تغمر قلوبنا الفرحة وتملأ أفئدتنا البهجة باقتراب شهر رمضان المبارك الذي تتنزل فيه الرحمات من رب البريات، أيامه كلها رحمة ومغفرة وعتق من النار، شهر الخيرات والطاعات والقربات والصدقات، شهر الصيام والقيام، شهر تضاعف به الحسنات وترفع به الدرجات، وتغفر فيه السيئات، ويجود الله سبحانه فيه لعباده بالكرامات والمعطيات. ورمضان شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، وينادى فيه كل ليلة بالمسارعة للخيرات والكف عن السيئات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كانَ أوَّلُ ليلةٍ من شَهْرِ رمضانَ: صُفِّدَتِ الشَّياطينُ ومرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقَت أبوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِّحَت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ، ويُنادي مُنادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِرْ وللَّهِ عُتقاءُ منَ النَّارِ، وذلكَ كلُّ لَيلةٍ». شهر طال انتظاره وله في القلوب اشتياق، وكيف لا نشتاق إليه وهو أفضل الشهور عند الله تعالى، وقد خصه سبحانه بخصائص ومميزات، ومنها نزول القرآن الكريم الذي هو كلام الرب جل وعلا وهو لنا هدى وصلاح وفلاح، قال تعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ»، ومن تمسك به قراءة وتدبراً وعملاً ظفر بسعادة الدنيا ونعيم الآخرة، من راحة بال وطمأنينة قلب وانشراح الصدر وذلك بالدنيا، ويفوز بالآخرة برضى الرب سبحانه وبدخول الجنة التي عرضها السماوات والأرض التي أعدت للمتقين، التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. كما بين سبحانه في محكم التنزيل أحكام الصيام تخفيفاً لعباده وتيسيراً لهم ورحمة بهم وحتى لا يقعوا في الحرج، قال تعالى: «فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ». ومن المهم لا سيما في شهر رمضان أن يعتني الصائم بأخلاقه وسلوكه، لأن فضل الأخلاق كبير وأثرها جميل على المتخلق بها، ويبلغ بها الإنسان الدرجات العالية والمنزلة الغالية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمنَ لَيُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصائمِ القائمِ»، فلنحرص على الأخلاق الفاضلة والسلوكيات الجميلة، فإنها سبب في محبة الله ومحبة خلقه سبحانه. ومن الجميل أن نحرص على اغتنام شهر رمضان المبارك ونعمر أوقاته بالطاعات والقربات، من خلال المحافظة على الفروض وقراءة القرآن والسنن الرواتب وأذكار اليوم والليلة والصدقة وغيرها من الطاعات المقربة إلى الرحمن، وأن نحرص على الابتعاد عما يكدر صفو هذا الشهر من المعاصي والآثام والتفريط في الأوقات وإضاعتها بالقيل والقال والغيبة والنميمة وغيرها من الأمور التي يجب تركها في كل الشهور ولا سيما في شهر رمضان المبارك. ومن الجميل كذلك والمهم ونحن على أعتاب شهر رمضان المبارك؛ أن نحرص أشد الحرص على تطهير القلوب من الحقد والحسد والتباغض والتنافر ومن كافة الشوائب، وأن نستصحب خلق العفو والتسامح، ونسعى في تأليف القلوب بالاعتذار والكلمة الطيبة، حتى ندخل رمضان وبيوتنا وعلاقاتنا تسودها الرحمة والمحبة والمودة. وعلى الأسرة أن تحث أبناءها على اغتنام شهر رمضان وأن تهيئ لهم الأسباب المعينة على ذلك، وعلى الآباء والأمهات الكرام تفقد أبنائهم وتوجيههم باستمرار، وأن يخصصوا أوقاتاً لمناقشة أبنائهم ومدارسهم وتعليمهم، فإن ذلك يجعل الأسرة أكثر تماسكاً وتسودها المحبة والألفة والرحمة. وأوصي أخواتي الكريمات وإخوتي الأكارم، بعدم إضاعة الأوقات وهدرها بالأمور الملهية عن اغتنام هذا الشهر الفضيل، وأن يقللوا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وأن يخصصوا أوقاتاً معينة لاستخدامها لأنها تضيع أوقاتنا غالباً بما لا ينفع، وشهر رمضان عجول سرعان ما ينقضي ويذهب؛ فالسعيد من وفّق لاغتنام لحظاته وساعاته. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبلغنا وقيادتنا الحكيمة وشعب الإمارات الوفي والأمة العربية والإسلامية شهر رمضان المبارك، ونحن في صحة وعافية وأمن وأمان واستقرار، وفي تقدم ورقي وازدهار، كما نسأله سبحانه أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يرفع عنا وعن العالمين الوباء؛ فإنه سبحانه مجيب الدعاء. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :