قال محللون "إن سفينة الحاويات "إيفر جيفن" التي جنحت في قناة السويس وأوقفت الملاحة ونقل البضائع عبر الممر المائي، تفرض ضغوطا على سلاسل الإمداد العالمية التي تعاني جراء انتعاش النشاط الاقتصادي وشح المعروض من حاويات الشحن". ووفقا لـ"الفرنسية"، تتواصل جهود السلطات المصرية لتعويم السفينة التي تعد من أكبر سفن نقل الحاويات في العالم، في ظل تأثر حركة التجارة العالمية بهذا الحادث. فيما قدرت شركة "أليانز" الألمانية العملاقة للتأمين، الخسائر الناجمة عن تعطل حركة الملاحة في قناة السويس بما يراوح بين ستة وعشرة مليارات دولار أسبوعيا للتجارة العالمية. وذكر خبراء الاقتصاد في "أليانز" في تحليل نُشر أمس، أنه في عام 2019 تم نقل 1.25 مليون طن من البضائع عبر القناة، أي 13 في المائة، من إجمالي حجم التجارة العالمية. وتتوقع أكبر شركة تأمين في ألمانيا أن "هذا الحادث سيؤدي على وجه الخصوص إلى تأخير تسليم المنتجات اليومية للمستهلكين في جميع أنحاء العالم". وبحسب "أليانز"، فإن التكدس في قناة السويس يفاقم مشكلة تأخير ووقف توريد البضائع في التجارة العالمية، مشيرة إلى أن الآثار المترتبة على الحادث من هذا المنظور بالنسبة إلى أوروبا قد تكون مماثلة لآثار الإغلاق الأول المرتبط باحتواء جائحة كورونا في ربيع 2020، وربما أسوأ بالنسبة إلى الولايات المتحدة. وأشارت هيئة قناة السويس في بيان أمس، إلى أنه تم الانتهاء من تجريف الرمال المحيطة بالسفينة الجانحة بنسبة 87 في المائة، بمعدلات تكريك "تجريف" تقترب من 17 ألف متر مكعب من الرمال. وعلقت سفينة الحاويات "إيفر جيفن" التي يبلغ طولها 400 متر في القناة منذ الثلاثاء، ما عطل مرور حاويات نقل البضائع والمكونات والمعدات عبر أقصر ممر ملاحي بين أوروبا وآسيا. ويأتي هذا التوقف بينما تشهد الشحنات بالفعل اضطرابا بسبب جائحة كورونا وزيادة الطلب على السلع، ولا تزال محاولات تعويم السفينة مستمرة، وإن كان خبراء إنقاذ حذروا من أن العملية قد تستغرق أسابيع. وقالت خدمة المستثمرين في "موديز"، "إن نحو 30 في المائة، من حركة نقل الحاويات عالميا تمر عبر القناة سنويا، وقد يؤثر توقف الممر التجاري في ما بين 10 إلى 15 في المائة، من إجمالي نشاط مناولة الحاويات عالميا طوال فترة التعطل". وأضافت في مذكرة أمس، أن "الطلب الاستهلاكي والصناعي المرتفع، والنقص العالمي في طاقة الحاويات وانخفاض الخدمات التي يمكن التعويل عليها من شركات شحن الحاويات العالمية، جعلت سلاسل الإمداد مهددة بشدة حتى من أقل الصدمات الخارجية"، وتابعت "في هذا السياق لم يكن الحدث ليقع في وقت أسوأ". وقال جريج نولر من "آي.إتش.إس ماركت" للاستشارات "إن معدل تشغيل السفن بكامل طاقته على الطريق التجاري بين آسيا وأوروبا بسبب كثافة الطلب من المستوردين الأوروبيين، فيما تواجه المرافئ الأوروبية نقصا في العمالة بسبب الإجراءات المرتبطة بمكافحة جائحة كورونا". وتخطت الصين الولايات المتحدة كأكبر شريك تجاري لأوروبا في 2020، ما يلقي الضوء على علاقات آسيا المهمة بالصناعة والمستهلكين في أوروبا التي هي أيضا أكبر مقصد لصادرات الصين خارج آسيا. وأضافت شركة الاستشارات في مذكرة أن "التأخير في عودة الحاويات الفارغة إلى المصّدرين الآسيويين سيفاقم أكثر النقص الحالي في الحاويات"، بحسب ما أوردته "رويترز". وأكدت أن قناة السويس هي أيضا المسار المفضل للمستوردين الأمريكيين للسلع المصنعة مثل الأحذية والملابس من جنوب شرق آسيا والهند، وربما يتعين على السفن الآن اتخاذ المسار الأطول حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، ما يضيف نحو سبعة إلى عشرة أيام إلى رحلتها. وقالت "خدمة المستثمرين" في "موديز"، "إنه نتيجة لذلك، فإن قطاعي التصنيع والسيارات الأوروبيين، ولا سيما موردي السيارات، سيكونان الأكثر تضررا". وأوضح المحللون "هذا بسبب أنهما يديران سلاسل إمدادات حسب الحاجة، ما يعني أنهما لا يخزنان المكونات ويكون لديهما في المتناول ما يكفي فحسب لفترة قصيرة، ويستوردان المكونات من شركات التصنيع الآسيوية". وأضافوا "حتى إذا تم حل الموقف سريعا، فإن اكتظاظ الموانئ ووقوع مزيد من التأخيرات في سلاسل التوريد المقيدة بالفعل لا مناص منه". وأشاروا إلى أن وسائل النقل البديلة غير مناسبة، إذ إن قدرات الشحن الجوي تعاني شحا بالفعل بسبب انخفاض حركة السفر الجوي العالمية بينما النقل بالسكك الحديدية بين أوروبا وآسيا محدود وبالفعل يقترب من طاقته الكاملة. وقال وزير النقل في سنغافورة، أكبر مركز لإعادة الشحن في العالم، إن توقف الملاحة في قناة السويس قد يحدث اضطرابا مؤقتا في الإمدادات في المنطقة، وربما يؤدي إلى السحب من المخزونات. وقال سوميت أجاروال أستاذ الاقتصاد في جامعة سنغافورة الوطنية "وجهة نظري أن هذا سيسبب مشكلات لعديد من الدول والصناعات في أنحاء العالم في الأمد القصير". إلى ذلك ذكرت وكالة "بلومبيرج" للأنباء أمس، أن جهود تعويم الناقلة العملاقة "إيفر جيفن" التي جنحت في قناة السويس الثلاثاء الماضي، قد تستمر حتى الأربعاء المقبل، على الأقل. وأدى توقف الملاحة عبر القناة الواصلة بين أوروبا وآسيا إلى تعميق مشكلات خطوط النقل البحري التي تواجه بالفعل اضطرابا وتأخيرات في توريد سلع التجزئة إلى المستهلكين. وكان من المتوقع في بداية الأمر أن تستمر جهود الإنقاذ يومين، ولم تفلح جهود تعويم السفينة منذ يوم الثلاثاء الماضي، باستخدام قاطرات وجرافات. وبحسب بيانات "بلومبيرج"، ارتفع عدد الناقلات التي تنتظر حل المشكلة وعبور القناة إلى 240، وهي تحمل شحنات من النفط والبضائع الاستهلاكية تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات". وكان عدد هذه الناقلات 186 الأربعاء. ونقلت "بلومبيرج" عن راندي جيفنز، النائب الأول لأبحاث الأسهم والطاقة البحرية في شركة الخدمات المالية الأمريكية، القول "إنه في حال ترك الحاويات على ظهر "إيفر جيفن"، فإن جهود تعويم الناقلة قد تستكمل بحلول الخميس المقبل، بمساعدة المد والجزر". وأضاف "أما في حال تفريغ الحمولة من الناقلة أو إجراء إصلاحات واسعة النطاق في مجرى القناه، فإن فترة التوقف قد تمتد، بكل تأكيد، إلى أسبوعين، على الأقل". وأعلن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس أمس الأول، تعليق حركة الملاحة في القناة مؤقتا لحين الانتهاء من أعمال تعويم سفينة الحاويات التي ترفع علم بنما. ولم يتطرق ربيع إلى المدة التي قد تستغرقها جهود تعويم السفينة، على وجه التحديد. وجنحت الناقلة بسبب عاصفة رملية، خلال عبورها قناة السويس ضمن قافلة الجنوب في رحلتها القادمة من الصين في طريقها إلى روتردام. وأفاد الفريق ربيع في بيان بأن جهود تعويم السفينة شملت القيام بأعمال الشد والدفع بواسطة ثماني قاطرات عملاقة، في مقدمتها القاطرة بركة 1 بقوة شد 160 طنا. وأظهرت الصور التي نشرتها هيئة قناة السويس عمل الجرافات لإزالة الطمي حول الناقلة العملاقة مع قيام زوارق القطر بجذبها، وسحبها. وذكر الفريق ربيع أن حركة الملاحة في القناة شهدت الأربعاء، عبور 13 سفينة من بورسعيد ضمن قافلة الشمال كان من المستهدف إكمال مسيرتها في القناة وفقا للتوقعات الخاصة بانتهاء إجراءات تعويم السفينة الجانحة، إلا أنه مع تواصل أعمال تعويم السفينة كان لا بد من التحرك وفق السيناريو البديل، بالانتظار في منطقة البحيرات الكبرى لحين استئناف حركة الملاحة بشكل كامل بعد تعويم السفينة.
مشاركة :