«إرضاء الناس» أقصر الطرق للتعاسة

  • 7/31/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

محاولة إرضاء الناس هي الخيار الإنساني الأسوأ على الإطلاق، لكونها حالة استعباد اختيارية، يتجه لها الإنسان برغبته وبكامل إرادته، في حين أن التصالح مع النفس والوصول إلى حالة سلام معها، هو أفضل ما قد يحققه هذا الإنسان في حياته، بمعزل عن الآخرين ورؤاهم وتقييماتهم له وللحياة، لكن هذا التصالح مع النفس قد يكون هو السلوك الأصعب علينا برغم بساطته الظاهرية. فلأننا نعيش في مجتمع مغلق وبالغ التشابك الفوضوي في بُناه الاجتماعية، بالشكل الذي يصبح معه الفرد غير قادر على تحقيق ذاته، من خلال رؤيته الذاتية لنفسه وللحياة المحيطة به، مما يجعله يستلهم قيمة نفسه وتقديرها من خلال الآخرين وليس من خلاله هو، لذلك فإنه يتجه وبشكل لا واعي نحو تملّق الآخرين والبحث عما يعتقد بأنه قد يرضيهم من سلوكيات أو أفكار، متجاهلًا منطلقاته ورغباته الذاتية بشكل يكاد كلّي. بهذه الكيفية كلنا نتحول بشكل أو بآخر إلى كائن مستعبد اجتماعيًا بكامل إرادته، كائن تحكمه رؤى ورغبات المجتمع وطرائق تفكير العقل الجمعي الذي يسيطر عليه ويلغي عقله الفردي، مما ينتزع فردانيتنا ويحولنا لجزء من قطيع عام يسير بنا كيفما يشاء دون إرادة منّا. أصعب ما في الأمر، أننا وبكل عبوديتنا الاختيارية هذه لن نحصل على رضا الناس من جهة، ولن نكسب أنفسنا وحياتنا وخصوصيتنا وفردانيتنا من جهة أخرى، وكأننا ندخل في تجارة ندرك خسارتها مسبقًا، ومع ذلك نقدم على ممارستها بلا إرادة منّا، بسبب التنويم الاجتماعي الذي يمارسه علينا مجتمعنا المغلق ويقدمنا كقرابين في أحد الأديان البدائية القديمة.

مشاركة :