جيل الطيبين، هل سقطت القدوة؟

  • 2/20/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

سبق وتناولت في مقالي السابق مصطلح “جيل الطيبين”، وذكرت أن هذا المصطلح مراوغ وغير بريء بالمطلق، وأنه جزء من صراع الأجيال الذي يديره الجيل اللاحق ضد الجيل السابق باحترافية وذكاء حادين على غير ما اعتادت عليه البشرية طوال تاريخها حيث اعتاد أن يمارس الجيل القديم صراعه ضد الجديد. هذه الحالة الغير معتادة لصراع الأجيال هي حالة عالمية برأيي، تشهدها كافة المجتمعات المعاصرة بسبب المد الهائل للتقنية ووسائل المعرفة واكتساب المعلومة بعيداً عن حواجز الزمان والمكان. وقد كنت قبل أسابيع في حديث مع صديق جنوب أفريقي من أصول غربية في السبعين من عمره يحمل شهادة الدكتوراه عاش وعمل في معظم دول العالم يشتكي وبمرارة بأن أحفاده لم يعودوا ينصتوا إليه أو يهتمون بحكاياته ولا حتى بنصائح آبائهم وأمهاتهم، بل أنهم يسخرون منها أحياناً، وهذا ما دفعني حقيقة للتفكير والبحث في هذا الجانب الذي نعانيه نحن أيضاً مع أبنائنا بصيغ وبطرائق مختلفة. المعرفة هي من تشكّل العقل البشري الذي يصنع الحضارة، وعندما تتغير مضامين هذه المعرفة ومصادر وآليات اكتسابها فلا شك بأن العقلية البشرية ستتغير معها إلى الأبد، وطوال تاريخ البشرية كان الجيل السابق هو مصدر المعرفة الوحيد للجيل اللاحق له، فمن خلال التعامل والتلقين والتعليم المباشر كان الجيل السابق يقوم بنقل معارفه ومهاراته وأفكاره ورؤاه للجيل اللاحق، ناقلاً له كافة جوانب ثقافته المحلية وموروثاته وطرائق معيشته. بهذه الكيفية ومن خلال السلطة المعرفية المطلقة انتقلت الثقافات والحضارات من جيل إلى آخر عبر المجتمعات البشرية، مثّل فيها الأب والعم والخال.. ، الأبطال المطلقين بعيون أبنائهم واقربائهم من الجيل اللاحق، فهل يمارس الأب والأم والعم والخال هذا الدور الأن؟ بتصوري لا. لقد أتت وسائل التقنية بكم هائل من المعلومات والمعارف والمهارات التي لا يعرفها الأب أو الأم ولا محيط الأقارب، وأحياناً لا يستطيعون حتى تعلّمها بسبب جهلهم النسبي بالتقنية مقارنة بالأبناء، بالشكل الذي جعلهم يكتسبون المعرفة من هؤلاء الأبناء بدلاً من منحها لهم، فكيف لهم أن يبقوا قدوات؟ بتصوري أن مفهوم القدوة التقليدي أنتهى أو اقترب من النهاية، وبالتالي نحن أمام عالم جديد ومخيف بعض الشيء.   رأي : تركي رويّع t.alruwaili@saudiopinion.org

مشاركة :