أكد معالي وانغ يي مستشار الدولة وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية أن علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ودولة الإمارات تزداد قوة ومتانة. وبين معاليه، أن النمو المستمر في علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين يستند إلى ثلاثة جوانب أساسية تشمل الثقة السياسية المتبادلة القوية بين قيادتي البلدين، والتعاون الرائد والمبتكر، والأساس الشعبي المتين في العلاقات بين دولة الإمارات والصين. وقال معاليه: «سعيد للغاية بزيارة دولة الإمارات مرة أخرى، فدولة الإمارات اسم مشهور في الصين، ويقدر الشعب الصيني استكشاف دولة الإمارات نمط تحديث فريداً بإرادتها المستقلة، وهو نمط يجمع بين التقاليد والحداثة، وبين الانفتاح والتسامح، ويحقق التعايش والوئام بين مختلف الحضارات». وأضاف معاليه أن دولة الإمارات صديق وثيق للصين في الشرق الأوسط والخليج والعالم العربي والإسلامي، وهناك حرص مستمر على التواصل والتعاون الدائم على الساحة الدولية. وانغ يي وانغ يي وأوضح معاليه أنه في ظل التغيرات الكبيرة التي لم يشهدها العالم منذ مائة سنة وجائحة «كوفيد - 19»، تزداد علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ودولة الإمارات قوةً ومتانة. وقال إن هذه القوة في علاقات الشراكة الاستراتيجية تتمثل في 3 جوانب، الجانب الأول يتعلق بالثقة السياسية المتبادلة القوية، فلقد تم تبادل الزيارات بنجاح وعقد لقاءات عدة بين فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث اتفقا على تطوير العلاقات الصينية الإماراتية كـ «خطة مئوية»، وحددا الاتجاه المستقبلي للتعاون الثنائي بشكل مشترك، الأمر الذي يوفر ضماناً قوياً لتطور العلاقات الثنائية، مشيراً إلى أن الدعم الثابت المتبادل بين الصين ودولة الإمارات في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الآخر والتضامن بينهما في الأوقات الصعبة «تجسيد حي لمغزى الشراكة الاستراتيجية الشاملة». وأضاف معاليه أن الجانب الثاني يتمثل في التعاون الرائد والمبتكر، فقد أصبح الإبداع طابعاً أساسياً للتعاون العملي بين الصين ودولة الإمارات من التعاون في لقاح «كوفيد - 19» إلى استئناف الأعمال والإنتاج، ومن التعاون في الطاقة التقليدية والاقتصاد والتجارة والاستثمار إلى اتصالات الجيل الخامس والبيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي، وغيرها من مجالات التكنولوجيا المتقدمة والحديثة، ومن البنية التحتية إلى الحديقة الصناعية النموذجية، وصولاً إلى التعاون في الطاقة الإنتاجية. وذكر معاليه أن الجانب الثالث، يتمثل في الأساس الشعبي المتين، وتكمن جذور الصداقة الصينية الإماراتية في التواصل الشعبي، إذ يعنى هذا التواصل بمجالات التعليم والثقافة والسياحة والشباب بشكل نشط، ويعيش في دولة الإمارات أكثر من 220 ألف مواطن صيني، وفي عام 2019، زار ما يقرب من مليوني سائح صيني دولة الإمارات. وأكد معالي وانغ يي أن التواصل الشعبي المكثف أصبح جسر الصداقة بين البلدين، ومع التحسن التدريجي والسيطرة على الجائحة واقتراب موعد «إكسبو 2020 دبي»، نثق بأن دولة الإمارات ستظل وجهة مهمة للسياح الصينيين إلى الخارج. وأشار إلى أنه «خلال هذه الزيارة، سألتقي مع مسؤولي دولة الإمارات وأجري محادثات معهم، ذلك من أجل تنفيذ التوافق المهم بين القيادتين بما يعزز المواءمة بين مساعي الصين لإقامة معادلة تنمية جديدة واستراتيجية التنمية الوطنية الإماراتية للخمسين سنة القادمة، وبما يدفع الجانبين لإجراء التعاون القائم على المنفعة المتبادلة والكسب المشترك على مستوى أعلى وأعمق، والتأكيد على تعزيز التواصل والتنسيق مع دولة الإمارات لصيانة السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والخليج بشكل مشترك». وحول تعاون البلدين في مكافحة الجائحة، خاصة في مجال اللقاح، قال معاليه: «يمثل التعاون في مكافحة الجائحة رمزاً حياً يدل على مدى عمق الثقة المتبادلة والتعاون المبتكر بين الصين ودولة الإمارات وفي وجه الجائحة، سجل البلدان معاً صفحات مؤثرة عن التضامن الأخوي في مكافحة الجائحة». وأضاف «على سبيل المثال، أضيء برج خليفة وهو أعلى مبنى في العالم بشعارات داعمة لمدينة ووهان، وبمناسبة الحداد الوطني الصيني في يوم 4 أبريل الماضي، نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على حسابه الشخصي في (تويتر) باللغات الصينية والإنجليزية والعربية، تغريدات أعرب فيها عن التعازي في الشهداء والضحايا الصينيين في هذه الجائحة، الأمر الذي ترك أثراً كبيراً في قلوب الشعب الصيني». وأكد أنه تنفيذاً للتوافقات المهمة التي تم التوصل إليها بين الرئيس شي جين بينغ وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أجرت الصين ودولة الإمارات تعاوناً شاملاً ومتعمقاً يشمل مجالات شتى في المعركة ضد الجائحة، مثل تبادل الخبرات وشراء المستلزمات الطبية واحتواء الجائحة، والبحث والتطوير المشترك للقاحات. وأضاف: «نجحت الصين ودولة الإمارات في إجراء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية الدولية على أول لقاح ضد فيروس كورونا المستجد في العالم». وقال «إننا سنعمل على تسريع الإنتاج المشترك للقاحات، بما يقدم مساهمات أكبر لجعل اللقاحات متاحة وميسورة التكلفة للعالم، وثانياً سنعمل على استكشاف سبل تطوير التعاون الثلاثي الأطراف في مكافحة الجائحة، خاصة التعاون الثلاثي مع دول الشرق الأوسط وأفريقيا في مجال اللقاحات، وسنعمل على إنشاء آلية دولية لتبادل الاعتراف بالشهادات الصحية، بما يسهّل تبادل الأفراد في ظل الإجراءات الوقائية اليومية لاحتواء الفيروس». وعن التعاون العلمي بين الجانبين في المرحلة القادمة قال معاليه: «إنه في الوقت الراهن، تجتاح موجة الثورة الصناعية الرابعة كل أنحاء العالم، والتي تتمثل في اختراقات مستمرة في التكنولوجيا المتقدمة، مثل البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي، وظهور التكنولوجيا الجديدة والأعمال الجديدة والصناعات الجديدة، وسيكون عالمنا في المستقبل، مثل حديقة كبيرة تتفتح فيها أنواع مختلفة من الزهور، ونهر عريض تتسابق فيه السفن والقوارب الكثيرة، ويمكن للدول الكبيرة أن تتميز بعظمتها، ويمكن للدول الصغيرة أن تتمتع بروعتها. وإذا كانت الدول النامية تقدر على مواجهة التحديات بشجاعة واغتنام الفرص بحزم، فمن الممكن أن تلحق بركب الدول المتقدمة بوتيرة متسارعة حتى تحقق معجزة لتجاوزها». وأوضح أنه في هذا العام، تطلق الصين مسيرة جديدة لبناء دولة حديثة على نحو شامل، بينما ستحتفل دولة الإمارات بذكرى اليوبيل الذهبي لتأسيسها منطلقة في مسيرة تاريخية جديدة، ونتطلع إلى إقامة معادلة التعاون الأكثر تنوعاً وشمولاً برؤية أوسع وبروح أكثر انفتاحاً وبجهود أكثر نشاطاً، بما يسهم في تحقيق حلم النهضة للبلدين. وأكد معاليه أهمية زيادة تعزيز التعاون في بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية وحسن تنفيذ المشاريع النموذجية في إطار التعاون في بناء «الحزام والطريق» مثل رصيف الحاويات في المرحلة الثانية لميناء خليفة والمنطقة النموذجية الصينية الإماراتية للتعاون في الطاقة الإنتاجية ومحطة حصيان لتوليد الكهرباء بالفحم النظيف، بما يجسد روح المبادرة المتمثلة في التشاور والتعاون والمنفعة للجميع، ويجب تبني الأفكار المبتكرة للبحث عن سبل بناء «طريق الحرير الأخضر» و«طريق الحرير للصحة». وأضاف معاليه: «كذلك تعزيز التعاون التقليدي في مجالات الطاقة والاقتصاد والتجارة باعتبارها ركيزة أساسية، ويجب تعميق التعاون في مجال النفط والغاز، والعمل على توسيع نطاق التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والنووية وبناء معادلة التعاون المتكاملة في مجال الطاقة»، مؤكداً أهمية بذل جهود استكشافية في توظيف الإمكانيات الكامنة للسوقين الصينية والإماراتية، وتحسين الهيكلة التجارية الثنائية، بما يخدم تنمية البلدين بشكل أفضل. وأكد معاليه أن الصين تدعم بشكل كامل جهود دولة الإمارات في استضافة «إكسبو 2020 دبي»، وتحدونا الثقة بأن الجانب الإماراتي سيدعم أيضاً جهود الجانب الصيني في استضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية ودورة الألعاب الأولمبية الشتوية لذوي الاحتياجات الخاصة في بكين عام 2022، وسيواصل الجانب الصيني دعم جهود الجانب الإماراتي في تنفيذ مشروع «مائة مدرسة» لتعليم اللغة الصينية. زيادة التواصل والتشاور عن الأوضاع الراهنة في المنطقة والدور الصيني في تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، خاصة في منطقة الخليج، قال: «يتمتع الشرق الأوسط بالحضارة التاريخية العريقة، غير أنه يتأثر بعدم الاستقرار، ويصادف هذا العام الذكرى الـ10 لما يسمى بـ(الربيع العربي)، وعندما نقوم بمراجعة هذه الدروس المؤلمة، نجد أن التداعيات لتلك الاضطرابات التي اندلعت قبل 10 أعوام ما زالت تقوض أسس الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، في الوقت نفسه فقد رأينا أيضاً أن دول الشرق الأوسط ما زالت تعمل على استكشاف طرق تنموية بإرادتها المستقلة، وصيانة الاستقرار وإحلال السلام، بما يجلب أملاً جديداً لاستعادة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط». وأكد معاليه أهمية تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والاحترام المتبادل، والتمسك بالعدل والإنصاف، وتحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية، وتحقيق الأمن الجماعي، وتسريع وتيرة التنمية والتعاون. وشدد معاليه على نية الصين الصادقة لتعزيز السلام والأمن في المنطقة ومسؤوليتها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي. وأضاف: «تعمل الصين على صيانة السلام والاستقرار، وتحترم احتراماً كاملاً الأنظمة الاجتماعية والطرق التنموية التي اختارتها دول المنطقة، وتدعو إلى الوئام». وقال معاليه «إننا نتمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ونشجع دول الشرق الأوسط على استكشاف طرق تنموية ذات خصائص الشرق الأوسط بإرادتها المستقلة، وندعو إلى إقامة منظومة أمنية تراعي الهموم المشروعة لجميع الأطراف، كما ندعو إلى الحوار الشامل، ونشجع على تسوية الخلافات عبر طريق الكسب المشترك». وأضاف «إن الصين ودول الشرق الأوسط شريكان في تحقيق التنمية المشتركة، ويرى الجانب الصيني أهمية القضاء على منبع الاضطرابات في المنطقة من خلال تحقيق التنمية، وندعو إلى إيلاء اهتمام أكثر للتنمية، والتركيز على معيشة الشعب، ودفع إعادة الإعمار». وقال «دخلت الصين مرحلة جديدة من التنمية، وتقيم معادلة جديدة، وستوفر التنمية الجديدة للصين مزيداً من الفرص للشرق الأوسط». وأشار معاليه إلى أن الصين توفر طاقة لزيادة الانفتاح والتسامح لكل من الصين ودول الشرق الأوسط صاحبة الحضارة المبهرة، والتي قدمت مساهمة مهمة في تنوع الحضارات. وقال «يدعو الجانب الصيني إلى الحوار بين الحضارات، ويرفض (نظرية الصراع بين الحضارات) و(نظرية تفوق حضارة على حضارة أخرى)، ويرفض تسويد وشيطنة الحضارات الأخرى، ويرفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه، كما يحرص الجانب الصيني على بذل جهود مشتركة مع دول الشرق الأوسط لزيادة الانفتاح والتسامح ومعارضة التحيز، وتعزيز تبادل الخبرات في مجال الحكم والإدارة، وتعميق التعاون في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف». وأكد معاليه أن الجانب الصيني يحرص على زيادة التواصل والتشاور مع دولة الإمارات والعمل سوياً على لعب دور بناء في تدعيم السلام والاستقرار في المنطقة.
مشاركة :