من وسط أكوام الأوضاع المأساوية التي أوجدتها الحرب في اليمن، تحاول المؤسسات الثقافية الحفاظ على ما تبقى من معالم الفنون والثقافة، والتذكير بالماضي القريب الذي برزت فيه القيم الثقافية والفنية، وكيف تراجعت بفعل المغامرة الانقلابية التي قضت على كل جميل، ورفعت من شأن القتل على نغمة الموسيقى وعدسة الفنان. واستضافت مؤسسة بيسمنت الثقافية وهي واحدة من أهم المؤسسات الثقافية في صنعاء، وضمن برنامج منتدى التبادل المعرفي، الموسيقي والمصور المشهور عبدالرحمن الغابري الذي قدم عرضاً لتجربة حياته الفنية، إذ إن الرجل مارس معظم أشكال الفنون؛ فهو أبرز مصور فوتغرافي ومخرج سينمائي أيضاً والمدير التنفيذي لمؤسسة الهوية اليمنية. استحضار ذاكرة وتحــــدّث الغابري في استحضار الذاكرة القريبة في الندوة عن اليمن بين ارشيف الماضي والحاضر، واستعرض مجموعة من الصور القديمة توضح ملامح اليمن آنذاك، إذ تظهر الصور مدى التسامح الذي تميز به المجتمع والطابع المنفتح والمتحرر الذي تميز به المجتمع وقتها، لاسيّما في سبعــينات وثمانينات القرن الماضي. وتوثّق الصور التي قدمها في الندوة الملابس التقليدية للمرأة اليمنية، والأنشطة التي كانت تقوم بها المرأة من زرع وحصاد وفن وغناء وتمثيل وعروض عسكرية، وشرح للجمهور أماكن التقاط تلك الصور ولمن هي وزمنها وظروفها. دهشة حضور وقدم الغـــــابري عرضــاً أدهش الحضور، حيث تظهر إحدى الصـــور مجموعة من الفــتيات اللــاتي تطـــوعن في الفرقة الفنية للمسرح العســكري، وأيضاً صوراً للمسارح الفنية والغنائية التي كانت تقام في فترة السبعينات والثمانينات، ووضع الغابري مجموعة من التساؤلات حول توقف هذا النوع من الأنشطة وتدهورها، بل وانقراضها في الوقت الراهن. وعرض الفنان أيضاً مجموعة الصور التي التقطها هو بنفسه لشخصيات فنية وسياسية واجتماعية، مثل الشاعر الكبير الراحل عبدالله البردوني. وعند الحديث عن سيرته الفنية هو، اكتفى الغابري بعرض الصور والحديث عنها باعتبارها تاريخ المرحلة التي عاشها. واستعرض الفنان الغابري في المحاضرة العوائق التي واجهت المسيرة الثقافية والفنية في اليمن، وهي العوائق التي كبحت جماح هذه الحركة بأفكار منغلقة معادية للانفتاح والتعايش.
مشاركة :