أولت دولة الإمارات، منذ نشأتها، اهتماماً خاصاً بقضايا التغير المناخي، الذي يشكّل أحد أبرز التحديات العالمية، نتيجة زيادة أعداد السكان، ونمو الأنشطة الاقتصادية، وعملت خلال السنوات الماضية، على إطلاق العديد من المبادرات، وتحويل توجهاتها في كثير من الأنشطة لحماية المناخ، والتقليل من البصمة الكربونية، كما أطلقت، متمثلة في وزارة التغير المناخي والبيئة، العديد من الرؤى المستقبلية، لخفض نسبة الانبعاثات لأدنى المستويات. استراتيجيات وتلتزم الدولة بالحد من تداعيات التغير المناخي، في إطار الجهود الدولية، كما وضعت استراتيجيات وخططاً لمواجهتها، منها تطوير أول خطة لمواجهة التغير المناخي في المنطقة، التي تقوم على رؤية 2021، واستراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء والابتكار، حيث ستعزز هذه الخطة من مسيرة التنويع الاقتصادي الطموحة التي تقطعها الدولة، كما ستعزز من تحولها نحو القطاعات الجديدة، والمبنية على المعرفة، ويأتي التزام الدولة في مواجهة قضايا التغير المناخي، دون أن يؤثر ذلك في خلق فرص اقتصادية واجتماعية جديدة داخل الدولة وخارجها، ووضعت تلك الجهود، الدولة لتكون مقراً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وهي أول منظمة دولية مخصصة للطاقة المتجددة، وأول منظمة من نوعها تتخذ مقرها في الشرق الأوسط. كما تقوم الدولة بدور فاعل في تحقيق أهداف اتفاقية باريس، حيث وضعت أول هدف في المنطقة للطاقة المتجددة، في مرحلة سادها بعض الغموض عن الجدوى الاقتصادية لمثل هذه المشاريع، وقد أثبت قطاع الطاقة المتجددة، جدواه الاقتصادية، إضافة إلى كل الفوائد البيئية، وباتت تجربة الدولة في هذا المجال، مثالاً يحتذى به، وسبباً في نشر حلول الطاقة المتجددة، ليس على الصعيد الإقليمي فقط، بل على الصعيد العالمي أيضاً. ونظراً إلى النجاح التي حققته، رفعت الدولة هدف نسبة الطاقة المتجددة من مزيج مصادر الطاقة بحلول عام 2021، من 24 % إلى 27 %. وتحظى النظرة الطموحة التي تبنّتها الدولة، بدعم مؤسسات القطاع الخاص، ومنها مدينة مصدر، التي تعمل على نشر تقنيات الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، من خلال العمل على مختلف مراحل التعليم والبحث والتطوير والاستثمار وبناء المشاريع، وتسويق حلول الطاقة المتجددة والاستدامة ونشرها، كما أصبح القطاع الخاص مدركاً أهمية استخدام الطاقة المتجددة، كشركات الطيران الإماراتية، التي باتت من أكثر الشركات كفاءة في العالم، حيث وضع طيران الاتحاد، بالتعاون مع بوينغ وتوتال وتكرير ومعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، خريطة طريق لإنتاج وقود طيران حيوي مستدام في الدولة، من خلال مشروع مبادرة أبوظبي لوقود الطائرات الحيوي. وإلى جانب ذلك، تسعى دولة الإمارات، بجهود حثيثة، لتعزيز القدرات البحثية والمعرفية لدول منطقة الشرق الأوسط، في ملف مواجهة تغير المناخ، ويجسد مشروع «شبكة الإمارات لأبحاث المناخ»، واحداً من هذه الجهود، حيث يوفر منظومة بحثية متكاملة، تضمن تحديد التأثيرات والتداعيات التي تتعرض لها المنطقة، وما يمكن أن تتعرض له مستقبلاً، فيما يتم وضع تصورات واضحة للآليات والإجراءات التي تعزز من قدرة دول المنطقة على التكيف مع هذه التداعيات بشكل يراعي قدراتها وإمكاناتها. مشاريع عملاقة وتسعى الدولة لنقل خبراتها ونتائج دراسات وأبحاث الشبكة، إلى دول المنطقة كافة، كما تسعى لإتاحة المجال أمام الأفراد، للاطلاع على تلك النتائج والدراسات، لتعزيز الوعي البيئي لديهم، ورفع مستوى مساهمتهم في مواجهة تلك التحديات، وتمتلك الإمارات منظومة لمواجهة التغير المناخي، تشمل القوانين والتشريعات والمشاريع العملاقة على مستوى الطاقة، كمشروع براكة، ومشاريع الطاقة الشمسية، ومبادرات دعم البحث العلمي والابتكار في مجال العمل من أجل المناخ. وكشفت الدولة مؤخراً، عن الانتهاء من إعداد المسودة الأولى لقانون التغير المناخي، الذي سيكون القانون الوطني الأول من نوعه على مستوى المنطقة، والذي سيسهم في دعم جهود التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، ودعم الابتكار والبحث والتطوير في مجال العمل من أجل المناخ، وسيعزز القانون مكانة الإمارات في مؤشرات التنافسية العالمية. وعملت الدولة خلال الفترة الماضية، على نموذج متكامل، شمل اعتماد استراتيجيات وسياسات داعمة للعمل المناخي، ومنها الخطة الوطنية لتغير المناخ 2017 – 2050، والتي تمثل إطاراً عاماً يعزز ويوحد الجهود المحلية للعمل من أجل المناخ، وترتكز على توجهين رئيسين، الأول يتمثل في خفض مسببات التغير المناخي، والثاني يستهدف تعزيز تدابير وإجراءات التكيف مع تداعيات التغير. برنامج وطني كما تم إطلاق البرنامج الوطني للتكيف مع تداعيات تغير المناخ 2017، والذي يستهدف تحديد اتجاهات المناخ وتقييم الآثار، وتحديد مخاطر المناخ التي تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة، وإشراك جميع مجموعات أصحاب المصلحة في التنفيذ، كما تمكنت الإمارات في الفترة بين 2009 وحتى 2020، من رفع قدراتها في إنتاج الطاقة الشمسية من 10 ميغاوات إلى 2400 ميغاوات، ويجري العمل حالياً للوصول بهذه القدرة إلى أكثر من 8000 ميغاوات بحلول 2030. وإلى جانب ذلك، ساهمت مشاريع الطاقة المتجددة الإماراتية، خلال هذه الفترة، في خفض تكلفة الطاقة المتجددة عالمياً، حيث سجل طرح مناقصة المرحلة الخامسة من مجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي، التكلفة الأقل عالمياً لوحدة الإنتاج في 2019، والتي لم تتجاوز 1.7 سنت لكل كيلووات في الساعة، وخلال 2020، وفي خضم تطبيق الإجراءات الاحترازية والعمل عند بعد، وتباطؤ الحركة الاقتصادية عالمياً، سجل مشروع الطاقة الشمسية في منطقة الظفرة، تكلفة إنتاج أكثر انخفاضاً، حيث لم تتجاوز 1.35 سنت لكل كيلووات في الساعة. استراتيجيات كما عملت الدولة على تطوير منظومة الاستفادة من النفايات وتحويلها إلى طاقة، عبر إنشاء العديد من المحطات المتخصصة في هذا المجال، ومنها مشروع مركز دبي لمعالجة النفايات في منطقة ورسان، والذي تنفذه شركة «دبي القابضة»، مع ائتلاف من مجموعة من الشركات والمؤسسات المحلية والعالمية، والذي ستصل قدرته إلى معالجة 5,666 طناً من النفايات الصلبة، التي تُنتِجها إمارة دبي يومياً، وسيُحوَّل نحو 1,900,000 طنٍ من النّفايات سنوياً إلى طاقة متجددة، ستُغذي شبكة الكهرباء المحلية بنحو 200 ميغاوات من الطّاقة النظيفة. نمو سكاني كما تولي الدولة، الإدارة الفاعلة للبصمة البيئية، أهمية خاصة في المناطق الحضرية والمدن، وهو أمر مهم، خاصة في ظل النمو السكاني والاقتصادي، وتغير أنماط الإنتاج والاستهلاك، ويساويه في الأهمية ضمان الصحة والسلامة والراحة للسكان والزوار، على حد سواء، كما بادرت دولة الإمارات، باتخاذ مجموعة من التدابير في السنوات الماضية، لتعزيز الاستدامة، وزيادة القدرة على التصدي لتأثيرات تغير المناخ، والتحديات البيئية الأخرى، لإيجاد طرق فعالة لبناء مدننا على نحو مستدام. وعملت على وضع عدد من الاستراتيجيات والسياسات التي تعزز من الاستفادة من تحديات التغير المناخي، كفرص نمو سانحة، ومنها تعزيز القدرة على الانتقال بالاقتصاد الوطني إلى اقتصاد أخضر ومرن، يسهم في التخفيف من التغير المناخي، والتكيف مع تداعياته. ونفذت الدولة في هذا الإطار، مجموعة من البرامج والمبادرات، شملت تحفيز الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، ونشر استخدام حلولها محلياً وعالمياً، ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، واعتماد منظومة تبريد المناطق الموفرة للطاقة، وتطبيق منظومة نقل مستدامة. ويعد قطاع التشييد والبناء والبنية التحتية، واحداً من أهم القطاعات التي تواجه تحديات التغير المناخي، لذا، طبقت دولة الإمارات منظومة متكاملة من معايير البناء، التي تستهدف تعزيز كفاءة استخدام الموارد، وبفضل هذه الجهود، أصبحت الإمارات اليوم واحدة من أكثر عشر دول خارج الولايات المتحدة، تمتلك أكثر عدد من المباني المعتمدة من قبل نظام الريادة في تصاميم الطاقة والبيئة «ليد». تحقيق الاستدامة وإلى جانب ذلك، أجرت وزارة التغير المناخي والبيئة، بالتعاون مع جهات ومؤسسات عدة في القطاعين الحكومي والخاص، تقييماً للتأثيرات المستقبلية لتداعيات التغير المناخي على أهم القطاعات الحيوية في الدولة، ومنها قطاع البنية التحتية. ونتاج ذلك، وضعت دولة الإمارات، الإدارة الفاعلة للنفايات، ضمن أولوياتها، محددة هدفاً طموحاً، تمثل في الوصول بمعدل معالجة النفايات البلدية الصلبة، إلى 75 في المئة من إجمالي حجم النفايات بحلول 2021، واعتمدت أول قانون وطني اتحادي للإدارة المتكاملة للنفايات. جهود ترتكز جهود دولة الإمارات في التصدي لتحديات التغير المناخي، على خفض انبعاثات الكربون، عبر إطلاق العديد من المبادرات لزراعة ملايين الأشجار على مستوى الدولة، بالإضافة إلى إطلاق مشروع «الريادة»، والذي يبرهن على أن تقنية التقاط وتخزين الكربون، تمثل حلاً تجارياً مجدياً للحد من الانبعاثات الصناعية لغاز ثاني أكسيد الكربون. ووضعت الدولة استراتيجيات وطنية بعيدة المدى، لتحفيز الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، منها على وجه الخصوص «رؤية الإمارات 2021»، و«مئوية الإمارات 2071»، والاستراتيجية الوطنية للتنمية الخضراء، وأجندتها الخضراء 2030، والخطة الوطنية للتغير المناخي 2050. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :