ذكر الرئيس التنفيذي للمجموعة بالتكليف في بيت التمويل الكويتي (بيتك) عبدالوهاب الرشود أن النظرة المستقبلية للاقتصاد الكويتي ليست بمعزل عن القضايا الجوهرية المتجذرة التي تعانيها البلاد، مثل الاعتماد الكبير على النفط والاقتصاد الذي يفتقر للتنوع، مشيرا إلى أن هذه القضايا شكلت ضغطا على المركز المالي للكويت والنشاط الاقتصادي، وحجمت قدرة البلاد على المضي قدما في مخطط تنويع الاقتصاد وتطبيق الإصلاحات الجريئة. وقال الرشود، في مقابلة مع مجلة «ذي بانكر» إن الجمود الحالي الذي تعيشه البلاد قد يشهد انفراجة نظرا لبعض عوامل القوة التي تملكها الكويت، مثل الأساسيات الصلبة والقطاع المصرفي والمالي القوي وارتفاع الدخل، والأصول الحكومية الكبيرة التي كدستها أثناء فترة ازدهار النفط، وانخفاض حجم الالتزامات الخارجية، إضافة إلى وجود شريحة من رواد الأعمال الشباب القادرين على دعم النمو، مضيفا أن هذه العوامل قد تساعد البلاد في خططها نحو تنويع الاقتصاد في إطار رؤية الكويت 2035 التي تهدف إلى تحويل الاقتصاد القائم على موارد الطاقة إلى اقتصاد مبني على المعرفة وخلق نمو مستدام. وأكد أن الاقتصاد وقطاع الأعمال في الكويت بحاجة إلى أن تتخذ الحكومة خطوة نحو المضي في تنفيذ مشروعاتها التي رصدتها لتنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على الطاقة كمصدر رئيسي للإيرادات، واتخاذ إجراءات صارمة لدعم الاقتصاد واستدامة الإصلاحات لتعزيز النمو المتنوع بقيادة القطاع الخاص. أولويات استراتيجية وعن أبرز الأولويات الاستراتيجية التي يضعها «بيتك» لعامي 2021 و2022، أفاد الرشود بأن «بيتك» ماضٍ في استراتيجيته الرقمية للمضي قدما لمواكبة أحدث التطورات في عالم الصناعة المصرفية، إضافة إلى زيادة الاعتماد على الرقمنة والذكاء الاصطناعي في كل العمليات التي تتعلق بقطاع الأعمال، وتقليص الأنشطة اليدوية إلى حوالي الصفر من خلال تبني أفضل الحلول الرقمية. وأضاف: «إلى جانب هذا، نسعى إلى تعزيز استراتيجيتنا للأمن السيبراني وتطبيق أفضل العمليات في مواجهة أي تهديد يتعلق بهذا المجال، وهذه أولوية وسط تطور الرقمنة بصورة سريعة، وكجزء من استراتيجيتنا للتحول الرقمي نسعى إلى توفير خدمات مصرفية عبر الموبايل عالية الجودة ودون انقطاع، والتركيز على صحة وسلامة موظفينا وعملائنا في ظل الجائحة». النمو الائتماني وأشار الرشود الى استقرار النظام المصرفي في الكويت، والأصول القوية التي تدعم الاقتصاد الكويتي من شأنها أن تؤمن ظروفا ائتمانية قوية، مضيفا أن البنوك الكويتية تتمتع بمعدلات رأسمال قوية ومستويات سيولة مرتفعة. وأوضح أن توقعاته بالنسبة لعامي 2021 و2022 تعتمد على تعافي الاقتصاد وثقة المستثمرين بالسوق التي ترتبط دون أدنى شك بالجائحة، مضيفا أن المحركات الرئيسية لنمو الائتمان في ضوء التحسن التدريجي هي بشكل أساسي قطاع الأفراد، والشركات، والشركات الصغيرة والمتوسطة والإنفاق الاستثماري الحكومي على البنية التحتية في إطار رؤية الكويت 2035. ولفت الى انه نتيجة الإغلاق وتراجع النشاط الاقتصادي في الكويت متأثرا بالظروف الأخيرة، زاد معدل التمويلات المتعثرة في القطاع البنكي المحلي بنسبة 0.5 في المئة، من 1.5 في المئة في 2019 إلى 2 في المئة في 2020، وهذه النسبة لاتزال منخفضة قياسا بالمستويات التاريخية، مما يعزز الثقة في قوة القطاع المصرفي، مضيفا أن معدل تغطية التمويلات المتعثرة انخفض من 271 في المئة إلى 222 في المئة، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى تجنيب المخصصات لمواجهة التمويلات المتعثرة. ويرى أن هذا المعدل يعتبر ضمن المستويات السليمة، مما يعزز جودة الأصول ويؤدي دوره كمصدات إضافية لمواجهة أي تراجع محتمل في المحفظة الائتمانية سببه استمرار الجائحة، ورغم استئناف معظم الأنشطة الاقتصادية والأعمال بشكل كبير فإنه يرى أنه لا يمكن وضع تصور دقيق عن حجم التمويلات المتعثرة، لأن الجائحة لم تنته بعد، وأن التطعيم ضد فيروس كورونا سيستلزم وقتا أطول. الصيرفة الرقمية وفيما يتعلق بتأثير الجائحة على الخدمات المصرفية الرقمية، أكد الرشود أن «بيتك» سباق في نموذج عمله ومنهجيته القائمة على تبني التغيير والتعامل مع الأزمات بكفاءة وفعالية، مضيفا أن أزمة كوفيد 19 نجح في تحويلها إلى فرصة، حيث كان «بيتك» جزءا من الحل وليس المشكلة، معتمدا كليا على أدواته الرقمية في تسهيل الخدمات على العملاء. وأوضح أن «كوفيد 19» سرعت استراتيجية «بيتك» للتحول الرقمي، من خلال توفير خدمات مصرفية عبر الموبايل عالية الجودة ودون انقطاع، والتركيز على سلامة وصحة الجميع، مشيرا إلى كفاءة الخدمات الرقمية التي يتميز بها «بيتك»، حيث تجسدت بتنفيذ عملاء البنك نحو 140 مليون عملية مصرفية رقمية عبر الموقع الإلكتروني أو تطبيق الموبايل خلال 2020، وهو ما يؤكد نجاح استراتيجية التحول الرقمي للبنك وسعيه الدؤوب نحو توفير حلول مصرفية مبتكرة عبر الموبايل أو القنوات البديلة، لتمكين العملاء من استكمال معاملاتهم على مدار الساعة أينما كانوا، بسهولة وأمان. وحول استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للبنك، أفاد بأنها تجلت بشكل كبير في دعم الجهود الحكومية والتدابير التي اتخذتها لمواجهة الجائحة. واردف: «سعيا نحو تطبيق استراتيجية التحول الرقمي، يعمل بيتك على زيادة استثماراته في التكنولوجيا من خلال تبني أحدث ابتكارات التكنولوجيا المالية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في المعاملات المصرفية، إضافة إلى التفرد في الخدمات المصرفية عبر الموبايل وخدمات فرعه الإلكتروني الذكي KFH Go، الأمر الذي يعزز التجربة الرقمية للعملاء، ودفع عجلة التطور الرقمي في الصناعة المصرفية، إضافة إلى تفعيل خطة استمرارية الأعمال بنجاح في حالات الطوارئ». حملات التوعية وأشار الرشود إلى أنه نظرا لتغلغل الخدمات المالية، وتطور المعاملات المصرفية الإلكترونية، وتسارع النشاط الرقمي، وزيادة معدلات انتشار الإنترنت، أصبحت التوعية المالية (Financial literacy) تحديا متزايدا في المجتمع. وشدد على أهمية الأمن السيبراني وتوعية العملاء المستمرة بالمخاطر المحتملة للجرائم الإلكترونية، مبينا انه يمكن تحقيق ذلك من خلال الحملات الأخيرة، مثل حملة لنكن على دراية التي أطلقها بنك الكويت المركزي بالتعاون مع اتحاد مصارف الكويت، لزيادة الوعي العام بدور القطاع المصرفي وتعزيز الثقافة المالية للمجتمع.
مشاركة :