يبدو أن مساعي تشكيل حكومة جديدة في لبنان قد عادت إلى مرحلة الانسداد الكامل، بعد أن فشلت المبادرات الداخلية، التي واكبت تحركاً دبوماسياً غربياً ـ خليجياً شهدته بيروت في الأيام الماضية. وبدا أن المشكلة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تجاوزت مرحلة انعدام الثقة لتصل إلى مرحلة عدم القبول. فبعد مقابلة لعون مع صحيفة "الجمهورية" تحدث فيها عن "تغير" الحريري وسرد بعض محطات التي سبقت ولحقت "انفجار الاثنين الكبير"، محملاً زعيم تيار المستقبل مسؤولية التعطيل وتصاعد الخلاف، غرّد الحريري عبر "تويتر" كاتباً "وصلت الرسالة... لا داعي للرد. نسأل الله الرأفة باللبنانيين". وسئلت مصادر مطلعة عما قصده الحريري بالرسالة فأجاب، أن عون طلب في المقابلة الصحافية التي نشرت، أمس، أن يلتقي الحريري مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، وأن الرئيس المكلف لا يزال على موقفه سواء من رفضه الاعتذار عن التكليف أو من اللقاء مع باسيل الذي يترأس "التيار الوطني الحر" الذي يملك اكبر كتلة مسيحية في البرلمان. وكان عون قال في المقابلة: "لو كنا في وضع طبيعي ما كنت لأقبل بأن يتجاهل الحريري رئيس أكبر كتلة نيابية ويرفض الجلوس معه. ما هذه الخفة في التصرّف؟ والأنكى من ذلك، انّه يمتنع عن التحاور مع باسيل، ثم يطلب منه أن يمنح الثقة لحكومته. أي معادلة عجيبة هذه؟ إذا كان باسيل غير جدير بنيل ثقتك فكيف تشترط في المقابل أن يعطيك ثقته؟". واعتبر الرئيس اللبناني أن "الحريري أوجد عداوة غير مبرّرة مع باسيل، الذي لم يتعرّض له بالشخصي بتاتاً، وأتحدّى أن يكون قد وجّه أي إساءة الى الرئيس المكلّف، وإنما الحريري هو الذي يتهجّم عليه بمناسبة ومن دون مناسبة. وبصراحة، أنا متفاجئ كثيراً بهذا العداء الذي لا أجد تفسيراً محلياً له. وعلى كلٍ، جبران فولاذي ولا يتأثر بكل الحملات التي يتعرّض لها". وقال عون، انّه لاحظ أنّ الحريري "أصبح أخيراً غريب الأطوار، وكأنني لا أعرفه، على الرغم من أنني كنت قد احتضنته وتعاملت معه كوالده، وعندما سألته: ماذا جرى لك؟ أجابني: لقد تغيّرت". وعن الرسالة الشهيرة التي أبرزها الحريري بعد آخر لقاء بين الرجلين أوضح عون: "لم يحترم الحريري أيضاً الأصول في توزيع الحقائب على الطوائف. ومن المعروف أنّ هناك حقائب سيادية وخدماتية وعادية، دائماً كانت تُوزع بطريقة دقيقة تراعي التوازنات، لكنه لم يراع هذا المبدأ. ولذلك اقترحت عليه جدولاً منهجياً، في إطار التعاون وليس بغرض مصادرة صلاحياته، وقد أرفقته بورقة احترمتُ فيها اللياقات وأصول المخاطبة، إذ كتبتُ عليها، أنّ من المستحسن ملء الجدول، ولم أقل إنّه من المفروض أن يملأه". ورأى عون أنّ مشكلة الحريري هي أنه لا يزال يصرّ على تسمية الوزراء المسيحيين. وتعليقاً على المقابلة نقلت وكالة "المركزية" عن مصادر مسؤولة في بعبدا قولها: "ليس في موقف الرئيس عون ولا في منطقه ولا في فكره أي تحد او نكاية. كل المطلوب أن يقوم الرئيس المكلف بما تمليه عليه الصلاحيات الدستورية من تقديم تشكيلة تراعي التوازن ووحدة المعايير". في غضون ذك، حذر نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، أمس، من أن لبنان سيغرق مثل سفينة "تيتانيك" إذا لم يتمكن من تشكيل حكومة. ونقل تلفزيون "إم.تي.في" عن بري قوله في افتتاح جلسة للبرلمان: "البلد كله بخطر إذا لم تتألف حكومة وسنغرق كسفينة تيتانيك من دون استثناء". ووافق البرلمان أمس على قرض بقيمة 200 مليون دولار يخصص لمصلحة واردات الوقود اللازمة لتوليد الكهرباء. وجاءت موافقة المجلس على القرض، بعد أن قال وزير الطاقة، إنه لم تعد هناك أموال للواردات بعد مارس. وأغلقت محطة الزهراني للكهرباء، وهي أحد منتجي الكهرباء الأربعة الرئيسيين في لبنان، بعد نفاد الوقود لديها. جنبلاط «خائف» من الفوضى ويستذكر الـ 75 عبّر الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، في تصريحات لصحيفة النهار نشرت أمس عن تخوّفه من الفوضى، وقال: "اليوم أنا خائف أكثر من الماضي، خائف من الفوضى عندما أتذكر ما جرى في 1975 وكيف انزلقنا إلى الحرب". الى ذلك، اعتبر النائب جميل السيد، في تصريح بعد الجلسة العامة لمجلس النواب في قصر الأونيسكو، التي تم خلالها إقرار قانون استعادة الاموال المنهوبة، أنّ "ما يحصل هو مسرحيّة، ونحن نكذب على أنفسنا جوّا ونكذب على الأمم"، وتوجه الى الشعب اللبناني بالقول: "نحن نكذب عليكم. نحن عم نبلفكم (نخدعكم)". ولفت إلى أن النواب أقروا قانون استعادة الأموال المنهوبة، وهو قانون مرتبط بالهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد "أي أنّنا ربطنا ما سيحصل بما لم يحصل"، في إشارة الى أن الهيئة لم تشكّل بعد.
مشاركة :