حملت الفرقة اللبنانية المشاركة في فعاليات الدورة الـ18 من «أيام الشارقة التراثية» تراث «الميجنا» و«العتابا» إلى قلب الشارقة لتشعل بصوت الحدى وإيقاع الطبول «مسرح الجاليات» المخصص للعروض الفنية العربية والأجنبية المشاركة في الحدث، حيث أخذت الفرقة جمهور الحدث إلى ذاكرة الجبال والحصادين وأغاني الكروم وما يعلو فيها من مواويل وأهازيج ليعبروا عن تراث لبنان العريق. وبأثوابهم الملونة التي تذكر مشاهديها بليالي بعلبك ومسرح الرحابنة، مزجت الفرقة اللبنانية بين ذاكرة الغناء الشعبي اللبناني وبعض الأغاني المعاصرة ذات الأصول التراثية، ليقدموا بذلك لوحة متكاملة لتحولات الأغنية الشعبية اللبنانية ومناسباتها، فمن العتب على المحبوب، إلى التغني بالفروسية والشهامة، مروراً بجماليات شجرة الأرز ورمزيتها، وصولاً إلى نداء الراحلين والغائبين الذين حملتهم رحلات «سفربرلك» والهجرات إلى كل بقاع الأرض. قرية الحرف من جهة أخرى، تختصر الحرفيات المشاركات في جناح «قرية الحرف التراثية» خلال «أيام الشارقة التراثية 18» حكاية أقدم الحرف في شبه الجزيرة العربية، ويتركن عملهن يروي بصورة حية سيرة هذه الحرفة وتاريخها وجماليات صناعتها. وسكنت «السدو» دولة الإمارات منذ عقود طوال، وارتبطت بالبيئة الصحراوية، ويكفي التأمل في ألوان مشغولاتها ونقوشها الهندسية لمشاهدة صورة صادقة عن أولئك الذين عاشوا في ظلال هذه البيئة، وعرفوا جيداً كيف يستغلون مواردها الطبيعية على قلتها وتطويعها لصالحهم. وتُشد خيوط الصوف على «النول» بعد أن تبرم على المغزل للحصول على الخيوط التي تستخدم في حياكة بساط السدو، وقديماً كان الرجال والنساء يمارسونها، ولكن النساء كنّ أشد إتقاناً وبراعة فيها، يتقنّ تماماً رسم النقوش عليها. أما الألوان، فكانت قديماً قاصرة على الأبيض والأسود والأحمر، ولكن مع مرور الوقت، بدأت تدخل عليها ألوان أخرى، مثل الأخضر والبرتقالي والأصفر، وغيرها. وكانت المرأة الإماراتية قديماً تستخدم الأصباغ المستخرجة من الأعشاب الصحراوية، فجماليات قطع «السدو» تكمن في محافظتها على ألوانها الطبيعية، كما كانت الحرفيات يمضين في إنتاج البساط الواحد وقتاً طويلاً، قد تصل المدة أحياناً إلى شهر ونصف. سيرة تلخص إحدى الحرفيات سيرة بلادها السودان أمام زوّار فعاليات الدورة الـ18 من «أيام الشارقة التراثية»، إذ تقدم مع كل غرزة تحيكها في الجلد، قصة شعب استوطن حول النيل منذ آلاف السنين، وبنى حضارة كبيرة لها تاريخها العميق، وتشكلت ملامح تراثه من الطمي وأشجار النخيل والتربة السمراء، فهي اليوم تصنع من جلود الأبقار والماعز حقائب وأحزمة، وأغلفة دفاتر وكتب لتقول: إن أرض السودان صديقة أهلها ورفيقتهم في الخير والعطاء وهم أبناؤها المخلصون.
مشاركة :