القراءة وحدها لا تصنع الفرق

  • 6/26/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هناك تصور شعبي يكاد يكون كاملًا، تعززه رؤى بعض أرباب الثقافة ومنظريها، بأن الثقافة تعني القراءة، وأن القراءة تعني الثقافة، في حين أن هذا الارتباط وبهذا الشكل الملزم غير صحيح وغير دقيق على الإطلاق. القراءة تصنع المعرفة، والمعرفة قد تساهم نسبيًا في تحسين الثقافة، ولكنها غالبًا لا تفعل، لأن هناك عوامل أقوى منها بكثير تفعل ذلك، هذا إن تحدثنا عن الثقافة بوصفها الجانب المكتسب من السلوك الإنساني، وليس الثقافة بمفهومها الشعبي الذي نطلقه عليها عادة. فنحن نكتسب من خلال القراءة المعرفة، وهذه المعرفة ستنعكس على بعض أو معظم سلوكياتنا الواعية وتمنحنا مساحة أعلى في المناورة السلوكية الاجتماعية، ولكنها تسقط مباشرة أمام سلوكياتنا الانفعالية، لأن هذه المعرفة ستكون في حيز آخر غير منظومة القيم التي تتشكل من خلال العاطفة والمشاركة والفترة الزمنية لهما. الثقافة ليست معرفة مجرّدة وإنما وعي وإدراك بتداعٍ كسلوك يمارس على واقع الحياة، الثقافة هي تعاطي الإنسان مع محيطه، وتفاعله الواعي مع جزئيات ومعطيات هذا المحيط، هذا الوعي ليس بالضرورة اكتسابه من خلال القراءة فقط، فالقراءة ليست سوى مصدر واحد من عدة مصادر يستطيع الإنسان اكتساب وعيه المعرفي منها. الثقافة ليست معارف ومعلومات يتباهى بها البعض، وليست تعابير رنانة يتشدق بها البعض الآخر، وإنما هي وعي وطريقة تفكير وحياة وتعاطٍ، من الممكن أن يكتسبها الإنسان الحذق والنبيه من تعايشه وتجاربه وطرائق اكتسابه لمعارفه التي ليس من الحتمي والملزم أن تقتصر على القراءة، فمصادر الثقافة تتسع باتساع هذا الكون المتنوع، وباتساع رغبات الإنسان ودوافعه نحو الاكتساب.

مشاركة :