جدل في أوروبا حول الآثار الجانبية المحتملة للقاح “أسترازينيكا‎”

  • 4/4/2021
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

كيف يمكن تفسير مشاكل الدم الخطيرة والنادرة التي ظهرت على أشخاص تلقوا لقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا؟، لا يزال هذا السؤال الملح دون إجابة قبل الاجتماع الجديد لوكالة الأدوية الأوروبية، الأسبوع المقبل. ما الذي لُوحظ؟ المشاكل التي لُوحظت على بعض من طُعّموا بلقاح أسترازينيكا ليست تخثرات عادية (تكوّن جلطات دموية) كما تم الإبلاغ في البداية، ولكنها ظاهرة ”غير مألوفة للغاية“، وفق ما تؤكد وكالة الأدوية الفرنسية. ويتعلق الأمر بـ“جلطات في الأوردة الكبيرة، غير مألوفة في مكان وقوعها (الدماغ في الأغلب، ولكن أيضًا في الجهاز الهضمي)، ويمكن أن تقترن بنقص الصفائح (الدموية) أو اضطرابات تخثر“ مع حدوث نزيف، وفق الوكالة.وكان معهد بول إيرليش الطبي الذي يقدم المشورة للحكومة الألمانية، أول جهة أشارت، منتصف آذار/ مارس، إلى“تراكم لافت لشكل محدد من الخثار الوريدي الدماغي شديد الندرة، مرتبط بنقص الصفائح الدموية“. ووفقًا للمتخصصين، يذكّر ذلك بظاهرة تسمى التخثر المنتشر داخل الأوعية. وأوضح أخصائي الأمراض المعدية أوديل لوناي، عضو لجنة لقاحات كورونا التي أنشأتها الحكومة الفرنسية، مؤخرًا، أنها“متلازمات استثنائية للغاية، تظهر في حالات تعفن الدم الخطيرة“ (التهابات شديدة)، ويمكن أن تؤدي إلى“جلطات ونزيف“ .هل من رابط مع اللقاح؟ أكدت وكالة الأدوية الأوروبية، الأربعاء الماضي، أنه“لم يتم إثبات أي صلة سببية (مع اللقاح)، لكنها ممكنة، ويتم حاليًا إجراء تحليلات إضافية“. وستجتمع الوكالة مجددًا للنظر في المسألة بين، 6 و9 نيسان/أبريل، لكن مختصين آخرين أصدروا في أنحاء أوروبا آراء أكثر قطعيّة. وصرح أندريه هولمي، وهو مسؤول في مستشفى أوسلو الوطني يعمل على هذه الحالات، في تصريح لتلفزيون ”تي في2″ النرويجي، في 27 آذار/ مارس، أنه“يجب أن نوقف التكهن بما إذا كان هناك ارتباط أم لا، وجميع الحالات ظهرت عليها الأعراض بعد 3 إلى 10 أيام من تلقي لقاح أسترازينيكا، لم نجد أي عامل سببيّ آخر“. وقال المسؤول الصحي النرويجي شتاينار مادسن:“تقدّر وكالة الأدوية النرويجية أنه توجد صلة محتملة باللقاح“. وأكدت وكالة الأدوية الفرنسية، في 26 آذار/ مارس، أن ذلك احتمال ”نادر“ بناءً على ”الطبيعة غير النمطية لهذه الجلطات، وأعراضها السريرية المتشابهة والوقت المتقارب لظهورها“. ما حجم التهديد؟ هذا هو السؤال الأساس. وفق الأرقام التي نشرتها وكالة الأدوية الأوروبية، الأربعاء، أُحصيت حتى الآن 62 حالة تخثر وريدي دماغي في العالم، 44 منها في 30 بلدًا ضمن المنقطة الاقتصادية الأوروبية (الاتحاد الأوروبي، وآيسلندا، والنرويج، ولشتنشتاين) على 9,2 مليون جرعة لقاح مستعملة. وسجلت 14 وفاة، دون أن تُعزى بشكلموثوق إلى الجلطات غير النمطية، وفق ما صرّحت مديرة الوكالة إمير كوك خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت، الأربعاء. وأوضحت الوكالة أن تلك المعطيات جزئية وسجلت في ألمانيا 31 حالة يشتبه في إصابتها بالتخثر الوريدي الدماغي (19 منها مصحوبة بانخفاض في عدد الصفائح الدموية)، و 9 حالات وفاة، وفق معهد بول إيرليش. ويمثل ذلك معدل حالة واحدة لكل 100 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا (استعملت 2,8 مليون جرعة). وأبلغ أيضًا عن حالات في فرنسا (12 بينها 4 وفيات، من أصل 1,9 مليون جرعة وفق وكالة الأدوية الفرنسية)، وفي النرويج ( 5 حالات بينها 3 وفيات، من أصل 120 ألف جرعة) وكذلك في هولندا. أما في المملكة المتحدة التي تستعمل لقاح أسترازينيكا على نطاق واسع، أعلن، اليوم السبت، عن 30 حالة بينها 7 وفيات، من بين 18,1 مليون جرعة مستعملة. لكن كما هو الحال مع أي دواء، فإن معرفةالمخاطر لا تكفي، إذ تجب مقارنتها بالفوائد التي يوفرها المنتج. وكررت الوكالة الأوروبية للأدوية، الأربعاء، موقفها الذي أعلنته، في 18 آذار/ مارس، إثر رصد أولى الحالات، وقالت إن ”فوائد لقاح أسترازينيكا في الوقاية من كورونا الذي يؤدي إلى حالات الاستشفاء والوفيات، تفوق مخاطر الآثار الجانبية“. هل توجد عوامل خطر؟ حتى الآن، ظهرت معظم الحالات على أشخاص دون سن الـ 65، وغالبيتهم نساء، لكن لا يمكن استخلاص أي استنتاج من ذلك، لأنه قد يكون نتيجة تطعيم الشباب به بشكل أساس في بداية حملات التلقيح .وإضافة إلى ذلك، قد يكون ارتفاع نسبة النساء بين الحالات المبلغ عنها مرتبطًا بكثرة استعمال اللقاح في تطعيم الموظفين الصحيين، وهي فئة ذات أولوية، ويكثر حضور النساء في أوساطهم. وتعد وكالة الأدوية الأوروبية أنه ”حتى الآن، لم تحدد الاختبارات أي عوامل خطر معيّنة لهذه الحالات النادرة جدًا، مثل العمر أو الجنس أو التاريخ الطبي بما في ذلك مشاكل تجلط الدم“. ومع ذلك، وبعد الموجة الأولى لتعليق استعمال اللقاح، منتصف آذار/ مارس، قررت بعض البلدان عدم إعطاء هذا اللقاح لأشخاص دون سنّ معينة. وألمانيا هي آخر الدول التي قررت، الثلاثاء، تقييد استخدام اللقاح لمن هم دون سن الـ 60، فيما علقت كندا استخدامه لمن هم دون سن الـ 55.وكانت قد سبقتهما فرنسا (55 عامًا) والسويد، وفنلندا، (65 عامًا). وقالت عالمة الفيروسات في جامعة غوتة في فرانكفورت ساندرا سيسيك في مجلة ”ساينس“ :“ليس لدينا لقاح واحد فقط، بل عدة لقاحات، لهذا السبب يبدو لي أن تخصيص أسترازينيكا لكبار السن أمر منطقي“. واتخذت النرويج، والدنمارك، خيارًا أكثر جذرية من خلال تعليق استعمال لقاح أسترازينيكا بشكل كامل في الوقت الحالي ما الأسباب؟ لا نزال في مرحلة الفرضيات، وهذه واحدة من النقاط التي يجب أن توضحها وكالة الأدوية الأوروبية. في دراسة نُشرت على الإنترنت، في 28 آذار/ مارس، لم يتم تقييمها بعد من علماء آخرين، قارن باحثون ألمان، ونمساويون، المسألة بظاهرة أخرى معروفة.وقال الباحثون الذين قادهم أندرياس غرينشر (جامعة غرايفسفالد) إن الظاهرة المرتبطة بلقاح أسترازينيكا ”تشبه سريريًا ضعف الصفائح نتيجة دواء هيبارين“. وضعف الصفائح نتيجة هيبارين هو رد فعل مناعي غير طبيعي، وشديد، ونادر، يحدث لدى بعض المرضى عند تلقي عقار هيبارين المضاد للتخثر. وكان فريق في مستشفى أوسلو الوطني قد قدّر، في 18 آذار/ مارس، أن تلك الحالات يمكن تفسيرها بأنها نتيجة ”استجابة مناعية قوية“ تجاه اللقاح. بدوره يعد تجمّع الأطباء والباحثين الفرنسيين الذي يحمل اسم ”دوكوتي دو لاسيونس“ (في صفّ العلم) أن الحالات ناتجة عن ”رد فعل مناعي شديد“، ويطرح فرضية مبتكرة. ويعد التجمّع أنه من الممكن أن تكون نقطة البداية ”الحقن العرضي للقاح في وريد في العضلة الدالية“ (في الكتف). ويضيف في منشور على موقعه الإلكتروني أنه“في ظل وجود عوامل لم يتم تحديدها بالكامل، فإن الحقن الوريدي العرضي من شأنه أن يولّد رد فعل مناعي متباين“.

مشاركة :