أعرب مختصو البورصة البريطانية عن قناعتهم بأن الخطوة التي اتخذها مؤشر فوتسي بوضع سوق الأسهم السعودية على قائمة المراقبة، هو تمهيد لضم السعودية إلى فئة الأسواق الناشئة الثانوية، وهي خطوة ستترك تأثيرات مهمة على مستقبل الاستثمارات الأجنبية في البورصة السعودية. وأوضحوا لـ"الاقتصادية" أن لدى سوق الأسهم السعودية فرصة ملائمة للانتقال إلى مؤشر البلدان المتقدمة خلال خمس أو سبع سنوات، إذا ما واصلت السعودية عملية التحرر الاقتصادي لتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية على مزيد من الاستثمار في البورصة، في وقت يعد مؤشر فوتسي من أكبر مؤشرات سوق الأسهم البريطانية، ويضم أسهم أكبر 100 شركة بريطانية في بورصة لندن. وهنا قال لـ"الاقتصادية" جرهام جونسون المختص في بورصة لندن، إن أغلب التكهنات الراهنة تشير إلى أنه خلال عام وربما أقل من ذلك ستنتقل السعودية من قائمة المراقبة لمؤشر فوتسي إلى مرتبة الأسواق الناشئة الثانوية، وإذا واصلت الرياض عملية التحرر الاقتصادي لتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية على مزيد من الاستثمار في البورصة، وحافظت على الشفافية المطلوبة فإن هناك فرصة ملائمة لسوق الأسهم السعودية مدعومة بالقدرات المالية الضخمة للمملكة على الانتقال إلى مؤشر البلدان المتقدمة خلال خمس أو سبع سنوات. وأوضح أن مؤشر فوستي يصنف أسواق الأسهم العالمية المسجلة لديه إلى أربع فئات مرتبة من أعلى إلى أدنى، وتسمى المجموعة الأولى (الأسواق المتقدمة) ولا توجد أي دولة عربية حتى الآن ضمن المجموعة الأولى، وللانضمام إلى هذه الفئة فإن هناك معايير شديدة الصرامة رفيعة المستوى يتم تبنيها من قبل لجنة التصنيف الدولي للمؤشر، التي تستقطب في عضويتها مختصين في التداول وإدارة الاستثمار، أما المجموعة الثانية فهي (الأسواق الناشئة المتقدمة) وهي لا تضم أي بورصة عربية أيضا. بينما المجموعة الثالثة فهي (الأسواق الناشئة المبتدئة) وتضم حاليا كل من مصر بوزن نسبي 0.3 في المائة لعشر شركات مصرية وقيمة سوقية تقترب من عشرة ملايين دولار، والإمارات بوزن نسبي 1.08 في المائة لـ 18 شركة إماراتية بقيمة تبلغ تقريبا 32 مليون دولار. والمجموعة الرابعة (الأسواق المبتدئة)، وتضم أيضا بعضا من الدول العربية الخليجية، ويتضمن المؤشر متابعة دورية لوضع بورصات البلدان المسجلة لديه، إذ يمكن رفع أو خفض الفئة التي تنتمي إليها كل دولة وفقا لأداء أسواق الأسهم فيها. من جانبه، قال المختص الاستشاري السابق في بورصة لندن مات كيلي تعليقا على مدلول وضع سوق الأسهم السعودية في قائمة المراقبة لمؤشر فوستي، إن وضع السعودية على قائمة المراقبة التابعة للمؤشر هي الخطوة الأولى لتسجيلها لاحقا في مراتب أعلى، والعامل الأساسي الذي سمح لمؤشر فوتسي باتخاذ هذا القرار يعود إلى فتح الأسواق السعودية أمام المستثمرين الأجانب، ومجموعة الضوابط والمعايير الصارمة التي اتخذها سوق المال السعودية لتنظيم البورصة وعمليات التداول، لكن عملية الانتقال إلى مرتبة أعلى ضمن المؤشر ستتطلب درجة عالية من الشفافية في إدارة البورصة السعودية، ومزيدا من تخفيف القيود أمام رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار. وكان وفد سوق المال السعودية وخلال جولته الدولية قبل إعلانه السماح للأجانب بالاستثمار، قد أكد لجميع المستثمرين الدوليين أن الشفافية والمنافسة الكاملة في التداول جزء أصيل في نظام سوق المال السعودية واللوائح التنفيذية له، مؤكدين الالتزام الصارم بهذا المعيار لضمان الإدراج مستقبلا في مؤشر فوتسي وغيره من المؤشرات الدولية، ويدخل في هذا الإطار أيضا أن تكون تكاليف التداول تنافسية ومقبولة وغير مبالغ في عمليات التسعير. ويستلزم أيضا لنجاح دخول سوق الأسهم إلى مرتبة أعلى مراقبة فاعلية نشاط السوق بدقة، فالسماح لرؤوس الأموال الأجنبية بالاستثمار شرط ضروري لكنه غير كافٍ للارتقاء في مؤشر فوتسي. فكما يتابع نشاط الشركات المحلية،لا بد من متابعة نشاط رؤوس الأموال الأجنبية، وتذليل العقبات التي تحول دون تعزيز دورها الاستثماري في سوق الأسهم السعودية. فتسجيلها أو السماح لها بالاستثمار لا يكفي وحده، لإقناع مؤشر فوتسي على رفع مرتبة السعودية لدرجة أعلى، فيجب أن يكون نشاط رؤوس الأموال الأجنبية ملموسا، كحرية تنقل رؤوس الأموال من وإلى السعودية، إذ يمثل ذلك ضمانة لرؤوس الأموال الأجنبية، ويعطي لجنة التصنيف قناعة أن حقوق ومصالح رؤوس الأموال الأجنبية محمية ولن تتضرر. من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية" فرانك ميلر نائب رئيس قسم أسواق الأسهم الأولية والباحث الرئيس للتقرير الذي أصدرته بورصة لندن أخيرا تحت عنوان (القيادة في اقتصاد عالمي متغير)، لا شك أن الصورة العامة لهذا القرار إيجابية وتصب في صالح سوق الأسهم السعودية، إذ تتضمن إقرارا دوليا أوليا بأن الخطوات التي اتخذتها المملكة أخيرا تجاه رؤوس الأموال الأجنبية خطوة إيجابية وناجحة ومدعومة من قبل المؤسسات الدولية، وهذا سيجعل رؤوس الأموال الأجنبية المترددة حتى الآن للاستثمار في البورصة السعودية وحسم ترددها والبدء في التسجيل على الأقل في سوق الأسهم السعودية، لكنه سيكون من السابق لآونة وضع تصور تفصيلي حول العوائد التي ستجنيها البورصة السعودية من وضعها على قائمة المراقبة أو حجم رؤوس الأموال التي ستقبل على الاستثمار في المرحلة المقبلة. وأضاف، أن "الأمر سيختلف وسنستطيع أن نتكلم عن جوانب تفصيلية وأرقام ملموسة، إذا ما انتقل سوق الأسهم السعودية من وضع المراقب إلى وضع الأسواق الناشئة الثانوية، إذ سيعني ذلك استيفاء الشروط التي يعتبرها مؤشر فوتسي ضرورية لاعتبار البورصة السعودية بورصة دولية مرحبة باستثمارات الأجانب، وهذا يعني عمليا ضوء أخضر لرؤوس الأموال الأجنبية بأن الاستثمار في البورصة السعودية مأمون ولا توجد فيه مخاطر". لكن بعض المختصين في بورصة لندن يعتبرون أن انتقال سوق الأسهم السعودي من وضع المراقبة إلى فئة الأسواق الناشئة الثانوية مستقبلا، وإن كان عاملا رئيسا في جذب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في الأسهم السعودية، فإن مدى وحجم تلك التدفقات الاستثمارية الأجنبية سيتوقف على الوزن النسبي الذي ستحتله البورصة السعودية داخل فئة الأسواق الناشئة المتقدمة، إضافة إلى عدد الشركات السعودية التي ستسجل في هذه الفئة وقيمتها.
مشاركة :