قال الممثل طوني عيسى إنه كان لا بد من أن تستعين شركات الإنتاج بالممثل اللبناني في أعمالها. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية لا تستطيع تلك الشركات أن تغفل أهمية الممثل المحلي في دراما تصور في لبنان، وموقعة من قِبل شركة لبنانية. ولا يسعنا هنا إلا أن نشد على أيدي تلك الشركات التي فتحت المجال أمام أسماء جديدة وأعطتها في أعمالها حيزاً كبيراً. فالدراما بحاجة إلى التجدد الدائم. وهو أمر ركزت عليه تلك الشركات مؤخراً، وبينها «الصباح إخوان». فلاحظنا حضوراً لوجوه جديدة كانت تستأهل الفرص المعطاة لها.وعما إذا الممثل اللبناني صار يشكل أساساً في إنتاجات دراما المنصات التي نشهدها بكثافة في الفترة الأخيرة. يرد: «نعم، إنه اليوم يحقق انتشاراً أكبر عبر هذه المنصات، كما لفت المشاهد العربي عامة. فنسبة المشاهدة التي تحققها هذه المنصات لا يمكننا الاستهانة بها أبداً. فكيف إذا جرى عرض هذه الإنتاجات على شاشات التلفزة؟ إنها بالتأكيد تتضاعف وتحقق نجاحات أوسع».ويطل طوني عيسى مؤخراً في مسلسلي «لا حكم عليه» على منصة «شاهد» و«خرزة زرقا» على قناة «أو إس إن»، كما ينتظره المشاهد العربي ضمن مسلسل «2020» الذي سيعرض في موسم رمضان.وفي العملين الأولين قدّم طوني عيسى دوري بطولة أظهر فيهما حرفيته وقدرته الكبيرة على تقمص أدوار مركبة قد لا يجيدها أي ممثل آخر. فبرع في الأول، في تقمص شخصية الطبيب أمين الذي تثير شخصيته غموضاً كبيراً. ولفت المشاهد في الثاني من خلال شخصية صعبة تجمع تحت عباءتها عدم التوازن النفسي والطيبة في الوقت نفسه. ويعلّق عيسى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «في الحقيقة كل دور حمل خصوصيته لي منذ قراءتي الأولى له. فتحمّست للأول لأنه يتمحور حول شخصية طبيب غامض، بحيث لا يستطيع مشاهدها أن يخمن نهايتها أو أن يتوقعها. كما أن موضوع القصة يتناول تجارة الأعضاء، ما زاد من حماسي للمشاركة في العمل. فأنا شخصياً أوعزت بوهب أعضائي بعد وفاتي، كما أن الموضوع بحدّ ذاته لم يجرِ تناوله من قبل بهذه الدقة. حتى العلاقة التي تربط بين الطبيب وابنه بالتبني لفتتني أيضاً فأحببت خوضها. وهنا لا بد لي من الإشارة إلى ضرورة كتابة نص يدور حول هذا الموضوع الشيق. فالولد المتبني يتأثر سلبياً بشكل كبير عند معرفته بهذه الحقيقة. الأمر الذي يودي به أحياناً إلى الانتحار أو إلى الانحراف. كما أنه لم يجرِ التحدث عنه درامياً بعد».وعن دوره (خليل) في مسلسل «خرزة زرقا» الذي يتقمصه بحرفية عالية وهو من كتابة كلوديا مرشيليان يقول: «هذا الدور حمل لي تحدياً كبيراً وقررت خوضه للغنى الذي تتمتع به الشخصية. لا أنكر أنني كنت خائفاً من ردود الفعل تجاهه. فهو لا يحمل حلاً وسطياً، فإما يسقط صاحبه وإما ينجح في أدائه. وفي الحقيقة لمست تفاعلاً كبيراً من قبل المشاهد والفنانين الزملاء معاً. فكثيرون يتصلون بي يهنئونني على هذا الدور. وهو على فكرة من الأدوار الرائعة التي قليلاً ما نصادفها في عمل درامي».وفي موسم رمضان المقبل سنتابع طوني عيسى في مسلسل «2020» في إطلالة خارجة عن المألوف. ويوضح: «سأكون بمثابة ضيف شرف وأجسد شخصية (هرم) تاجر مخدرات في الحلقات الخمس الأخيرة من المسلسل. وقد أضفت إليها من عندياتي أن من جهة اللهجة التي أتحدث بها أو من جهة الشكل الخارجي الذي يواكبها. وأنا سعيد جداً بتقديمي هذا النوع من الشخصيات، لأنها تتطلب جهداً بلغة الجسد والأداء التمثيلي معاً».ويرى طوني عيسى أن ظهور الممثل كضيف شرف وعلى عكس ما يعتقده البعض لا يقلل من أهميته، شرط أن يحمل المحتوى والدور الجيدين.لم يتوانَ طوني عيسى وعدد من زملائه في فترة سابقة، عن رفع الصوت وانتقاد شركات الإنتاج اللبنانية، لعدم استعانتها بالعنصر اللبناني في أعمالها المختلطة. اليوم يعتبر هذه الفترة مرحلة وانتهت ويقول: «كان من الضروري الإضاءة على هذا الأمر، وأن نقول للمنتجين، نحن هنا وإننا لم نفقد الأمل لا ببلادنا ولا بقدراتنا».وعن الحساسية بين الممثلين السوري واللبناني التي سادت الساحة في تلك الفترة يقول: «لم يكن هناك مشكلة فيما بيننا كممثلين، بل كنا نطالب بدخولنا على الخط لأننا نتمتع بكل مقومات الممثل الناجح». ولكن بعض الممثلين اليوم يخافون من الإشادة بممثل سوري كي لا يحسبوا على المقلب الآخر؟ يرد: «ولماذا أخاف من الإشادة بأداء قصي الخولي مثلاً الذي تعاونت معه في (لا حكم عليه)؟ فهو شخص مثقف وأكن له كل احترام ولا يمكنني أن أغض النظر عن حقيقة واضحة أمامي. فهو ممثل عربي مثلي تماماً والفنان بشكل عام لا يتقيد بهوية أو طائفة وبلد، بل هو إنسان، وعلينا أن ننظر إلى الأمر من هذه الزاوية أولاً. والممثل بشكل عام عندما يدخل عملاً جديداً يكون بمثابة صفحة بيضاء يكتب عليها تجربة جديدة. وفي المقابل هناك ممثلون لبنانيون يتجنبون تهنئة زميل لهم. فمن الجميل أن نتبادل التهاني ونساند بعضنا كممثلين عرب ولبنانيين من دون تفرقة».وتربط طوني عيسى صداقة بكثير من الممثلين العرب واللبنانيين. وهو يفتخر باتصال تلقاه من الممثلة تقلا شمعون تهنئه خلاله على دوره في مسلسل «شهر عسل» الذي قدم فيه دور رجل يعاني من إعاقة جسدية. «لدي صداقاتي مع كثيرين من الزملاء العرب أيضاً، كأحمد زاهر من مصر وقصي الخولي وباسل خياط وباسم ياخور من سوريا فليس عندي مشكلة مع أحد».يرى طوني عيسى أن مقولة الممثل اللبناني لا يبيع أصبحت وراءنا، ويتابع: «هذا الأمر غير صحيح، والدليل على ذلك النجاحات التي يحققها اللبناني اليوم في الدراما العربية. حتى إن المعادلة في الدراما المختلطة التي كانت ترتكز على نجم سوري ونجمة لبنانية بدأت اليوم تأخذ منحى معاكساً. فتقدمت شركات الإنتاج خطوات في هذا الموضوع، بعد أن قلبت القاعدة وصار البطل لبنانياً والنجمة سورية وهي معادلة صحية وسليمة تقرب الناس من بعضها».وبحسب طوني عيسى، فإن الممثل اللبناني دخل في الدراما المختلطة من زمن، ولكن اليوم أصبح مدعوماً بشكل أكبر من خلال مساحات أكبر تولى له. ويقول: «إن مقومات الدراما من كاتب ومخرج ومنتج ومصمم أزياء ومدير فني وغيرها من عناصر الدراما بشكل عام نتفوق فيها كلبنانيين. كما أن الممثل اللبناني صار يعرف اليوم كيف ومتى يختار عمله المناسب، من دون أن يسهم في خفت وهجه، أو تراجع في مسيرته».وعن الوجوه التمثيلية التي غابت عن الساحة بسبب تعنتها ورفضها السير في الخط نفسه. يقول: «الفنان اللبناني صار يعرف اليوم كيف يمشي بين النقاط وبدبلوماسية. وبالفعل هذا التعجرف المتبع من قبل البعض غيبهم عن الساحة. فهم لن يستطيعوا أن يكملوا المشوار إذا ما ساروا عكس التيار. فالقصة هنا لا تدور حول أحقية هذا الممثل أو العكس، المطلوب المضي قدماً من دون أن تمس مكانته واسمه وحتى أجره المادي».ولكن إلى أي مدى يستطيع الفنان اللبناني أن يحافظ على مكانته هذه؟ يرد: «يتميز اللبناني بفنه وإبداعه على جميع الأصعدة. كما أننا (أولاد كار) كما نقول بالعامية، لدينا تجاربنا وموقعنا في الدراما عبر التاريخ. كل ما يلزمنا هو الدعم من قبل الدولة ربما، ومن قبل شركات الإنتاج بالتأكيد. والممثل اللبناني باقٍ ولا يمكن الاستهانة بأهميته أبداً».وعن طريقته اليوم في خياراته الدرامية يقول: «لطالما تأنيت في خياراتي فكيف اليوم وأنا في حالة تطور مستمر. أحسب خطواتي وأدرسها جيداً من ناحية النص وفريق العمل والمخرج والأجر، فهي جميعها تؤلف سلسلة متصلة. وأحياناً علينا غض النظر إذا ما كان هناك من نقاط ضعف معينة، شرط ألا تسيء إلى الممثل».وعن الدور الذي يتمنى تقديمه يوماً ما يقول: «أحب الأدوار التي تتناولها السير الذاتية وأبطالها شخصيات معروفة عبر التاريخ. تلفتني مثلاً شخصية يوسف بك كرم، ولكن من الصعب أن أجسدها لأننا بالشكل الخارجي لا نتشابه أبداً، لا سيما من حيث قامتي الطويلة».
مشاركة :