بعد مرور 10 سنوات على "الحرب الأهلية في سوريا" المُلحقة بثورات الربيع العربي منذ مارس 2011, وأثمرت عن (380.000 قتيل، بينهم 116.000 مدني، و 22.000 طفل)، أجرى ألكسندر ديل فالي أستاذ العلوم الجيو سياسية والعلاقات الدولية، حوارا مع السياسية السورية "رندا قسيس" رئيس منصة أستانا السياسية نُشر على موقع valeurs باللغة الفرنسية.ترى راندا قسيس مثل الكثير من المعارضين، أن بقاء بشار الأسد على رأس النظام هو أصل الأزمة، وتُشدد على ضرورة إنشاء لجنة دستورية، خاصة بـ "صياغة دستور جديد"، لتسهيل عملية السلام، وبسؤالها بصفتها معارضة لبشار الأسد، ما تعليقها على الأوضاع داخل سوريا، مع حلول الذكرى العاشرة على الحرب الأهلية السورية، بالإضافة إلى ما سعت إليه الجماعات الإرهابية من تحويل البلاد إلى أرض للخلافة؟ أفادت قسيس بأن الأوضاع هناك تصيبها بحزن شديد، فالدولة مُفلسة تمامًا، فقد خسر الجميع، بمن فيهم بشار الأسد، وأصبح الآن يحكم دولة مدمرة، يعاني سكانها من المجاعة ولم يعودوا قادرين على الحصول على احتياجاتهم الأساسية، كما تقف العقوبات الأمريكية والدولية كعائق أمام أي محاولات لإعادة إعمار الدولة، وبذلك ستبقي الدولة في حالة خراب.وبسؤالها عن "قانون قيصر"، الذي يعاقب الدول الداعمة للنظام، هل يؤثر على المواطنين وعلى إعادة الإعمار في سوريا؟، تقول قسيس، للأسف نعم، ولكن هو السبيل الوحيد لجعل روسيا تفكر بطرق أخرى غير الدعم المشروط لبشار الأسد لإعمار سوريا، فبدون العقوبات سيبقى بشار في السلطة ويليه أيضًا "ابنه"، وهذا يجعل السلام مستحيلا. وبالطبع أيضًا لا يعني هذا أن بشار سيرحل سريعًا مثل خصوم آخرين. وفكرتي عن اللجنة الدستورية هي إنشاء دستور جديد من قبل جميع الجهات الفاعلة دون استثناء، ولو كان بشار يتمتع بالذكاء لكان قد اجتاز دستور جديد يضمن حرية التعبير الاجتماعية، والسياسية.وبسؤالها عن رحيل بشار الأسد هل هوغير واقعي اليوم؟، قالت إنه يجب على المعارضة أن تعدل من مواقفها، أيضًا الغرب الذي أخطأ برغبته في بدء عملية سياسية مع الجنود السوريون الذين انشقوا عن جيوشهم، فالخائن مرة بإمكانه الخيانة مرة أخرى، وعلى روسيا أن تدرك أن بشار الأسد حليف ضعيف لا طائل منه، وليس لديه أية أفكار لإعادة إعمار سوريا، فهو لم يفكر في شيء.وبسؤالها.. ماذا عن القاعدة وداعش في سوريا؟، أجابت قائله، إنهم لازالوا متمركزين في الشمال، يتعاون معهم القوات المتمردة السنية في المنطقة الخاضعة للسيطرة التركية (إدلب) بضوء أخضر من الجيش التركي، أما داعش فتبقى قادرة كما في العراق على العودة إلى مناطق معينة على الرغم من أنني أشك في أنهم سوف يتمكنوا من إنشاء دولة لهم.وعن المتطوعين الجهاديين الذين كانوا ينضمون إلى جماعات متطرفة في سوريا؟ أجابت رئيس منصة استانا أن هذه مشكلة حقيقية، فالأكراد لا يريدون السماح لهم بالعيش وسطهم، وسوريا لا تقبل وجودهم في الوطن، فالجميع يريد التخلص منهم، ولكن نظرًا لعدم وجود دليل على إدانتهم ينبغي محاكمتهم في الدول الأوروبية، بتهمة "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" وهي التهمة الموجهة للمنضمين إلى داعش والقاعدة باستثناء الأطفال.وبسؤالها.. عن إذا ما كان بالإمكان وجود أمل في عملية سياسية ناجحة؟، أجابت أنه، لسوء الحظ، لم تنجح أي عملية سياسية حتى الآن.. حتى الأمم المتحدة لم تقدم أي شيء، وهذا كان متوقعًا لأن مبعوث الأمم المتحدة الخاص غير بيدرسون التالي بعد ميستورا استأنف نفس مسيرته المحكوم عليها بالفشل، فهو مبعوث بدون أفكار، وبدون طاقة، وبدون خطة بديلة، الوضع سيء للغاية، فقد كان بإمكان موسكو لم شمل السوريين بعد وضع دستور جديد يضمن تعددية حقيقية يرفضها حليفها بشار الأسد.وعن تحديد "الجهات السياسية" المسئولة عن تلك الكارثة السياسية؟ أفادت قسيس، بأن المسئولية مشتركة بين الجميع، فخطأ الغرب هو القيام بالنقاش مع محور واحد في الأزمة، ففي أغلب المفاوضات قامت تركيا بدعم بعض الجماعات التابعة لها وبذلك لم يستطع الأكراد تقديم ما لديهم، فقد دعمت تركيا جماعات متطرفة ترفض الاعتراف بالقوى التعددية وقامت بإفشال عمليات السلم، بل وقامت باستخدام تلك الجماعات كمرتزقة في ليبيا وغيرها من الدول، أما بالنسبة لروسيا، فإن رغبة بوتين في الحفاظ على تحالفه مع أردوغان يمنع أي عملية سياسية من النجاح، وأخيرًا فإن مسئولية الكارثة التي تعيشها سوريا اليوم يتقاسمها كلًا من بشار الأسد الذي يهتم فقط بالحفاظ على السلطة والجماعات المتطرفة في الدولة التي تدعمها كل من تركيا وقطر، ولكن بشار الأسد هو المسئول الأول عن تلك الفوضى بسبب ما فعله مع المتظاهرين السلميين في عام 2011، فإن الحرب الأهلية التي عاشتها سوريا تسببت في سقوط العديد من القتلى بما في ذلك من تلك الجماعات المتطرفة التي ساهمت في تطور تلك الحرب.جدير بالذكر أن رندا قسيس هي أيضًا رئيسة حركة مجتمع تعددي (التي تجمع بين الأشخاص العلمانيين والمسيحيين والأكراد والعلويين والسنة، أي الأقليات العرقية والطائفية والأيديولوجية) والتي شاركت في العديد من محادثات جنيف ومفاوضات أخرى، بالإضافة إلى اهتمامها بالدفاع عن الأقليات في الوطن العربي، وقد ألهمت مبادراتها وكتاباتها كثيرًا روسيا والأمم الأمم المتحدة، ولا سيما كتاباتها الخاصة بـ "محادثات أستانا"، ورندا قسيس هي أيضًا رئيسة منظمة أدهوك AD-HOC ومقرها لندن، وهي واحدة من المنظمات الثقافية العربية والدولية المحاربة للتطرف والداعية لتمكين المجتمعات لإقامة دول علمانية.
مشاركة :