تسجل كتب الطب تاريخا محددا لظهور بعض الأمراض، لكن مومياوات فرعونية كتبت تاريخا جديدا لهذه الأمراض. الالتهاب السحائي مثلاً تمَّ تسجيل بدايات ظهوره في عام 1887، على يد أنطون فايكسيلباوم، العالم النمساوي المختص في دراسة الجراثيم، وتمَّ تسجيل بدايات ظهور السل عام 1546، بواسطة العالم الإيطالي جيرولامو فراكاستورو، لكن بفضل أبحاث على مومياوات فرعونية تمَّ وصف وتسجيل بعض هذه الأمراض عند الفراعنة. بينما تقوم الحكومة المصرية، السبت، بنقل مومياوات فرعونية من متحف التحرير إلى متحف الحضارة في الفسطاط، يرى البعض أنه من الأولى إعادة دفن هذه المومياوات، معتبرين أن عرضها في المتاحف يعد إهانة لأصحابها، ولكن المؤيدين لعرض المومياوات يرون أن عرضها نوع من الاعتراف المعنوي بقيمة أصحابها، إضافة إلى أن للمومياوات دور في إعادة كتابة تاريخ الأمراض باستخدام تقنية التصوير المقطعي المحوسب. وكانت صورة الأشعة في الماضي تعتمد على وجود كثافة بالعضلات ومحتوى مائي بالأنسجة، وهو ليس متاحاً في المومياوات الفرعونية، لكن "التصوير المقطعي المحوسب" يتيح بناء صورة ثلاثية الأبعاد عالية الدقة للمومياء باستخدام برامج تحوّل عملية المسح الضوئي لأجزاء المومياء إلى شيء مرئي. السل والسرطان ويدين العلماء بالولاء لهذه التقنية المهمة في تسجيل أقدم إصابة بالسل في مومياء طفل مصري محفوظة في متحف الفن والتاريخ بجنيف في سويسرا، وذلك خلال دراسة نشرت في ديسمبر/كانون الأول من عام 2018 بدورية العلوم الأثرية "Journal of Archaeological Science". وكشف التصوير المقطعي المحوسب عن وجود آفات عظمية صلبة متعددة البؤر تؤثر على العمود الفقري والورك الأيسر في مومياء الطفل التي يرجع تاريخها إلى العصر الروماني، ورجحوا أن ذلك بسبب إصابته بالسل. وقبل هذا الاكتشاف بثلاث سنوات كان فريق بحثي من جامعة خاين الإسبانية على موعد مع تسجيل أقدم إصابة لسيدة مصرية بسرطان العظام. واستخدم الفريق البحثي هذه التقنية بمستشفى أسوان الجامعي لفحص 4 مومياوات فرعونية استخرجت من مقابر الأمراء جنوب مصر، وعثروا في إحداها على علامات محددة بعظام المومياء تدل بشكل قاطع على إصابتها بمرض السرطان الذي أعاقها عن القيام بأي عمل وظلت تتلقى العلاج حتى وفاتها. الالتهاب السحائي ومن السرطان إلى الالتهاب السحائي، حيث تمَّ تسجيل ارتباط بين العدوى البكتيرية المسببة للمرض وجمجمة لمومياء طفل يتراوح عمره بين 6 و8 سنوات في إحدى المقابر بمنطقة مصر الوسطى. والالتهاب السحائي، هو التهاب حاد يحدث في الأغشية الواقية التي تغطي الدماغ والنخاع الشوكي، وخلال الدراسة المنشورة في مايو/أيار من عام 2018 بدورية World Neurosurgery، وجد الباحثون من جامعة مدريد بإسبانيا، أن جمجمة الطفل على الرغم من أنها كانت تالفة، إلا أن منطقة أعلى الجمجمة سمحت بمشاهدة الالتهابات السحائية التي كانت تغطيها بالكامل. تصلب الشرايين وبينما تمَّ وصف مرض تصلب الشرايين على أنه من الأمراض المستحدثة المرتبطة بالتدخين والنظام الغذائي، كشفت دراسة دولية عام 2013 شارك فيها فريق بحثي من المركز القومي للبحوث، أن هذا المرض كان موجوداً في مصر الفرعونية. وعثر الفريق البحثي على هذا المرض في عدد كبير من المومياوات التي تمَّ فحصها، بما يؤكد أنه ليس مرضاً مستحدثاً.
مشاركة :