لم يخف المشاركون في مؤتمر مكة المكرمة «الشباب والإعلام الجديد» (اختتم البارحة الأولى) دور الشباب الرزين في اكتشاف خفايا مواقع التواصل الاجتماعي ووضع خطة لترشيد ما ينشر فيها، خصوصا أن الإعلام الجديد وما يكتنفه من تحديات كبيرة يتيح فرصا كثيرة، مثل: التفاعلية، والآنية، العالمية، انخفاض تكاليف الحصول على التقنية. لذا فإن المؤتمر طالب بإنشاء جائزة سنوية تتولاها الهيئة الإسلامية العالمية للإعلام، لإبراز وتعزيز دور الشباب في ترسيخ ثقافة الابتكار والإبداع، بالإفادة من وسائل الإعلام الجديد. وجاءت هذه المطالبة أن «الإعلام الجديد» لم يصاحبه من التقويم والتخطيط ما يحدد سياقاته ويسدد ممارساته ويصوب سلوكه، وأن المجتمع المعاصر الذي بلغ في التقنية مستويات عالية، بحاجة إلى القيم التي تعيد الإنسان إلى فطرته، خصوصا أن استخدام بعض الشباب للإعلام الجديد يتسم بظواهر سلبية مثل: العفوية، والعشوائية، ونقل الشائعات، والمبالغات، وإضاعة الأوقات، وقد يفضي هذا الاستخدام الخاطئ من ناحية شرعية، أو يسهم في تنامي الشعور بالرفض والانفصال عن الواقع. ونظرت توصيات المؤتمر إلى الفرص المتاحة للإعلام الجديد، والظروف التي تمر بها الأمة ورأت: إبراز الوجه الحضاري للإسلام، والتعريف به والتركيز على قيمه، وتشجيع المؤسسات الإعلامية على استثمار مناشط الإعلام الجديد في تقديم برامج هادفة ترفع مستوى الوعي، وتستجيب لحاجة الشباب إلى المعارف الدينية وإلى فهم الإسلام والدعوة إليه، ومواجهة التحديات التي تهدد الهوية الإسلامية. أما فيما يخص الشباب المسلم، فإن المشاركين في المؤتمر أكدوا على أهمية معرفة توجهات الشباب، وتنمية الوازع الديني لديهم، دعما لأدائهم الإعلامي، وتوطيد ثقتهم بمجتمعهم، ليحسنوا التفاعل مع الإعلام الإلكتروني، ويوظفوه في الحوار الثقافي، تحقيقا للوفاق والتعاون الاجتماعي، ونشر الوعي بينهم، وإعداد ونشر برامج لتوعية الشباب وتحصينهم بالمعرفة، والاهتمام بالتربية الإعلامية النقدية التي تمنح القدرة على تقويم المحتوى الثقافي في الشبكة العالمية، وضع استراتيجية إعلامية تسهم في برمجة وإصلاح النشاط الشبابي في المجتمعات المسلمة. ولم يغفل المؤتمر دور العلماء والمؤسسات الإعلامية في تعزيز استراتيجيات العمل الدعوي في الفضاء الرقمي، بما ييسر إقامة شبكات تواصل فعالة بين العلماء والباحثين، وبين الشباب والإعلاميين، واستصحاب جهود العلماء في مجالات الدعوة كافة. وفي رؤية تصويرية للإعلام الإسلامي الجديد، فإن المؤتمر خرج بعدة توصيات، ولكن أبرزها: بلورة رؤية إعلامية عالمية وفق أصول الإسلام وقيمه، وتطبيقها في مشروعات ومنتجات إعلامية، تـأهيل الكفايات البشرية الإعلامية، وإطلاق برامج تعطي للإعلامي المسلم حضورا على الصعيد العالمي، ودعمها بالإمكانات المادية والعلمية والبشرية لتتحول إلى فضاء إعلامي مؤثر، وإنشاء مراصد لمتابعة ما ينشر في الإعلام، وتحليله، والكشف عن مضامينه وغاياته واتجاهاته، وتقديمه للمؤسسات المعنية للإفادة منه، وإصدار أنظمة تشجع الإنتاج الثقافي والإعلامي الصحيح، ونشره، وتوزيعه، وذلك دفاعا عن الهوية الثقافية، وحماية حقوق المبدعين والمؤلفين، ومقاومة التبعية الثقافية والغزو الفكري.
مشاركة :