لقد نجح جورج واشنطن في تبني مفهوم الدولة الحديثة المدنية المتعايشة عندما قال «نريد أن نبني دولة قانون لا دولة أشخاص». فاليوم يمر البلد باحتقان سياسي، يغلب عليه الطابع الشخصي بين أقطاب تتناحر لمصلحة شخصية، لا من أجل المصلحة العامة، فنشهد ساحة متوترة اعلاميا وظروفا استثنائية عالمية صحية، في ظل أزمة كورونا التي لا نزال نعاني من آثارها وما يترتب عليها اقتصادياً، فنجد انشقاقا بصفوفنا لمن يدعي بأنه يميل الى الكويت، وينتهج نهجاً يجرنا بالتخلف بتسميات يتكسب بها سياسياً، واصفاً نفسه بابن البلد أو الوطني أو ابن القبيلة أو ابن المذهب والعرق، كل تلك التصنيفات ضيعتنا كمواطنين ومنعت تجانسنا، فالمنطقة تتناحر نتيجة تلك التصنيفات، وفي هذه الظروف التي نشهدها اليوم نجدنا نتفرق ليتكسب هؤلاء على حساب الوطن أو الشعارات البطولية التي عجز المواطن عن تصديقها، فما يمر به البلد من عسارة اقتصادية يجعلنا نجد أن التفكير بواقعية أمام المحنة الاقتصادية التي تعد أقوى من أي مصلحة فردية. فأصبح من الضرورة أن نتبنى منهجا جديدا يتسم بالعقلية المتعايشة الاقتصادية، فالتناحرات والصراعات لن تفيد الوطن، وصراع الاقطاب السياسية في السياسات المتطورة هو منهج فاشل ويدمر البلدان، فهناك أمثلة عديدة في محيطنا الاقليمي، وشهدت شخصياً التجربة السياسية، وكنت جزءاً من المشهد السياسي في المرحلة السابقة، والذي أطمح وأتمنى أن يتطور ليحترم التعايش في هذا الوطن، فالمواطن أولوياته تختلف تماما عن الشخصانية في التشريع بالقوانين، فعندما يكون منظور المشرع السياسي هو التطور ينعكس ذلك على القوانين التي تنعم بحياة المواطن وتبعده عن الأساليب غير المشروعة لكسب حاجاته اليومية. ولكن نشهد في هذه الفترة مرحلة يكثر بها تلفيق سياسي وفوضى من الأطراف المتناحرة سياسياً، حتى يحاولوا سدل الستار عن الحقائق، فنجد من يحاول الإقصاء وكأن الكويت تضم فقط هؤلاء، والقضية اليوم هي بقاء وطن للجميع يتحدى ويسهم في رفعة الجميع، لينعم الجميع بخيراته بعدالة ومن دون تحيّز لفئة ضد أخرى، وفي ظل التضخم بالأسعار ومعاناة الاسرة من الاعباء المادية لتأمين الاحتياجات المهمة، مثل الصحة والتعليم المتطور والمسكن الملائم، فالانشغال بالاحتقان وإلغاء المنطق وتصغير القضايا العامة وتحويلها الى صراعات أشخاص أمر غير مقبول، ولا يتسق مع مفاهيم الدولة الحديثة ويرجع الوطن إلى الخلف، فهناك من المخلصين من يعمل بهدوء ليرفع البلد ليواجه التحديات العالمية ويؤمن بالخير للعامة ويحارب التصنيفات التي تشقنا أجزاءً.
مشاركة :