قالت كبرى شركات شحن الحاويات إن جنوح سفينة ضخمة في قناة السويس أدى إلى عرقلة قطاع الشحن الدولي، وهو أمر قد لا يزول أثره قبل أسابيع وربما شهور. يأتي ذلك في الوقت، الذي أعلنت فيه هيئة قناة السويس استئناف حركة الملاحة في قناة السويس بعد أن نجحت في إنقاذ وتعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة إيفر جيفن. وتمر نحو 30 في المائة من إجمالي حركة الشحن بالحاويات في العالم يوميا عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومترا وتنقل بضائع مثل الآرائك والإلكترونيات والملابس والأحذية، كما أن الحاويات الفارغة التي تحتاج إليها المصانع الآسيوية لشحن منتجاتها تعطلت أيضا أثناء توقف الملاحة في الممر المائي. وبحسب "رويترز"، قالت مجموعة ميرسك للشحن، وهي أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم، في بيان استشاري للعملاء نشر أمس "حتى بعد إعادة فتح القناة، الآثار المضاعفة على القدرة والمعدات العالمية كبيرة". وذكرت ميرسك إن لها ثلاث سفن عالقة في القناة بخلاف 29 أخرى تنتظر الدخول، مضيفة أنها غيرت حتى الآن مسارات 15 سفينة لتبحر بدلا من ذلك جنوبي القارة الإفريقية. وقالت "بتقييم وضع التكدس الحالي للسفن، قد يستغرق عبور كامل الصف ستة أيام أو أكثر". وذكرت شركة إم.إس.سي السويسرية، ثاني أكبر شركة شحن في العالم، في تصريحات منفصلة السبت أن الموقف "سيتسبب في أحد أكبر الاضطرابات لحركة التجارة العالمية في الأعوام المقبلة". وقالت كارولين بكوارت وهي نائبة رئيس الشركة في بيان "للأسف حتى بعد إعادة فتح القناة مع وجود عدد كبير من السفن المتأخرة في انتظار العبور سيؤدي ذلك لتزاحم في الوصول لبعض الموانئ وقد نشهد مشكلات اختناق جديدة". وتابعت "نتصور أن الربع الثاني من 2021 سيشهد عراقيل أكثر من الأشهر الثلاثة الأولى، وربما يصبح الأمر أكثر تحديا وصعوبة عما كان في نهاية العام الماضي". وتعاني شركات الشحن حول العالم منذ أشهر عراقيل وتعطلا تسببت فيه قيود مكافحة جائحة فيروس كورونا وتزايد الطلب على سلع التجزئة، ما أدى لاختناقات لوجستية أوسع نطاقا حول العالم. وهدد توقف الملاحة في قناة السويس بزيادة صعوبة حفاظ الشركات الأوروبية والأمريكية على مخزونها من المنتجات. وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن تحويل مسار سفن للإبحار حول القارة الإفريقية يعني أن مزيدا منها يمر عبر مناطق ينشط فيها القراصنة. وأضافت الهيئة "على الرغم من أن التهديد من القرصنة الصومالية محدود حاليا بسبب مجموعة من الأسباب من بينها العمليات العسكرية وتطبيق بي.إم.بي5 (إجراءات حماية السفن) ووجود حراسة مسلحة، فإن زيادة الملاحة عبر المنطقة قد يشكل فرصة لجماعات القرصنة الصومالية لمهاجمة سفن". وقالت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية إن سد واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم لقناة السويس قد يكبد قطاع إعادة التأمين مئات الملايين من اليورو حتى مع نجاح فرق الإنقاذ في تعويم السفينة جزئيا أمس. وقالت "فيتش" إن إغلاق قناة السويس سيقلص أرباح شركات إعادة التأمين العالمية لكن لن يؤثر كثيرا في أوضاعها الائتمانية، في حين أن أسعار إعادة التأمين البحرية سترتفع أكثر. وارتفعت أسعار الشحن على متن ناقلات منتجات النفط إلى نحو مثليها بعد أن توقفت حركة السفن وتعطلت سلاسل الإمداد العالمية، مهددة بتأخير باهظ التكلفة لشركات تعاني بالفعل قيود كوفيد-19. وقالت "فيتش" "ستتوقف الخسائر في نهاية المطاف على الفترة الزمنية، التي تحتاج إليها شركة الإنقاذ لحلحلة "إيفر جيفن" كليا واستئناف حركة السفن الطبيعية، لكن "فيتش" تقدر أن الخسائر قد تصل ببساطة لمئات الملايين من اليورو". وكانت مصادر في القطاع قد قالت لـ"رويترز" الأربعاء إن الشركة المالكة والشركة المؤمنة على "إيفر جيفن" تواجهان تعويضات بملايين الدولارات حتى إذا تم تعويم السفينة سريعا. وأوضحت "فيتش" أن جزءا كبيرا من الخسائر من المرجح إعادة التأمين عليه من مجموعة عالمية من شركات إعادة التأمين مضيفة أن ذلك سيزيد الضغوط على أرباح النصف الأول من العام. وتعاني شركات التأمين وضعا صعبا بالفعل جراء كوارث طبيعية من بينها أعاصير الشتاء في الولايات المتحدة وفيضانات في أستراليا، فضلا عن الخسائر المرتبطة بجائحة كوفيد-19. وأعلنت هيئة قناة السويس المصرية أمس استئناف حركة الملاحة في القناة بعد إعادة تعويم سفينة الحاويات الضخمة، التي سدت الممر المائي لنحو أسبوع. وعلقت السفينة إيفر جيفن، التي يبلغ طولها 400 متر في قطاع جنوبي من القناة صباح الثلاثاء الماضي إثر رياح قوية، ما أدى إلى توقف حركة الشحن في أقصر طريق للشحن البحري بين أوروبا وآسيا. وبحسب "رويترز"، أظهرت لقطات مصورة بثت على الهواء مباشرة في محطة تلفزيون محلية السفينة تسير ببطء في وسط القناة محاطة بزوارق القطر بعد ظهر أمس. وذكرت قناة "إكسترا نيوز" التلفزيونية أن السفينة كانت تسير بسرعة 1.5 عقدة. وقال بيان لهيئة قناة السويس إن "الفريق أسامة ربيع رئيس الهيئة يعلن استئناف حركة الملاحة في قناة السويس بعد أن نجحت الهيئة في إنقاذ وتعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة إيفر جيفن". وبعد أعمال التكريك والشد تمكن عمال الإنقاذ التابعون لهيئة قناة السويس وفريق من شركة سميت سالفدج الهولندية من إعادة تعويم السفينة بشكل جزئي في وقت مبكر اليوم باستخدام قاطرات. وقال بيتر بيردوفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة بوسكاليس، وهي الشركة الأم لشركة سميت سالفدج، التي ساعدت في جهود تعويم السفينة الجانحة بعد إعادة تعويمها، "ضغط الوقت لإتمام هذه العملية كان واضحا وغير مسبوق". وقالت الشركة إنه تم تكريك نحو 30 ألف متر مكعب من الرمال لإعادة تعويم سفينة الحاويات، التي تزن 224 ألف طن، وإن 11 قاطرة وقاطرتين بحريتين قويتين استخدمت لسحب السفينة. وأكدت شركة إيفر جرين، التي تستأجر السفينة إيفر جيفن، أنه تم إعادة تعويم السفينة بنجاح وستوضع في بحيرة تقع بين قسمين من القناة لفحصها للتأكد من صلاحيتها للإبحار. وقالت شركة برنارد شولت شيب مانجمنت (بي.إس.إم) التي تتولي الإدارة الفنية لسفينة الحاويات إنه ليس هناك تقارير عن حدوث تلوث أو أضرار بالشحنة، كما أن التحقيقات الأولية تستبعد حدوث أي عطل ميكانيكي أو في المحرك كسبب لجنوح السفينة. وقال رئيس هيئة قناة السويس إن 400 سفينة على الأقل تنتظر عبور القناة ومن بينها عشرات من سفن الحاويات وسفن البضائع الصب وناقلات النفط وناقلات الغاز الطبيعي المسال أو غاز البترول المسال. وذكرت الهيئة في وقت سابق أنه سيكون بمقدورها تسريع مرور قوافل السفن عبر القناة بمجرد تعويم إيفر جيفن. وأضاف أن مرور السفن المنتظرة قد يستغرق ما يصل إلى ثلاثة أيام، وقال مصدر بالقناة إن أكثر من 100 سفينة ستتمكن من دخول القناة يوميا. لكن شركة ميرسك للشحن ذكرت أن الاضطرابات في نشاط الشحن العالمي "قد يستغرق زوالها أسابيع وربما عدة أشهر". وذكر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر أنهت الأزمة قائلا "بإعادة الأمور لمسارها الطبيعي، بأيد مصرية، يطمئن العالم أجمع على مسار بضائعه واحتياجاته التي يمررها هذا الشريان الملاحي المحوري". وارتفعت أسهم شركة إيفر جرين المؤجرة للسفينة والمدرجة في تايوان 1.75 في المائة عند الإغلاق بعد إعادة تعويم السفينة جزئيا في وقت سابق أمس. ويمر نحو 12 في المائة من حركة الشحن العالمية في قناة السويس وهي مصدر أساسي للعملة الصعبة لمصر. وتوقف حركة الملاحة يكبد القناة خسائر تراوح بين 14 و15 مليون دولار يوميا. وزادت أسعار الشحن لناقلات المنتجات النفطية إلى المثلين تقريبا بعد جنوح السفينة، وأثر غلق القناة في سلاسل الإمداد العالمية، ما يهدد بحدوث تأخيرات باهظة التكلفة للشركات، التي تعاني أصلا بسبب قيود كوفيد-19. وشركة ميرسك إحدى شركات الشحن، التي غيرت مسار شحناتها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، ما يعني زيادة فترة الرحلات بنحو أسبوعين ودفع تكاليف وقود إضافي. وانتهت أمس بنجاح عملية تعويم السفينة الجانحة منذ أسبوع في قناة السويس، واستؤنفت حركة الملاحة في الممر الملاحي الدولي، الذي أدى إغلاقه إلى خسائر بمليارات الدولارات. وقبل دقائق من إعلان ربيع تعويم السفينة وعودة الملاحة في الممر المائي الدولي، أظهرت مواقع تتبع السفينة، وقد عادت إلى الوضع العرضي في القناة. وبحسب "الفرنسية"، أوضح مصدر في قناة السويس طلب عدم ذكر اسمه أن "رياحا شديدة هبت أثناء مناورات التعويم فأعادت السفينة إلى وضع عرضي داخل القناة إلا أن القاطرات تمكنت من ضبط وضعها مجددا ثم تعويمها بالكامل وإعادتها إلى مسارها الصحيح مرة أخرى". بدأت فجر الإثنين عملية تعويم السفينة، التي تزيد حمولتها عن 200 ألف طن بمشاركة أكثر من عشر قاطرات من بينها القاطرة الهولندية إيه بي إل التي وصلت إلى القناة مساء الأحد. وأعلن ربيع صباحا أن عملية التعويم نجحت في "تعديل مسار السفينة 80 في المائة وابتعاد مؤخرة السفينة عن الشط بمسافة 102 متر بدلا من أربعة أمتار". واختير توقيت استئناف عمليات الشد والقطر ليتزامن، بحسب ربيع، مع "زيادة منسوب المياه (في القناة) إلى أقصى ارتفاع لها بدءا من الساعة الـ11 والنصف (التاسعة والنصف بتوقيت جرينتش)". وقال ربيع إن القناة ستعمل "على مدار 24 ساعة" لتتمكن السفن المنتظرة وعددها 425 بحسب موقع "لويدز ليست"، من العبور في أسرع وقت ممكن. وجنحت سفينة الحاويات "إم في إيفر جيفن" وتوقفت في عرض مجرى قناة السويس صباح الثلاثاء فأغلقته بالكامل، ما عطل الملاحة في الاتجاهين. وكانت السفينة البالغ طولها 400 متر وعرضها 59 مترا وحمولتها الإجمالية 224 ألف طن، تقوم برحلة من الصين إلى روتردام في هولندا. وأدى تعطل الملاحة إلى ازدحام مروري في القناة وتشكل طابور انتظار طويل والتسبب بتأخير بالغ في عمليات تسليم النفط ومنتجات أخرى. وأشار تقرير لشركة أليانز للتأمين إلى أن اليوم في تعطل نقل البضائع، نتيجة وقف الملاحة بالقناة، "يكلف التجارة العالمية من ستة إلى عشرة مليارات دولار". وقالت شركة "لويدز ليست" إن الغلق يعوق شحنات تقدر بنحو 9.6 مليار دولار يوميا بين آسيا وأوروبا. وأشارت "لويدز ليست" إلى أن "الحسابات التقريبية" تفيد بأن حركة السفن اليومية من آسيا إلى أوروبا تقدر بنحو 5.1 مليار دولار ومن أوروبا إلى آسيا تقدر بنحو 4.5 مليار دولار. من جهته، قدر ربيع السبت الخسائر اليومية لقناة السويس بسبب تعطل الملاحة بين 12 و14 مليون دولار. والسبت عمدت وزارة النفط السورية إلى "ترشيد توزيع الكميات المتوافرة من المشتقات النفطية" لتجنب انقطاعها، بعدما تأخر وصول ناقلة كانت تحمل النفط ومشتقات نفطية إلى البلاد بسبب إغلاق قناة السويس. وأعلنت وكالة الصحة الحيوانية في رومانيا السبت أن 11 سفينة محملة بالماشية تأثرت بتعطل حركة العبور. وحذرت منظمة "أنيمالز إنترناشونال" غير الحكومية من "مأساة" محتملة تهدد نحو 130 ألف حيوان. إلا أن وزارة الزراعة المصرية أفادت في بيان نشر على صفحة الوزارة على موقع فيسبوك أنها قررت إرسال فرق خدمات بيطرية وتقديم الأعلاف لها على ظهر السفن "حفاظا على صحة هذه المواشي القادمة من أوروبا إلى الأردن والسعودية". وقبل تعويم السفينة، قررت شركات ملاحية كبرى مثل ميرسك الدنماركية أو الشركة العامة الملاحية (سيه إم آه سيه جيه إم) الفرنسية تحويل بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، الذي يتطلب الدوران حول قارة إفريقيا وهو ما يعني ستة آلاف كيلو متر إضافية إلى الرحلة بين سنغافورة وروتردام على سبيل المثال. وأوضح متحدث باسم الشركة الفرنسية لفرانس برس أن "المجموعة قررت تحويل خط سير اثنتين من سفنها المتجهة إلى آسيا إلى رأس الرجاء الصالح وتدرس خيارات أخرى لعملائها من بينها نقل البضائع على متن طائرات أو عبر خطوط السكك الحديدية".
مشاركة :