كل مجتمع له أفكاره وتوجهاته وسلوكياته المعتمدة على ثقافته التي تشكلت من العقيدة والمبدأ والمذهب والعرف والعادات والتقاليد ونمط الحياة، وحين يطرأ على المجتمع أي تغيير أو تغير، ينتاب المجتمع خوف ورهبة من نتائج هذا التغيير، وإذا كان هذا التغيير يمس أهم حيثيات هذا المجتمع يفزع المجتمع ويعترض بعضه. ومن أهم عناصر المجتمعات العربية المحافظة على كيان الأسرة وعلى الأعراض، والاهتمام بها بالغ وهذا حق مشروع وواجب، لكن في مراحل معينة من حياة بعض المجتمعات كانت الطريقة ومازالت التي يحافظ بها المجتمع على تلك العادات والتقاليد والأعراف، فيها نوع من الخلل والازدواجية والشدة والظلم والقسر عند البعض بحجة الحفاظ والخوف على الدين والأسرة والأعراض، وضُيق النطاق على بعض أعضاء المجتمع دون الآخر وفي هذا إيلام لبعض عناصره بحجة الثقافة والأعراف التي شكلها الوعي والسلوك والأسلوب في التعامل مع تلك المستحدثات المجتمعية بحجة أن الدين يأمر بذلك. الحقيقة أن ما يمثل الدين في هذا الأمر آيات كريمة عظيمة «أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى»، فالكل هنا مسؤول، «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة» وهذا أساس التعامل، «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة» وذكر الله هنا الدرجة في الفضل وليس الإساءة والتسلط، «وإنك لعلى خلق عظيم» ومن هنا تزدهر المجتمعات برجالها ونسائها، «وبالوالدين إحسانا» لن يخالفها سليم الفطرة والتربية ولدًا كان أو بنتًا، «قال سنشد عضدك بأخيك» لو فهمنا ديننا جيدًا عشنا بهجة الحياة فعلا بدلا من المنع والممنوع والإغلاق والعنف. فلو صحح المجتمع بكل مؤسساته طريقته في التعامل مع أعضائه، وراعى في تربية أفراده على القيم الدينية الحقيقية والسلوك السوي في كل تعاملات الحياة والسلمية والشفافية والسلام والمحبة والمرونة في التعامل والتربية على الوعي الحقيقي بالدين السلوك السوي، لخفت حدة الخوف والفزع والرهبة من التآمر والتمرد على بعضه. واعترف حينها كل إنسان بحق الآخر في الأهلية رجلًا كان أو امرأة، ومن هنا جاءت القوانين واللوائح لتصحح المسار، ليكتشف المجتمع عندئذ إن كان فعلًا يراعي دينه وثقافته فليحترم نفسه رجلاً كان أو امرأة ويحترم دينه ويحترم وطنه ومجتمعه ويحترم قوانينه، فيزيد الوعي ويستقيم السلوك وتصبح الشفافية هي الأساس في التعامل بدلا من النفاق الذي لا يمت للإسلام بصلة، وأن يمضي كل في طريقه في عمارة البلاد والعباد، ويصبح كل إنسان يراعي ربه في تعامله مع الآخر رجلًا كان أو امرأة، وتعود الحضارة الحقيقية وتنهض البلاد بالدين والعلم والوعي والتجديد للسلوك وللحياة.
مشاركة :