الاقتصاد السعودي على موعد يوم الخميس القادم مع ولادة عملاق مصرفي جديد بعد نفاذ قرار الاندماج بين بنكي الأهلي وسامبا اللذين سيكونان كياناً قوياً وداعماً للقطاع المصرفي. إننا تأخرنا كثيراً في بناء كيانات مصرفية عملاقة توازي حجم اقتصاد المملكة الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، والكيانات المصرفية العملاقة لا يمكن أن تنشأ إلا عن طريق الاندماجات، مثال لذلك بنك JPMorgan Chase أكبر بنك في الولايات المتحدة وثالث أكبر بنك في العالم تتجاوز أصوله المصرفية 2.5 تريليون دولار لم يصل إلى هذا الحجم الكبير إلا عن طريق استحواذه على 13 بنكا منها بنوك عملاقة مثل Chase Bank، ولذلك من المفيد للاقتصاد السعودي توسيع قاعدة البنوك عبر الترخيص لبنوك جديدة وتشجيع عمليات الاندماج بين البنوك القائمة من أجل تكوين كيانات مصرفية عملاقة تستطيع مواجهة التحديات والأزمات الاقتصادية وتكون عامل استقرار للاقتصاد لا أن تكون عبئا تعتمد على الدعم الحكومي لمواجهة الأزمات. رأس مال الكيان الجديد 50 مليار ريال بقيمة سوقية تتجاوز 209 مليارات ريال تمثل أكثر من 30% من القيمة السوقية للقطاع المصرفي، موجودات الكيان الجديد بناء على البيانات المجمعة بنهاية عام 2020 في حدود 840 مليار ريال تمثل نسبة 32% من موجودات القطاع المصرفي أما ودائع العملاء 624 مليار ريال تمثل نسبة 32% من القطاع المصرفي السعودي أما محفظة القروض سوف تتجاوز 500 مليار ريال بنسبة تقدر بـ30% من القطاع، صافي الأرباح للكيان حسب نتائج عام 2020 تجاوزت 15 مليار ريال وتمثل نسبة 45% من القطاع. الكيان الجديد يتمتع بميزة قوية وهي التوازن في محفظة التمويل حيث تمثل قروض الأفراد حوالي 39% من صافي محفظة التمويل بينما تمثل قروض الشركات حوالي 53%، والقروض الأخرى حوالي 8% وهذا التنوع في المحفظة يحمي الكيان الجديد من التقلبات الاقتصادية وارتفاع خسائر الائتمان، كما أن نسبة القروض إلى الودائع تقف عند 82% وهو ما يتيح للكيان الجديد التوسع في عملية الإقراض، حقوق الملكية للكيان 120 مليار ريال والعائد عليها يتجاوز 14% وهذه نسبة جيدة وسوف تتحسن كثيراً بعد الاندماج، الفروع العاملة للكيان بنهاية شهر فبراير الماضي 504 فروع، وامتلاك البنك لشبكة فروع مصرفية تغطي مساحات واسعة تعد من أهم المميزات التي تدعم أعمال المصارف وإذا اقترنت هذه الميزة بتقنية بنكية متقدمة سوف تمنح البنك قوة جذب كبيرة. إن كل عوامل النجاح متوفرة في الكيان المصرفي الجديد (البنك الأهلي السعودي) من أصول ضخمة وشبكة فروع منتشرة وأجهزة صرف آلي كثيرة ونقاط بيع تغطي أعداد كبيرة من المتاجر، بالإضافة إلى الانتشار الدولي وهذا يعزز حضور الكيان دولياً والاستفادة من فرص الأعمال في الدول الأخرى، الكيان الجديد سيتمكن من خفض المصاريف بنسبة 4% هذا العام وصولاً إلى أكثر من 15% بعد 3 سنوات عند اكتمال الدمج بين الإدارات وخفض مصاريف الرواتب والإيجارات والصيانة. ومع ذلك يجب أن لا نفرط كثيراً في التفاؤل بنجاح الكيان الجديد على الأقل في السنوات الأولى من عملية الاندماج، التحديات التي سوف يواجهها الكيان كبيرة، لأن كلا البنكين المندمجين كبيرين ولا يمكن مقارنة هذا الاندماج بأي اندماجات سابقة بين البنوك، حتماً سوف تتأثر نتائج الكيان الجديد في البداية وقد تحتاج إلى سنتين كأقل تقدير لتجاوز الصعوبات والبدء في تحقيق الاستفادة الكاملة من عملية الاندماج، تتمثل التحديات في الثقافة المؤسسية لدى البنكين وعملية التقارب تحتاج إلى سد فجوة الاختلافات وقدرة موظفي البنكين على التنازل عن قناعتهم وتقبل الآراء المخالفة وإن لم يتم إدارتها بحنكة ربما تنتج عنها صدامات تؤثر على سير العمل بالإضافة إلى الصراعات الداخلية التي قد تحدث على المناصب وإذا لم تكن هذه التفاصيل في ذهنية الإدارة الجديدة للبنك فقد ينتج عنها مشكلات كبيرة، إدارة محفظة التمويل وأسلوب معالجة القروض المتعثرة تمثل تحديا كبير للكيان الجديد قد ينتج عنها مخصصات إضافية ونمو أقل في محفظة التمويل وخصوصاً التغير في آلية منح الائتمان للشركات التي كانت تتعامل مع سامبا وقد تؤدي إلى تسرب هذه الشركات إلى بنوك أخرى. أيضاً عملاء بنك سامبا من الأفراد وكبار العملاء هل لديهم الاستعداد لتقبل أسلوب الخدمة في الكيان الجديد والذي سيغلب عليه أسلوب البنك الأهلي؟ قطعاً هنالك عدد من عملاء سامبا لن يتكيف مع أسلوب الخدمة، مع أن التقنية البنكية وسهولة التعامل ربما تكون أفضل في البنك الأهلي، والأكثر تأثيراً على عملاء سامبا هي الهوية البصرية للبنك والتغير في الهوية البصرية قد لا يحدث في بداية الاندماج لأن فروع سامبا وموظفيها سوف يستمرون لفترة من الزمن والتغير سوف يكون تدريجيا، ولكن بعد التغير الكامل وتغلب هوية البنك الأهلي على الكيان الجديد واختفاء هوية سامبا قد يدفع عملاء بنك سامبا للبحث عن بنك يتوافق مع تطلعاتهم ورغباتهم.
مشاركة :