحصلت على العديد من الجوائز أهمها جائزة النيل في مجال الفنون والتي تسلمتها ابنتها الوحيدة غادة نافع بعد رحيلها بشهور قليلة. تمتلك ماجدة الصباحي دون غيرها ملامح مميزة خاصة جداً تحمل براءة وشخصية متفردة من نوع خاص وصوتاً هادئاً يحمل عذوبة وشخصية قوية.حصول ماجدة على جائزة مهرجان برلين الدولي ابنتها الوحيدة الفنانة غادة نافع من زوجها الوحيد الفنان إيهاب نافع فتحت قلبها لنا لتحكي عن والدتها الفنانة والإنسانة ماجدة الصباحي والتي تخصنا بذكريات وصور لم تنشر بعد. التقينا بها وسألناها: ولدت أمي في القاهرة فهي من عائلة الصباحي من العائلات العريقة في المنوفية.. والدتها ووالدها أقارب فهي الابنة الصغرى وكانت تسمى عفاف ولها ثلاثة إخوة عايدة وتوفيق ومصطفى. وكانت تقيم مع عائلتها في حي الهرم في سرايا نسيم باشا التي تضم عائلة والدتي وأبناء وبنات خالاتها. جدتي كانت الوحيدة التي شجعت أمي على الاستمرار في الفن.. فعندما اكتشفت عائلة أمي أنها مثلت في فيلم "الناصح" وهو أول أفلامها في السينما بدون علمهم منعت جدتي خالي ضابط الشرطة مصطفى الصباحي أن يذهب إلى أمي في الاستوديو وهو حامل مسدسه الخاص بعد غضبه الشديد عندما عرف أنها عملت في الفن بدون موافقة العائلة. لأن عائلتها كانت محافظة وبالتأكيد سترفض عمل ابنتها في السينما. عملت أمي في السينما بالصدفة حيث ذهبت مع صديقة معها في مدرسة البومباستير الفرنسية لعمل تيست كاميرا لفيلم "الناصح"، واختارت الجهة المنتجة أمي لتشارك في بطولة الفيلم بدون علم عائلتها.. وكانت تذهب يومياً إلى التصوير وكأنها ذاهبة إلى المدرسة وقامت بتغيير اسمها من عفاف إلى ماجدة حتى لا يعرف أحد من أهلها أنها تعمل في السينما. وبالصدفة شاهد خالي مصطفى أفيش الفيلم في الشارع وتعرف على أمي من خلال الصورة المرسومة على الأفيش بالرغم من تغيير اسمها.. ولولا وقوف جدتي بجانب أمي وتشجيعها على الاستمرار في الفن لما أصبحت الفنانة الكبيرة ماجدة حيث أقنعت جدي وخالي مصطفى بأن تستمر في العمل في السينما وأن يكونا مرافقين لها في كل مكان تذهب إليه أو سفر أو تصوير أفلام.. وكان جدي يسافر مع أمي في كل التكريمات بالبلاد الأوروبية التي كرمت فيها.. وأيضاً كانت جدتي تذهب مع أمي أثناء تصوير أفلامها. وبدأت عائلة أمي تفتخر بها وبنجاحها في أفلامها "أين عمري" و"المراهقات" و"جميلة بوحريد"، وشعرت بأنها نجمة تقدم رسالة هادفة في الفن وسمحت لها بأن تضع بجوار اسم ماجدة لقب العائلة الصباحي. كل مقتنيات أمي، وملابسها التي كانت تحرص على الاحتفاظ بها وألبومات صور كثيرة، تضم صور أفلامها وتكريماتها وصورها الشخصية العائلية في مناسبات مختلفة، وصور زفافها على أبي الفنان إيهاب نافع، فهي تحب أن تسجل كل لحظة في حياتها من خلال الصور. علاقتها بفاتن حمامة طيبة ومليئة بالاحترامماجدة الصباحي ونادية لطفي لم تكن هناك أي خلافات أو توترات في العلاقة بين أمي وفاتن حمامة، العلاقة بينهما كانت طيبة ومليئة بالاحترام، ولم يحدث بينهما أي خلافات لأن العلاقة كانت زمالة وتتقابلان فقط في المناسبات. فأتذكر في آخر تكريم للرئيس السيسي للفن سألت مدام فاتن عن أمي وقالت "فين ماجدة عايزة أسلم عليها"، وبالفعل ذهبت مدام فاتن لأمي حيث كانت تجلس وسلمت عليها وفرحت أمي بها كثيراً، وكأن مدام فاتن كانت تودع أمي في هذا التكريم حيث رحلت بعده بشهور قليلة وحزنت أمي عليها كثيراً.. أعتقد أن الصحافة هي التي نسجت هذه الخلافات وألفت عليها قصصاً خيالية فهذا الجيل كان يحترم ويقدر بعضه البعض. فكل واحدة من هذا الجيل كانت تركز مع نفسها وفنها ونجاحها، ففي الوقت الذي تقدم فيه فاتن حمامة "الخيط الرفيع" تقدم أمي "أنف وثلاث عيون" وغيرها من الأفلام العلامات في السينما المصرية. اشتركت أمي في بطوله فيلم "لحن الخلود" وكانت فاتن حمامة نجمة كبيرة ومشهورة، بينما أمي وجه جديد في ذلك الوقت، وكان معهما الموسيقار فريد الأطرش والفنانة الكبيرة مديحة يسري. بالعكس كانت أمي تشبه فاتن حمامة بأم كلثوم في نجاحاتها، وفي صنعها لتاريخ فني كبير، وكانت تقول تستحق لقب سيدة الشاشة العربية، مثل لقب أم كلثوم سيدة الغناء العربي.. وعندما أزور قبر أمي في الواحات في طريق عودتي أقوم بزيارة فاتن حمامة وأقف على بوابة قبرها من الخارج وأقرأ لها الفاتحة. أمي كانت تحب وتحترم السيدة شادية كثيراً، وكانت دائمة الاتصال بها، وأتذكر أن الفنانة شادية كانت تحضر دائماً أعياد ميلادي في منزلنا، وقد قامت بدعوتنا لمشاهدة مسرحية "ريا وسكينة" وأعجبت أمي بها كثيراً، وقامت بتهنئة الفنانة شادية في غرفتها الخاصة بعد انتهاء المسرحية وكانت شادية سعيدة جداً بحضور أمي. وقبل رحيل الفنانة شادية كانت أمي تطمئن عليها من خلال الفنانة مريم فخر الدين؛ لأنها كانت في ذلك الوقت لا ترد على أي اتصالات تليفونية. بالفعل علاقة صداقة وحب واحترام وأخوة.. أمي ومدام نادية كانتا في تواصل دائم سواء بالتليفون أو بالزيارات المتبادلة، وفي السنوات الأخيرة وعندما مرضت نادية لطفي وأقامت في المستشفى كانت أمي دائمة الزيارة لها والسؤال عنها. وبعد رحيل أمي لا أنسى أبداً عندما قامت مدام نادية بتعزيتي بالتليفون، وكانت تبكي كثيراً، وقالت لي "أنا هحصل ماجدة" وبعدها بأسبوعين رحلت وكأنها لم تتحمل غياب أمي عنها. أفلام تحمل رسالة قويةماجدة الصباحي أمي امرأة قوية تعشق السينما، وتحبها لدرجة أنها كانت تنتج أفلامها ولا تهتم بالربح التجاري ومن الممكن أن تقوم بالإنفاق على أفلامها بكل ما تملكه من أموال لكي تنتج فيلماً وطنياً تاريخياً يحمل رسالة قوية، ويعبر عن نصر أكتوبر وكان ذلك في فيلم "العمر لحظة". فقد خسرت فيه أمي الكثير لكنها لم تحزن بالعكس كانت سعيدة وفخورة بأنها أنتجت فيلماً يؤرخ لحرب الاستنزاف ونصر أكتوبر المجيد. وأيضاً عندما قدمت "جميلة بوحريد"، لتعبر عن كفاح المرأة العربية المناضلة ضد الاحتلال الفرنسي. وكانت تعتز جداً بهذا الفيلم واستطاعت ببراعة أن تجسد مشاهد تعذيب جميلة على يد الاحتلال الفرنسي بروعة وعبقرية ولم تهتم بأن تظهر بهذا الشكل الذي جعل الجمهور يبكي ويتعاطف معها كثيراً. ولم تكسب من هذا العمل القومي أي مكسب مادي، فقد كانت تعطي أي جهة تريد عرض الفيلم نسخة بدون مقابل للعرض مرة واحدة، وكانت تقول لي ما يهمني الهدف والرسالة التي يقدمها الفيلم للجمهور. وعندما كرمت في الجزائر لنجاح فيلم "جميلة بوحريد" استقبلتها جميلة نفسها وكان استقبالاً وتكريماً أسعد أمي كثيراً. ومن أهم عوامل نجاح أمي كمنتجة وممثلة أنها كانت تختار قصصاً للأدباء لتقديمها على شاشة السينما حيث قدمت "أين عمري"، و"أنف وثلاث عيون" لإحسان عبد القدوس، و"جميلة بوحريد" لنجيب محفوظ، "العمر لحظة" ليوسف السباعي و"النداهة" للأديب الكبير يوسف إدريس. كانت ترفض القبلات، وأتذكر أنها حكت لي أن في فيلم "شاطئ الأسرار" مع عمر الشريف أثناء أداء أحد المشاهد التي جمعتها بالنجم الكبير فوجئت به يقبلها بطريقة مفاجئة بشكل جعلها تغضب جداً وتترك الأستوديو، وكانت تبكي واعتذر لها عمر الشريف، وأخبرها بأن ما حدث كان بالاتفاق مع المخرج عاطف سالم. وفي فيلم "أين عمري" أقنعت الأديب إحسان عبد القدوس بتغيير النهاية، وألا تتحول البطلة لامرأة ساقطة. وفي فيلم "النداهة" أقنعت يوسف إدريس بألا تنحرف البطلة في النهاية بعد حياة المدنية والعولمة بل تصبح شخصية إيجابية تعمل في المستشفيات والمصانع شخصية بناءة في المجتمع. وكان ما يميز أمي أيضاً كمنتجة عدم انفرادها بالبطولة بمعنى أنها كانت لا تمانع أن تشرك معها نجمات جميلات وأصغر منها في العمر مثل نجلاء فتحي وميرفت أمين عندما قامت باختيارهما مع المخرج حسين كمال لمشاركتها البطولة في أفلامها، فكانت دائماً تفعل ما تراه في مصلحة العمل السينمائي الذي تنتجه وتمثله أيضاً. كانت تحب المخرج حسين كمال كثيراً، وترى أنه مخرج عبقري سابق عصره حساس جداً، فنان يقدم صورة جميلة على الشاشة، وقد أخرج لها "أنف وثلاث عيون"، و"النداهة". في السنوات الأخيرة عندما كان يعرض لها عمل على الشاشة تكون في قمة سعادتها وتراه بنفس شغف رؤيتها له في عرضه الأول. فيديو: غادة نافع تكشف أسرار والدتها ماجدة وتفاصيل لحظاتها الأخيرة وسبب الحجر على ثروتها رشدي أباظة رمز الرجولة والجدعنةرشدي أباظة وماجدة الصباحي عمو رشدي كان بالنسبة لأمي رمز الرجولة والجدعنة والأخلاق والصداقة والأخوة والوفاء، كانت تعتز به كثيراً وهو أيضاً كان يقدرها ويحترمها جداً، وفي أوائل الستينيات وبعد فيلم "المراهقات" تقدم رشدي أباظة يطلب يد أمي من جدي، ولكن قوبل الطلب بالرفض لأن رشدي أباظة كان في نظر جدي شخصية لا تميل إلى الاستقرار، فبالتالي كان يرى أن هذه الزيجة سيكتب لها الفشل لو تمت. وظلت الصداقة بين أمي ورشدي أباظة حتى رحيله، وأتذكر أنه كان يحضر أعياد ميلادي دائماً ويداعبني ويضحك معي. وأتذكر عندما رحل رشدي أباظة بكت أمي كثيراً، وكنا في ذلك الوقت خارج البلاد ولم تتمكن من أن تشارك في عزائه مما أحزنها كثيراً. وبعد سنوات من رحيله أخبرتنا قسمت ابنته الوحيدة رحمها الله أنها وجدت في مقتنيات أبيها دبلة مكتوب عليها ماجدة. وكان رشدي أباظة أكثر نجم شارك أمي بطولات أفلامها مثل "القبلة الأخيرة"، "جميلة بوحريد"، "دنيا البنات"، "المراهقات"، ومن الذكريات الطريفة التي جمعت بينهما أثناء تصوير فيلم "المراهقات" كانت أمي هي المنتجة، وتأخر رشدي عن ميعاد التصوير، مما ضايقها جداً وفكرت في تجهيز مقلب له فور وصوله بأن تمسك "مقشة" وتنتظره على باب الأستوديو، خلف الديكور وعلم رشدي بمجرد وصوله بالمقلب من أحد العاملين في الأستوديو، فجاء من خلف أمي وقام "بشيلها" بالمقشة وضحك عليها كثيراً. كانت شخصية طيبة جداً، مثل الأطفال في براءتها خفيفة الظل تصدق أي شيء، خجولة. أقرب شخصية لها دورها في فيلم "المراهقات" في عفويتها وبراءتها. زواجها من إيهاب نافع أحبت في أبي وسامته وأدبه وتربيته واحترامه للمرأة وفي تعاملاته معها، إلى جانب أنه من عائلة عريقة وكبيرة. تزوج أبي وأمي عن قصة حب وأنجباني ولم تستمر الزيجة أكثر من ثلاث سنوات، وبالرغم من انفصالهما إلا أن علاقتهما كانت جيدة واستمرت حتى رحيل أبي. وكنت أتعجب من موقف أمي من زوجات أبي، حيث كانت تقوم بدعوته هو وأي زوجة تزوجها ليقضيا معنا يوماً كاملاً أو سهرة ما أو في أعياد ميلادي. كنت أتمنى أن يعود أبي لأمي وأن أعيش حياة طبيعية مع أب وأم في بيت واحد. ولكن لم تتحقق الأمنية وظلت علاقتهما جيدة حتى رحيله. ولم أنس أبداً عندما رحل أبي وقفت أمي تأخذ عزاءه وقبل رحيل أبي بسنوات عرض أبي على أمي أن يعود لها لكنها رفضت. وبعد رحيلها وجدت رسالة لأبي، كانت تحتفظ بها، وقد أرسل لها هذه الرسالة بعد انفصالهما، يؤكد لها فيها أنه لم يحب غيرها وأن هناك بعض الناس السبب في إحداث وقيعة بينهما كانت سبباً للطلاق. لم يكن لدى أمي وقت للحب والزواج كان كل اهتمامها بعملها فقط، وأبي كان يسافر كثيراً ولم تكن حياته مستقرة. كانت تقضي وقتاً طويلاً خارج المنزل بسبب عملها، وعندما تعود لا أتركها لحظة وأتنقل وأتحرك معها في كل ركن في الشقة، ودائماً تطمئن على دروسي وتحكي لي قصصاً قبل النوم ومن شدة تعبها كانت تنام وهي تحكي لي القصة، كنت أغلى شيء في حياتها وكانت تشتري لي كل ما أتمناه من ملابس وأكسسوارات وغيرها من الأشياء. وأتذكر أنها قامت بشراء الأثاث الخاص بشقتي قبل زواجي من أهم محلات الديكور سواء من مصر أو من بعض البلاد الأوروبية. كانت أيضاً تهتم بمستواي الدراسي، وتحضر لي كل المدرسين في المنزل ليذاكروا معي دروسي، كانت أماً حنوناً ولكنها كانت صارمة ولا تتركني وحدي أبداً أذهب إلى أي مكان. دائماً يكون معي الدادة والسواق لا يتركانني لحظة. ربتني أمي على المبادئ والأخلاق وحب الله والتدين الوسطي. اعترضت على زواجي لأن العريس كان عراقياً وليس مصرياً، وكانت تخاف عليّ أن أتزوج من غير مصري. ولكن أقنعها أبي وأنا أيضاً، وتزوجت "أزاد" زوجي وكانت تحبه كثيراً، وتقضي كل وقتها معنا وكان يسعدها عندما يفتح زوجي الكمبيوتر ويجعلها تشاهد صور أعمالها وصورها الخاصة على بعض الصفحات الخاصة بها على فيسبوك أو إنستغرام. بعد زواجي لم أترك أمي وأقمت في نفس العمارة في الطابق الثامن وأمي في السادس لا أتركها أبداً، وخاصة في السنوات الأخيرة ولم أستطع أن أسافر أو أن أبتعد عنها، فهي كانت تطمئن دائماً لوجودي، وتحولت العلاقة بيننا في السنوات الأخيرة حيث أصبحت أنا الأم وهي الابنة. في عام 2015 شعرت أمي ببعض الآلام في القلب، وكانت تشعر بضربات قلب زائدة وبناء على تعليمات الأطباء قامت بتركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب. كانت أمي تتحمل ولا تشكو حتى لو شعرت ببعض الآلام وكنت أعطيها الدواء بانتظام في الفترة الأخيرة بالرغم من رفضها له. الليلة الأخيرةمن أحد تكريمات ماجدة كانت تحرص كل ليلة على أن نتناول العشاء معاً، ونقضي بعض الوقت ما بين مشاهدة التلفزيون أو نتحدث في أي أمور حياتية، وفي الليلة الأخيرة كانت أمي سعيدة للغاية وتشاهد معي بعض الأغاني لأم كلثوم، وفجأة وجدتها تشعر ببعض التعب وتغيب عن الوعي وكنت أتصور في البداية أنها فقدت الوعي أو أصيبت بإغماء، فنقلتها على السرير عندي وكنت أحاول أن أفيقها ولكن الله استرد وديعته وكنت لا أصدق أبداً وأقول لها "ردي عليّ أنا ماما يا حبيبتي أنا ماما غادة" إلى الآن لا أصدق أنها رحلت. الحياة أصبحت صعبة للغاية بدونها، اشتقت أن أناديها وأحكي لها كل شيء، رحلت أمي وتركت لي صورة وذكرى طيبة عنها على لسان كل من عرفها. ومهما كثرت أنواع السعادة في حياتي تبقى دعوات أمي أجملها. كانت روحها في أحمد ابني وحفيدها الوحيد، فقد كان يقضي معها معظم وقته، وهو طفل تلاعبه وتتحدث معه وتحضر له ألعاباً عديدة، وعندما كبر كانت تقضي معه معظم الوقت وتحكي له عن أفلامها وعن الممثلين الذين عملت معهم وأهم مواقفها في حياتها سواء الشخصية أو العملية، وكانت تشبهه بجده إيهاب نافع ودائماً سعيدة به، وبتفوقه في الدراسة، ودائماً ما كانت تتمنى له أن يوفق في حياته العملية والشخصية. وقد حزن أحمد على جدته كثيراً وتمنى أن يقضي معها وقتاً أطول. ابنة الراحلة ماجدة تتهم الوسط الفني بالجحود والنفاق والغدر سأستكمل متحف ماجدة بعد انتهاء كوروناماجدة الصباحي في حفل زفاف ابنتها الوحيدة غادة كانت أمي متحمسة جداً لتنفيذ متحفها في أكتوبر، وأشرفت عليه بنفسها وخصصت فيه ركناً خاصاً علقت فيه صوراً لممثلي جيلها من كبار النجوم على الحوائط. وقد بدأت بالفعل تجهيز فساتينها لتضعها في ركن خاص بها وصالة للعرض السينمائي تعرض فيها أهم أفلامها التي يختار أن يراها أي زائر للمتحف. ولكن لم يمهلها القدر لاستكماله، وأنا الآن أحضر كل مقتنيات أمي المتبقية من الصور والجوائز وأنتظر بعد انتهاء جائحة كورونا وسأكمل المتحف وأرتبه بنفس الترتيب الذي كانت تريده، ليكون مزاراً لكل محبي فن ماجدة الصباحي. أمي كانت تقوم بأعمال خيرية كثيرة، ففكرت أن تكون لها صدقة جارية بعد رحيلها ولم أجد أفضل من أن أقدم هذه الصدقة لعلاج أي إنسان يدعو لها فقمت بزيارة مستشفى بهية وبالتحديد لأني معجبة جداً بها كمؤسسة علاجية عظيمة ومشرفة وبها أكفأ الأطباء والمعدات والأجهزة، وتبرعت بثمن غرفة كاملة للعلاج الكيماوي أدعو الله أن تكون في ميزان حسناتها. قبل رحيل أمي بعام أخبروها بأنها اختيرت وفازت بـ"وسام النيل"، وكانت سعيدة جداً بهذا الاختيار وتنتظر لحظة تسلمه ولكن لم يمهلها القدر؛ لأن تتسلم هذا الوسام وقمت بتسلمه منذ شهرين تقريباً. ندمت لأنني رفضت أن تنتج لي أمي أفلاماًماجدة الصباحي مع أعضاء الوفد الهندي والإيطالي في مهرجان برلين عندما قدمتني أمي في فيلمي "ونسيت أني امرأة" و"عندما يتكلم الصمت" قدمت بعدها بعض الأدوار في بعض المسلسلات، وكانت تنوي أن تنتج لي أفلاماً لكني رفضت وقلت لها أنا سأعتمد على نفسي؛ لأنني أريد أن أكون غادة نافع بمجهودي لكني اكتشفت أنني أخطأت في هذا القرار، فليس عيباً أن تقف أمي بجانبي وتساعدني لكن كنت صغيرة في السن، ولم أفهم الحياة بعد. ستظل موجودة وأديرها أنا وزوجي أزاد، ولكن لم أحدد ماذا سأفعل هل تنتج مسلسلات أو أفلاماً . ماجدة الصباحي8
مشاركة :