عادت حركة الملاحة مجدداً إلى قناة السويس، بعد نجاح تعويم سفينة الحاويات الضخمة، التي سدت القناة قرابة أسبوع، وأشاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بـ»نجاح المصريين في إنهاء هذه الأزمة»، التي يبدو أنها ستكون لها تداعيات كبيرة تستمر شهوراً، وخسائر مادية ضخمة تنتظر شركات إعادة التأمين. في اليوم السابع، انتهت أزمة إغلاق قناة السويس، واستؤنفت حركة الملاحة في القناة الأهم عالميا، بعد إعادة تعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة «إيفر غيفن»، التي جنحت وتوقفت في عرض مجرى القناة منذ صباح الثلاثاء الماضي فأغلقته بالكامل، ما عطل الملاحة في الاتجاهين. وأعلن رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، أمس، استئناف حركة الملاحة في القناة بعد نجاح الهيئة بإمكاناتها في إنقاذ وتعويم سفينة الحاويات البالغ طولها 400 متر وعرضها 59 مترا وحمولتها الإجمالية 224 ألف طن، بنجاح، بعد استجابتها لمناورات الشد والقطر التي أجرتها الهيئة بمساعدة شركات أجنبية. من ناحيتها، أكدت شركة «إيفر غيفن»، المشغلة لسفينة الحاويات، نجاح إعادة تعويمها، مشيرة الى أن «نتيجة الفحص ستحدد ما إذا كان يمكن للسفينة استئناف خدماتها المقررة». وبثت قناة «اكسترا نيوز» المحلية بثا مباشرا للسفينة بعد تعويمها وأثناء تحركها داخل القناة. وقبل دقائق من إعلان ربيع تعويم السفينة وعودة الملاحة في الممر المائي الدولي، أظهرت مواقع السفينة وقد عادت الى الوضع العرضي في القناة. وأوضح مصدر في القناة، طلب عدم ذكر اسمه، أن «رياحا شديدة هبت أثناء مناورات التعويم فأعادت السفينة إلى وضع عرضي داخل القناة، إلا أن القاطرات تمكنت من ضبط وضعها مجددا ثم تعويمها بالكامل وإعادتها إلى مسارها الصحيح مرة أخرى». وفي وقت سابق، وجه رئيس هيئة القناة رسالة طمأنة للمجتمع الملاحي الدولي باستئناف حركة الملاحة مرة أخرى، مشيدا برجال الهيئة «الأبطال» الذين قاموا بهذا العمل العظيم. وبعد إعادة فتح القناة، ارتفع على السطح الحديث عن المدى الزمني لعبور السفن المنتظرة عند مداخل القناة، إذ أعلن الفريق ربيع أن عبور السفن المنتظرة عند مداخل القناة سيستغرق 3.5 أيام تقريبا، ولإنجاز هذه المهمة سيتم العمل في القناة على مدار 24 ساعة، عقب تعويم السفينة. وتوجد أكثر من 360 سفينة عالقة بسبب إغلاق المجرى، بينها نحو 40 سفينة داخل المجرى نفسه، وتحديدا في منطقة البحيرات المرة، إلا أن الأولوية كانت لجر «إيفر غيفن» إلى منطقة البحيرات لفحصها الفني، من أجل التأكد من سلامتها الملاحية وعدم تضررها، والكشف عن سبب انحرافها لتحديد المسؤولية عن الحادث. السيسي بدوره، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إن المصريين نجحوا في إنهاء أزمة السفينة وإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي، مضيفا: «لقد نجح المصريون في إنهاء أزمة السفينة الجانحة بقناة السويس رغم التعقيد الفني الهائل الذي أحاط بهذه العملية من كل جانب، وبإعادة الأمور لمسارها الطبيعي، بأيد مصرية، يطمئن العالم أجمع على مسار بضائعه واحتياجاته التي يمررها هذا الشريان الملاحي المحوري». وتابع السيسي، عبر صفحته على «فيسبوك»، «إنني أتوجه بالشكر لكل مصري مخلص ساهم فنيا وعمليا في إنهاء هذه الأزمة»، مضيفا: «لقد أثبت المصريون أنهم على قدر المسؤولية دوما، وأن القناة التي حفروها بأجساد أجدادهم ودافعوا عن حق مصر فيها بأرواح آبائهم ستظل شاهدا على أن الإرادة المصرية ستمضي إلى حيث يقرر المصريون». مميش من جهته، ذكر مستشار الرئيس المصري لهيئة قناة السويس والموانئ مهاب مميش ان «السفينة الآن في الماء بصورة كاملة، بعد نجاح رجال هيئة قناة السويس في تحريكها من موقعها»، مؤكدا أن «القناة الآن مفتوحة تماما ولا تعوقها السفينة كما كان في الأيام الماضية». ووفقا لمميش فإن السفينة ستخضع لفحص فني شامل حتى تحصل على تصديق بالتحرك والمرور، موضحا أن الفرق الفنية تتولى أعمال الكشف والمتابعة للسفينة قبل تحريكها بصورة كاملة، مشددا على ضرورة «الاستفادة من تجربة جنوح إيفر غيفن». الشامي إلى ذلك، أفاد مستشار النقل البحري خبير اقتصاديات النقل البحري، أحمد الشامي، لـ«الجريدة»، بأن أزمة إغلاق القناة انتهت وتمت إعادة فتح المجرى الملاحي، لافتا إلى أن إعادة الفتح ستؤدي إلى وضع جديد لإنهاء تبعات إغلاق القناة لنحو أسبوع، مع تكدس السفن على مداخل القناة، الأمر الذي يعني «أن أمامنا ما لا يقل عن أسبوع لإعادة الأمور إلى طبيعتها في المجرى الملاحي مجددا». وتابع الشامي: «الطاقة القصوى للعبور في القناة هي 97 سفينة في اليوم الواحد، ويوجد عبور يومي بمقدار 50 سفينة يوميا، فضلا عن وجود أكثر من 300 سفينة في وضع الانتظار بسبب أيام غلق القناة، ما يعني أن هيئة القناة إذا بدأت الملاحة الثلاثاء فيجب أن تعمل بالطاقة القصوى، وهو وضع غير مسبوق، لمدة أسبوع كامل، لإنهاء وضع انتظار السفن عند مدخلي القناة، وأسبوعين أو أكثر إذا تم العمل بالطاقة الاعتيادية». وأشار إلى أن «هناك أزمة ستواجه هيئة القناة عند وضع قاعدة لعبور السفن الموجودة في وضع الانتظار، فهناك حل من اثنين، الأول هو الالتزام بالدور، أي السفن التي جاءت أولا تعبر أولا، وهنا ستظهر مشكلة وجود سفن تحمل شحنات غذائية وحيوانات حية تحتاج إلى التحرك بسرعة، وهنا سنجد أنفسنا أمام معضلة». وأكدت شركة «برنارد شولت شيب مانجمنت» (بي.إس.إم) التي تتولى الإدارة الفنية للسفينة أن الأخيرة ستخضع لعملية فحص شامل. وأضافت الشركة في بيان: «لا تقارير عن حدوث تلوث أو أضرار بالشحنة، وتستبعد التحقيقات الأولية حدوث أي عطل ميكانيكي أو في المحرك كسبب لجنوح السفينة». أنفاق القناة في سياق متصل، شدد المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري على عدم صحة الأنباء التي ترددت حول تأثر أنفاق قناة السويس بأعمال التكريك التي تمت حول السفينة الجانحة، مشددا على أن الأنفاق بعيدة تماما عن المنطقة التي تمت بها أعمال التكريك، وهذه المنطقة لا يتواجد بها أي أنفاق، وأعمال التكريك تمت بطريقة آمنة، وروعي فيها أقصى معايير الأمان الملاحي. «ميرسك» إلى ذلك، أعلنت مجموعة «ميرسك» للشحن، وهي أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم، في بيان استشاري للعملاء نشر أمس، أن جنوح «ايفر غيفن» أدى إلى عرقلة قطاع الشحن الدولي، وهو أمر قد لا يزول أثره قبل أسابيع وربما شهور. وتمر نحو 30 في المئة من إجمالي حركة الشحن بالحاويات في العالم يوميا عبر قناة السويس، البالغ طولها 193 كيلومترا، وتنقل بضائع مثل الأرائك والإلكترونيات والملابس والأحذية، كما أن الحاويات الفارغة التي تحتاجها المصانع الآسيوية لشحن منتجاتها تعطلت أيضا أثناء توقف الملاحة في الممر المائي. وقالت «ميرسك»: «حتى بعد إعادة فتح القناة، الآثار المضاعفة على القدرة والمعدات العالمية كبيرة»، مشيرة الى أن لها 3 سفن عالقة في القناة بخلاف 29 أخرى تنتظر الدخول، مضيفة أنها غيرت حتى الآن مسارات 15 سفينة لتبحر بدلا من ذلك جنوبي القارة الافريقية، «وبتقييم وضع التكدس الحالي للسفن، قد يستغرق عبور كامل الصف 6 أيام أو أكثر». من ناحيتها، أفادت شركة «إم إس سي السويسرية»، ثاني أكبر شركة شحن في العالم، في تصريحات منفصلة، بأن الموقف «سيتسبب في أحد أكبر الاضطرابات لحركة التجارة العالمية في السنوات الماضية». فيتش من جهتها، اعتبرت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية أن سد واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم قناة السويس قد يكبد قطاع إعادة التأمين مئات الملايين من اليوروهات، مبينة ان إغلاق قناة السويس سيقلص أرباح شركات إعادة التأمين العالمية، لكن لن يؤثر كثيرا على أوضاعها الائتمانية، في حين أن أسعار إعادة التأمين البحرية سترتفع أكثر. وارتفعت أسعار الشحن على متن ناقلات منتجات النفط إلى ما يقرب من مثليها، بعد أن توقفت حركة السفن وتعطلت سلاسل الإمداد العالمية، مهددة بتأخير باهظ التكلفة لشركات تعاني بالفعل من قيود «كوفيد 19». وذكرت «فيتش» أن «الخسائر ستتوقف في نهاية المطاف بعد استئناف حركة السفن الطبيعية»، لكنها تقدر أن الخسائر قد تصل ببساطة الى «مئات الملايين من اليوروهات». وكانت مصادر في القطاع قالت لـ«رويترز» إن الشركة المالكة والشركة المؤمنة على «إيفر غيفن» تواجهان تعويضات بملايين الدولارات حتى إذا تم تعويم السفينة سريعا. أسهم الخليج ترتفع... والنفط متقلب صعدت معظم أسواق الأسهم في الشرق الأوسط، أمس، على خلفية التقلبات في أسواق النفط، وذلك قبل تحرير سفينة الحاويات التي كانت تسد قناة السويس منذ أسبوع. وحققت كل من السعودية وعُمان والبحرين ودبي وأبوظبي وقطر نمواً، بينما تراجع مؤشر بورصة الكويت، لكن كمية الأسهم المتداولة كانت أقل من المتوسط في معظم البورصات. على صعيد النفط، هبطت العقود الآجلة للنفط في تداولات الصباح بأكثر من 1 بالمئة بعد أنباء تعويم السفينة العالقة في قناة السويس. وهبط برنت إلى 63.77 دولارا للبرميل والخام الأميركي إلى 60.22 دولارا. وكان خام برنت قد حقق بالكاد مكاسب الأسبوع الماضي، ليغلق عند 64.57 دولارًا للبرميل بعد عدة أيام من التقلب الشديد، متوقفًا عن الانخفاض لأسبوعين.
مشاركة :