باحثون يشككون في مصداقية ظاهرة العولمة

  • 9/19/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

استعرض الباحثون المشاركون في مؤتمر مكة المكرمة السادس عشر الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي بعنوان "الشباب المسلم والإعلام الجديد"، واختتم أعماله أول من أمس، مسألة الهوية والعولمة موضحين أن أهم ملاحظة تسترعي نظر الباحث في ثنائية الهوية والعولمة هي أنها تتخذ طابعاً إشكالياً معقداً تجعل العديد من المهتمين يشككون في مصداقية ظاهرة العولمة، التي تستهدف الإنسان في هويته وخصوصيته الدينية والثقافية واللغوية. وتحدثوا في هذا الجانب "المفزع" من العولمة، وقالوا إن العولمة ظاهرة إنسانية مشتركة أسهمت كل الأمم والشعوب على مر الزمان في نشوئها وبلورتها، لتُيسّر للإنسان أسباب الحياة الخالية من الأوبئة والحروب والفاقات. وأوضحوا أنهم توصلوا خلال هذه الدراسة حول ظاهرة العولمة في علاقتها مع قيم الهوية الإسلامية إلى جملة من المحصلات، يتحدد أهمها كالآتي: تُحيل الهوية الإسلامية على مجموعة من المقومات الجوهرية في شخصية الإنسان المسلم كالعقيدة والتاريخ والتراث واللغة والثقافة، وتنبثق الهوية من الذات أولا بشكل فطري، ثم يتأثر المولود بعد ذلك بطبيعة السياق الديني والثقافي الذي ينشأ ويترعرع فيه. أما العولمة فهي مرحلة لاحقة في تاريخ الذات (الإنسانية)، إنها بذلك طارئة على الذات، والطارئ لا يمكن له أن يلغي السابق والثابت. وأكدوا أن قيم العولمة لا تشكل أي تهديد للهوية الإسلامية، بل العكس صحيح، فمنظومة القيم الإسلامية المتماسكة هي التي تتحدى خصوصا ذلك الجانب المنحرف في العولمة، أما القيم الكونية الجامعة التي تُرافع من أجل كرامة الإنسان والعدالة الاجتماعية والتسامح الديني وحماية البيئة، فالإسلام أولى بها، لأنه جاء منذ أكثر من أربعة عشر قرنا لترسيخها والذود عنها، لذلك فالمسلمون مدعوون اليوم للتكتل حولها مع غيرهم قصد إعمار الكوكب الأرضي وحمايته من التلوث والاستنزاف، وإذا ما تعارضت هذه القيم مع مقاصد الدين الإسلامي استدعى الأمر إعمال آلية الإعراض القرآني، التي تجنب المسلمين الخوض فيما لا يعنيهم، وتبعدهم عن الوقوع فيما يسيء إلى هويتهم الدينية. قادة الغد .. أمل المستقبل وتناول الباحثون موضوع الإلحاد والانحلال الأخلاقي في الإعلام الجديد مذكرين أن الإسلام اهتم بالشباب اهتماما جادّا، وأرشدهم إلى سبل الخيرات، ورسّخ فيهم دعائم الإيمان وفضائل الأخلاق، لأنهم قادة الغد، وأمل المستقبل، وبصلاحهم تصلح أحوال العباد والبلاد، وفي واقعنا المعاصر أصبحت المجتمعات العربية والإسلامية عموما وشبابها خصوصا مستهدفة، تحت تأثير إعلام جديد ومفتوح، في ظل أجواء محمومة ومليئة بحملات التشكيك وتشويه الدين عبر مختلف وسائله الحديثة والمتطورة، كشبكات التواصل الاجتماعي، والحقيقة أن هناك مؤامرة واسعة النطاق على الأخلاق الإسلامية، تتزعمها المنظومة العالمية للفكر الإلحادي المتمثّل في الشيوعية الملحدة والصهيونية العالمية والعلمانية المتطرّفة، التي تجتهد ليلا ونهارا في نشر الثقافات والأفكار والمبادئ الهدامة، كإشاعة الإلحاد ونشر الانحلال الأخلاقي، وترويج لمظاهر التحلل والفجور على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع. التربية الإعلامية وفي نقاش لترشيد الإعلام الجديد استعرض المتحدثون التربية الإعلامية مشيرين إلى أن الفرد في المجتمع يتعرض يومياً إلى كم هائل من الأخبار والمعلومات والإعلانات، عن طريق وسائل إعلام عديدة ومختلفة. كما أن وسائل الإعلام المختلفة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية ما يعني أن العديد من الأفكار والصور والمعلومات نستقيها من هذه الوسائل، وهذه الصور والمعاني تحدد لنا في غالب الأحيان كيف نتصرف وكيف ننظر إلى الآخر ونتعامل معه. وخلص الباحثون إلى أهمية موضوع التربية الإعلامية والوعي الإعلامي، حتى يعرف أفراد المجتمع كيف يتعاملون مع مختلف وسائل الإعلام، ويستفيدون منها، ويسخرونها لتنمية وتطوير معارفهم وثقافتهم. فالتطور الذي عرفته البشرية عبر العصور، من مجتمع زراعي إلى مجتمع صناعي إلى مجتمع معلوماتي، أدى إلى انتشار وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، ما أثر في طريقة تفكير البشر وتصرفاتهم وسلوكهم ونظرتهم للمجتمع الذي يعيشون فيه، وكذلك نظرتهم للآخرين. وفي سياق متصل فإن دور المؤسسات الإسلامية وحضور العلماء في وسائل الإعلام الجديدة يساعد على نشر الدعوة الإسلامية إلا أنه يحتاج إلى كثير من الأفكار العلمية الصالحة للتطبيق التي لا يمكن معرفتها إلا من خلال الممارسات النشطة والفاعلة إضافة إلى أن مستقبل الفكر الإسلامي عبر الفضاء الرقمي مرهون بحضور المؤسسات الإسلامية والعلماء مثلما هو خاضع لكثير من المتغيرات والتعقيدات الثقافية والاجتماعية. جائزة سنوية لترسيخ الابتكار والإبداع حث المشاركون على المطالبة بمراجعة المعايير، وإصدار الأنظمة التي تحول دون نشر مواد تحرض على الكراهية والإرهاب وإنشاء جائزة سنوية تتولاها الهيئة الإسلامية العالمية للإعلام، لإبراز دور الشباب في ترسيخ ثقافة الابتكار، وأوصى المؤتمر بـ: • إبراز الوجه الحضاري للإسلام • تأصيل قيم التسامح والعيش المشترك • احترام الأديان في وسائل الإعلام • ترسيخ ثقافة الحوار والشورى ومكافحة الفساد • إصدار أنظمة خاصة بالجوانب العقدية والخلقية في استخدام الإعلام الجديد • التحذير من الإرهاب الإلكتروني • توعية الشباب بخطورة التساهل في بث أي معلومة • التأكيد على مشاركة الشباب في مناقشة قضاياه • دعوة القطاع الخاص لتنظيم مسابقات بين الشباب • إطلاق المشاريع التي ترفع مستوى الكفاية والأداء لأنماط الإعلام الجديد • الاهتمام بالتربية النقدية لتقويم المحتوى الثقافي في الشبكة العالمية • إطلاق برامج تعطي للإعلامي المسلم حضوراً على الصعيد العالمي • دعوة الجامعات العربية والإسلامية إلى الاهتمام بحثيا بالمشكلات التطبيقية • اعتبار اللغة العربية أساساً في نشر الثقافة • رفض المحتوى الإعلامي الذي يسيء إلى المقدسات • دعوة أصحاب رؤوس الأموال إلى الإسهام في دعم وتمويل الإنتاج الثقافي

مشاركة :