تزينت شوارع وميادين القاهرة، استعدادا لموكب ملكي أسطوري هو الأضخم في التاريخ لنقل 22 مومياء لملوك وملكات مصر القديمة السبت من المتحف المصري بميدان التحرير وسط القاهرة إلى المتحف القومي للحضارة بضاحية الفسطاط جنوب العاصمة. ويضم الموكب الملكي مومياوات 18 ملكا وأربع ملكات ترجع إلى عصور الأسر الفرعونية 17 و18 و19 و20، فضلا عن 17 تابوتا ملكيا. وستنقل المومياوات على سيارات مصممة على الطراز الفرعوني مدون عليها أسماء الملوك والملكات، ومجهزة لامتصاص الصدمات للحفاظ على سلامتها. ويستغرق موكب نقل المومياوات حوالي 40 دقيقة. ويقود الموكب الملكي الملك سقنن رع تاعا، وهو من ملوك الأسرة السابعة عشرة، وكان حاكما لطيبة (الأقصر حاليا)، وبدأ حرب التحرير ضد الهكسوس. وتم العثور على مومياء الملك سقنن رع تاعا داخل تابوت ضخم من خشب الأرز في خبيئة الدير البحري غرب الأقصر جنوب مصر عام 1881. وتشير الدراسات إلى أنه مات في الأربعينيات من عمره، وأن جمجمته تعرضت للكسر، مما أدى إلى إصابات بالغة برأسه أثناء معاركه ضد الهكسوس. ويضم الموكب مومياء الملك ستي الأول، التي عثر عليها عام 1881 في خبيئة الدير البحري غرب الأقصر، وهو ابن الملك رمسيس الأول مؤسس الأسرة التاسعة عشرة. كما يضم الملك رمسيس الثاني، أشهر ملوك الدولة الحديثة، وهو من أعظم محاربي مصر، وصاحب أول معاهدة سلام معروفة في التاريخ مع ملك الحيثيين، وهي مسجلة على جدران معابد الكرنك. وعثر على مومياء رمسيس الثاني عام 1881 في خبيئة الدير البحري غرب الأقصر. ويضم الموكب أيضا مومياوات الملكات حتشبسوت، وتي، ومريت آمون. وسينطلق "موكب المومياوات الملكية" من ميدان التحرير وسط القاهرة مرورا بميدان سيمون بوليفار وحي السيدة زينب الشعبي، وصولا إلى ضاحية الفسطاط، حيث مقر المتحف القومي للحضارة المصرية القديمة. ومنذ أيام تم تجهيز ميدان التحرير وخط سير الموكب بنظم إضاءة مبهرة، وتم تزيينه بصور الملوك والملكات وأقواس النصر. وفي وقت سابق، تفقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الترتيبات الأخيرة والرتوش النهائية، استعدادا لنقل المومياوات الملكية، وتأكد من إتمام أعمال رفع الكفاءة والتزيين وكافة عناصر الإبهار المتنوعة على امتداد مسار الرحلة. وقال مدبولي في بيان "إن مصر تتأهب بكامل جاهزيتها لحدث فريد لا يتكرر كثيرا عبر التاريخ". وتابع أن المتحف القومي للحضارة "سيحتضن هذه المومياوات، ويعرضها بتقنيات حديثة وأدوات عرض مميزة تجذب اهتمام الزوار والمتطلعين لاكتشاف أسرار الحضارة المصرية العريقة من مصر وكل بلدان العالم". وستقوم 400 قناة تليفزيونية عالمية بنقل الحدث على الهواء مباشرة، بالإضافة إلى عمل بث مباشر على قناة اليوتيوب الرسمية لوزارة السياحة والآثار. وأطلقت وزارة السياحة والأثار المصرية فيلما ترويجيا للتعريف بتاريخ المومياوات، بمشاركة فنانين مصريين، وقامت بترجمته إلى 14 لغة مختلفة. ووصل عدد من المسؤولين والشخصيات العالمية إلى القاهرة للمشاركة في هذا الحدث التاريخي غير المسبوق، ومن بينهم الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية زوراب بولوليكاشفيلي، والمديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أودري أزولاي. وقالت أوزلاي في بيان نشره مركز الأمم المتحدة للإعلام بالقاهرة "إن رؤية المومياوات لدى دخولها إلى المتحف القومي للحضارة، وإدراك أنه بات يسهل الوصول إليها الآن أكثر، هو بمثابة نهاية للكثير والكثير من العمل لتحسين صونها وعرضها". وتابعت أن الأمر "يبث مشاعر تتجاوز بكثير مجرد نقل لمجموعة. سوف نرى تاريخ الحضارة المصرية يتجلى أمام أنظارنا". بدوره، تفقد الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية الاستعدادات النهائية للاحتفال، وجال بالمتحف المصري في ميدان التحرير، معربا عن سعادته البالغة لحضور هذا الحدث التاريخي، مؤكدا أنه سيكون حدثا استثنائيا هاما، بحسب بيان لوزارة السياحة والآثار المصرية. وبالتزامن مع نقل المومياوات الملكية، سيتم افتتاح أعمال تطوير ميدان التحرير وإزاحة الستار عن المسلة والكباش التي تتوسطه، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات في مصر. وأنهت وزارة الداخلية المصرية استعداداتها لتأمين الحدث العالمي من خلال إجراءات مكثفة لتأمين خط سير الموكب الملكي. ويعد متحف الحضارة المصرية القديمة، الواقع في قلب مدينة الفسطاط التاريخية بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة، أكبر متحف للآثار في العالم مخصص لحضارة واحدة، حيث ستحكي أكثر من 50 ألف قطعة أثرية مراحل تطور الحضارة منذ أقدم العصور حتى العصر الحديث.
مشاركة :