انتقدت مجلة «نيوزويك» الأمريكية النهج الذي تتبعه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في التعامل مع دول الشرق الأوسط، مؤكدة أن تلك المنطقة تمثل فرصة للعلاقات بين واشنطن وبكين، كما كانت أوروبا الحل الوسط أيام الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.وبحسب مقال لـ «جوشوا جهاني»، المحاضر في جامعتي كورنيل ونيويورك ومستشار مجلس إدارة أحد بنوك الاستثمار، فإن الخطوات الأولى التي انتهجها الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط، من محاولة إحياء وتوسيع الاتفاق النووي الإيراني وإصدار تقرير مثير للجدل وغير حاسم عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي، تتجاهل الصورة الأكبر للمنطقة التي تقود العالم للخروج من الوباء.حجر الزاويةومضى يقول: توفر دول الخليج وإسرائيل على وجه الخصوص فرصة للولايات المتحدة للمشاركة في الاقتصاد العالمي الذي سيكون أكثر تركيزًا على الشرق الأوسط؛ مما كان عليه قبل فيروس كورونا. يجب أن يكون هذا المستقبل حجر الزاوية في سياسة واشنطن.وأردف يقول: هدد وباء كورونا الاقتصادات الناضجة في الولايات المتحدة وأوروبا، وعجّل من صعود الصين الحتمي، وأعطى الفرصة لدول المنطقة التي غالبًا ما تكون أكثر مرونة وقدرة على التكيف.وأضاف: هناك عدد قليل من الدول في العالم التي وضعت الوباء وراء ظهورها تقريبًا، وهي على علاقة جيدة مع كل من الولايات المتحدة والصين. هذه هي الدول التي من المقرر أن تقود العالم في القرن الـ21. هذه الدول موجودة حصريًا في الشرق الأوسط.وبحسب الكاتب، يمثل صعود الشرق الأوسط كبوابة بين الولايات المتحدة والصين فرصة لبايدن لإعادة التعامل مع بكين من خلال الأراضي المحايدة لإسرائيل ودول الخليج.وأردف: لا ينبغي لبايدن أن يخشى الاحتفال والبناء على التقدم الدبلوماسي الذي تحقق في ظل إدارة ترامب حتى نهاية الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي واتفاقيات إبراهيم.أوروبا الجديدةومضى يقول: تعيد الروابط الدبلوماسية والتجارية المتزايدة في المنطقة، ومرونتها في مواجهة الوباء، التأكيد على تصريح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2018 بأن الشرق الأوسط يمكن أن يصبح «أوروبا الجديدة».وتابع: قد يكون وباء كورونا علامة فارقة، حيث أصبح هذا الاحتمال أكثر وضوحًا، لا سيما أن أوروبا تكافح من أجل تشكيل إستراتيجية متماسكة للخروج من الوباء.ومضى يقول: إن كونك «أوروبا الجديدة» هو أمر يدفع قادة الشرق الأوسط إلى تحقيقه بشكل مفهوم، لا سيما في ضوء علاقاتهم مع كل من واشنطن وبكين.وأردف يقول: كانت أوروبا هي الحل الوسط للحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، أما الشرق الأوسط فهو للعلاقة بين الصين وأمريكا جيوسياسيًا وسياسيًا واقتصاديًا.ونوّه إلى أن هذا الوضع يستعد الشرق الأوسط لاستغلاله، مضيفًا: بينما أثر الوباء بشكل كبير على المدن الأمريكية الكبرى، تطورت منطقة الشرق الأوسط من خلاله، حيث إن استثمارات المنطقة في التكنولوجيا والبنية التحتية والنمو جعلت منها البوابة الجديدة بين الشرق والغرب.تجاهل الإنجازاتوأردف يقول: بدلًا من الاستمرار في محاربة صراعات الأمس، وتجاهل إنجازات اليوم، والتي قد تركّز على النأي بالنفس عن سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب، يجب على بايدن أن يصوغ السياسة على أساس حقيقة أن الشرق الأوسط ينتقل من القرن الـ20 المحدد بالصراع إلى القرن الـ21، حيث يُعد طريق الحرير مرة أخرى المركز الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي للعالم.وشدد على أن هذا هو المستقبل الذي يتقدم فيه الشرق الأوسط بسرعة، مشيرًا إلى أن 3 من البلدان السبعة الأولى التي حصلت على أكبر عدد من التطعيمات موجودة في الشرق الأوسط.وأردف: إضافة إلى حملة التلقيح الناجحة، ظلت معدلات الوفيات الإجمالية في هذه البلدان وغيرها في المنطقة منخفضة بسبب فيروس كورونا.وتابع: كل هذا بينما ظلت الصناعات الرئيسية، بما في ذلك السياحة، مفتوحة في كثير من الأحيان. هذا النجاح ليس صدفة. إنها نتيجة التفكير والتخطيط المستقبلي على المدى الطويل.ومضى يقول: تعمل السعودية على مضاعفة إيراداتها غير النفطية 3 مرات تقريبًا وتستثمر المليارات في مدن مستقبلية مثل «نيوم» و«ذا لاين».موت المدنوأردف: كما أكملت الإمارات بنجاح مهمة إلى المريخ خلال الوباء، وأعلنت مؤخرًا عن خطط لمضاعفة عدد سكان دبي تقريبًا، بينما يناقش المعلّقون في لندن ونيويورك «موت المدن».وأضاف: تستفيد اقتصادات الخليج أيضًا من انخفاض نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي الإجمالي، مما سيسمح لها بالحفاظ على النمو بينما تكافح الاقتصادات الأكثر نموًا واستدانة في أعقاب الوباء.وتابع: لدى الولايات المتحدة حاليًا نسبة دين إلى إجمالي الناتج المحلي تزيد على 100%، بينما في السعودية والإمارات، تقترب نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 30%، مما يعني أن تلك الحكومات ستتمتع بقوة شرائية في المستقبل للمشاريع العامة والخاصة.وبحسب الكاتب، تنشغل الصين ببناء روابط أعمق في المنطقة، حيث ممارسة الأعمال التجارية أكثر أهمية من الحديث عن السياسة.إرث بايدنوأضاف: من المهم بالنسبة لإرث بايدن أن يفعل صانعو السياسات والمستثمرون الأمريكيون الشيء نفسه، وأن يعززوا الروابط الثقافية والاقتصادية مع الشرق الأوسط الجديد.وأردف: حتى يومنا هذا، فإن العديد من القادة السياسيين ورجال الأعمال في الولايات المتحدة يتأثرون بدوافع أثرت على الإجراءات بينهم وبين الشرق الأوسط في بداية الألفية. بعد 20 عامًا، يتطلع قادة المنطقة وسكانها إلى المستقبل وليس الماضي.وتابع بقوله: يجب على البيت الأبيض أن يفعل الشيء نفسه، وأن يتقبّل أن البلدان الشابة الأقل كثافة سكانية تعاملت مع الوباء بشكل أفضل من الولايات المتحدة، كما يجب أن يتكيّف مع صعود الصين، من خلال استخدام الأرض المحايدة في الشرق الأوسط لزيادة التعاون مع بكين.واختتم بقوله: لقد حان الوقت لأن ينظر أي رئيس أمريكي إلى الشرق الأوسط من أجل ريادة الأعمال والقدرة على التكيّف والحوكمة الإلكترونية، إضافة إلى نفطه.
مشاركة :