رصد تقرير ديوان المحاسبة حول تقييم كفاءة وفاعلية الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية في توفير الأمن الغذائي خلال الفترة من عام 2017 إلى 2019 العديد من التجاوزات، أبرزها زيادة إجمالي الحيازات التي تم توزيعها في عام 2017/ 2018 بنحو ٢٤ ألف مزرعة بنسبة 300 بالمئة، مقارنة بعام 2016/ 2017، مشيراً إلى عدم حصر الإدارات المعنية بالهيئة عدد الحيازات الزراعية المستغلة وغير المستغلة بشكل تفصیلي، وكذا الحيازات المسحوبة. وأوصى التقرير، الذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه، باعتماد خطة استراتيجية للأمن الغذائي قابلة للقياس والمتابعة، تشتمل على آليات فعالة وواضحة لتخصيص الحيازات الزراعية وتوزيعها، واتخاذ الإجراءات الحادة لتنفيذ ومتابعة مشاريع الهيئة المرتبطة بالأمن الغذائي على مستوى قطاعات الثروة النباتية، والحيوانية، والسمكية لتعزيز الإنتاج الغذائي المحلي، وبما يساهم في رفع نسب الاكتفاء الذاتي، وتفعيل الرقابة والتفتيش على قسائم الإنتاج النباتي والحيواني، من خلال وضع خطة عمل دورية بالتنسيق بين الإدارات المعنية بالهيئة، لقياس مدى جدية أصحاب القسائم في تطبيق اشتراطات الهيئة، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة. كشف ديوان المحاسبة عن عدم وجود خطة معتمدة لدى الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، يتم من خلالها تخصيص وتوزيع الحيازات الزراعية، حيت ازداد إجمالي عدد الحيازات بصورة مُبالغة في عام 2017 /2018 بنحو 24.13 ألف مزرعة بنسبة 300 بالمئة، مقارنة بعام 2016/ 2017، من دون وجود دراسة للأعداد المستهدفة للتوزيع مبنيّة على احتياجات الأمن الغذائي للدولة، وبما لا يتناسب مع الإمكانات المادية والبشرية لدى الهيئة في خدمة تلك الحيازات. جاء ذلك في تقرير "المحاسبة" حول تقييم كفاءة وفاعلية هيئة الزراعة في توفير الأمن الغذائي، الذي صدر في مارس الماضي، واختص الفحص بتقييم كفاءة وفاعلية الهيئة في تنمية الإنتاج المحلي للقطاعات الغذائية الرئيسية، واشتملت فترة الفحص على الأعوام 2017، و2018، و2019، مقارنة بعام 2016، الذي أصبح تحت نظر مجلس الأمة للاطلاع عليه. يذكر أن الفترة التي تناولها التقرير يتحدث أغلبها عن وضع الهيئة وقتما كانت تحت إشراف وزير الإعلام السابق محمد الجبري، الذي تولى الإشراف عليها في يناير 2018 حتى خروجه من الوزارة في 2020 للمشاركة في انتخابات مجلس الأمة. وعودة إلى التقرير، فقد أكد عدم قيام إدارة القسائم الزراعية بالتنسيق مع الإدارات المعنيّة لوضع خطط مدروسة تحدد بها عدد التوزيعات المستهدفة لكل قطاع على حدة (الإنتاج الحيواني، والنباتي، والسمكي) وفق مستويات الإنتاج المطلوبة لرفع نسب الاكتفاء الذاتي، حيث انحصر تخصيص معظم المساحات الزراعية لقطاع الثروة النباتية بنسبة 85 بالمئة في عام 2017/ 2018، مشيرا إلى عدم قيام الإدارات المعنية بالهيئة بحصر عدد الحيازات الزراعية المستغلة وغير المستغلة بشكل تفصیلی، وكذلك عند الحيازات المسحوبة. اكتفاء ذاتي وقال التقرير: حققت الهيئة نسب اكتفاء ذاتي للبيض تفوق كميات المتاح للاستهلاك بنسب تراوحت بين 110 و118 بالمئة خلال فترة التحليل، مما يتيح للمزارعين المجال في تصدير الكميات الفائضة وتحقيق عوائد تساهم في اقتصاد الدولة، وعدم وجود خطة استراتيجية للأمن الغذائي لدى الهيئة يمكن الرجوع إليها للقياس والمتابعة، أو قصورها في رفع نسب الاكتفاء الذاتي من الأغذية الأساسية، مما يؤدي إلى عدم استقرار الأمن الغذائي الداخلي، ويزيد من مخاطر عدم توافر بعض الأغذية بسبب الأزمات العالمية، كما هي الحال خلال جائحة كورونا، التي أدت إلى قيام بعض الدول المصدرة للغذاء بوقف التصدير (إجراءات احترازية)، إضافة إلى مخاطر تأثير التغير المناخي وتدهور الأراضي بسبب التصحر. وأكد تقرير المحاسبة وجود ضعف عملية التخطيط والمتابعة لدى إدارة الإنتاج الحيواني في تنفيذ مشاريعها، حيث لم تحدد البرنامج الزمني لهذه المشاريع وتكلفتها، رغم أنها مشاريع واعدة تساهم في رفع نسب الاكتفاء الذاتي، كما لم يتم إقرار أي مبالغ لدعم مزارع الإنتاج الحيواني ومشاريع الأمن الغذائي خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مما لا يحقق مستهدفات الإنتاج الحيواني وتعزيز الأمن الغذائي، وعدم قيام إدارة الإنتاج الحيواني بإعداد خطة عمل سنوية عام 2017/ 2018 توضح بها أنشطتها التشغيلية في تنمية الثروة الحيوانية، وتحديد الكميات المستهدفة لزيادة نسب الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء. وقال: لم تسحب الهيئة أيّ حيازة حيوانية، على الرغم من وجود العديد من الحيازات غير المستعلة، إضافة إلى تعطّل مشروع تربية الأبقار وتسمين العجول وإنتاج الحليب وزراعة الأعلاف الخضراء شرق طريق كبد، بسبب عدم قيام الهيئة بدراسة المردود البيئي للمشروع، والذي حال دون رفع نسب الاكتفاء الذاتي للحليب إلى نسبة 55 بالمئة، مستدركاً: "كما لم تُجْر إدارة الإنتاج الحيواني دراسة للتحقق والوقوف على أسباب انخفاض معدلات المواليد من الأبقار وارتفاع معدلات نفوقها وإيجاد الحلول المناسبة لها، الأمر الذي أدى إلى انخفاض متوسط إجمالي عدد القطيع الفعلي عن المتوقع بنسبة 23.6 بالمئة في عام 2019، بما يؤثر سلبا على إنتاجية المزارع.وشدد التقرير على اعتماد الدولة على الأغذية المستوردة لمعظم الأصناف بشكل أساسي في تأمين الاحتياجات الغذائية للسكان، نظرا لطبيعة البلاد الصحراوية، وارتفاع درجات الحرارة، وندرة المياه، ومحدودية الأراضي الزراعية، وضعف القدرة التصديرية أدى إلى زيادة نسبة الواردات من إجمالي التبادل التجاري، حيث تراوحت بين 85 و86.7 بالمئة خلال فترة التحليل، وعلى الرغم من وجود استقرار غذائي کمّي في الدولة، فإنّه مرهون بالأغنية المستوردة التي تفوق كميتها عن الأغنية المحلية بشكل كبير، مما يعرّض الدولة المخاطر نقص الأغذية وارتفاع الأسعار وصعوبة استيرادها الناتجة عن الأزمات العالمية کوباء كورونا. كما انتهى التقرير إلى ضعف أداء إدارة الصحة الحيوانية في اتخاذ الإجراءات الصحية اللازمة لتأمين صحة الثروة الحيوانية والحفاظ على الأمن الغذائي، بسبب عدم قدرتها على تنفيذ البرامج الوقائية لمكافحة الأمراض الوبائية والمعنية، فضلا عن عدم توفير المبالغ اللازمة لتوفير الأدوية واللقاحات، مما يهدد صحة الثروة الحيوانية والسلامة الغذائية. وبيّن عدم وجود مردود إيجابي للنفقات الحكومية على القطاع الزراعي، رغم ارتفاع مؤشرها إلى 64 عام 2018/ 2019، حيث لم تتعدّ نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي (GDP) سوى نسبة 0.39 بالمئة فقط في العام نفسه. ووضع التقرير حزمة توصيات، أبرزها ضرورة اعتماد خطة استراتيجية للأمن الغذائي قابلة للقياس والمتابعة، تشمل على آليات فعالة وواضحة لتخصيص وتوزيع الحيازات الزراعية، وكذلك الأعداد المستهدفة للمزارع حسب تخصصها، مع تحديث مستهدفات الاكتفاء الذاتي للأغنية الأساسية، وتدعيم الهيئة بالإمكانات التي تمكّنها من تحقيق الأمن الغذائي بالدولة.وأوصى باتخاذ الإجراءات الحادة لتنفيذ ومتابعة مشاريع الهيئة المرتبطة بالأمن الغذائي على مستوى قطاعات الثروة النباتية، والحيوانية، والسمكية لتعزيز الإنتاج الغذائي المحلي، وبما يساهم في رفع نسب الاكتفاء الذاتي، وتفعيل الرقابة والتفتيش على قسائم الإنتاج النباتي والحيواني من خلال وضع خطة عمل دورية بالتنسيق بين الإدارات المعنية بالهيئة لقياس مدى جدية أصحاب القسائم في تطبيق اشتراطات الهيئة، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المخالفين. كما أوصى بضرورة التنسيق مع الجهات المعنية لوضع ضوابط تحدّ من إغراق السوق الكويتي، حماية للمنتج المحلي من الحليب ومشتقاته، وكذلك توفير احتياجات مزارع اتحاد منتجي الألبان من تراخيص ومعامل ألبان للاستفادة من الطاقة الإنتاجية المتاحة لهم في رفع نسب الاكتفاء الذاتي. وكذلك أوصى بالمساهمة في استقرار الأمن الغذائي بالدولة من خلال تفعيل مشاريع الإنتاج الغذائي المحلي التابعة اللهيئة، وتقليل الاعتماد على المصادر الغذائية المستوردة، تفاديا لمخاطر انخفاض الوفرة الغذائية او تضخم أسعار ها نتيجة المتغيرات العالمية، مما يحقق هدف الهيئة وفق قانون إنشائها، وأهمية تفعيل دور إدارة الصحة الحيوانية في الرقابة المستمرة على عملية التحصين واتخاذ الإجراءات الوقائية لمكافحة الأمراض التي تصيب الثروة الحيوانية من خلال دعمها بالموارد البشرية الكافية بالمؤهلات العلمية المناسية، ووضع الحلول الملائمة لتوفير الميزانية اللازمة للأدوية واللقاحات، حفاظا على صحة الثروة الحيوانية. وأكد ضرورة العمل على مراجعة وتحديث قرار تنظيم العلاقة بين الهيئة وحائزي القسائم الزراعية من خلال وضع شروط وآليات فعالة في توزيع القسائم الزراعية والرقابة عليها لمنع المتاجرة في القسمات وضمان حُسن استغلالها في سبيل تحقيق الأمن الغذائي بالدولة.أكد ديوان المحاسبة وجود قصور في عملية الرقابة والمتابعة من قبل قطاع الثروة السمكية على مزارع الأسماك البالغ عددها 57 مزرعة لقلّة عدد الزيارات الميدانية التي بلغ عددها 3 زیارات سنويا فقط، كما لم يتبيّن وجود تقارير توضح ما أسفرت عنها تلك الزيارات من نتائج، والإجراءات التي تم اتخاذها حيال المخالفة منها. وأشار التقرير إلى قلّة عدد العاملين في نشاط الاستزراع السمكي عام 2018، حيث يوجد مهندس زراعي واحد مسؤول عن 57 مزرعة سمكية، إضافة إلى وجود 44 عاملا غير متفرغ، لا يساهم في رفع كفاءة القطاع السمكي ويحقق أهدافه في زيادة الإنتاج السمكي المحلي، ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي.استغرب تقرير «المحاسبة» عدم رصد أي محالفة بمزارع العبدلي، بسبب غياب الدور الرقابي على المنطقة، إضافة إلى عدم فاعلية الإجراءات الرقابية المتبعة بقطاع الثروة النباتية في التحقق من مدى استغلال الحيازات الزراعية بمنطقة الوفرة الزراعية في الأغراض المخصصة لها، ورصد المخالف منها، واقتصر دورها في رصد المخالفات وتحرير المحاضر دون متابعة لإزالة المخالفة من عدمها.
مشاركة :