أشفق كثيرًا على وزير المياه، ولكن من حقنا عليه أن نسأل عن إنجازاته خلال سنوات عمله الأربع الماضية، أن نعرف، هل عاش – معاليه – يومًا في منزله العامر دون ماء؟ وهل حدث له ما يحدث لنا ككادحين عندما تمارس «أمهات عيالنا» بعد يوم عمل مرهق «زنهن» للبحث عن «وايت» ماء؟. هل ابتزه أحد سائقي المياه مستغلًا انقطاعها فيرضى مرغمًا لكي يجد من تلك القطرات التي لا تستمر إلا أيامًا معدودة ما يروي عطش أسرته ويساعد على تنظيف ملابسه ومنزله ويغلي قهوته العربية؟. هل وقفت يا معالي الوزير يومًا في «الأشياب» والتصق ثوبك الأبيض لساعات بعرق جسدك وأجساد الآخرين؟ وهل حاولت كما يفعل بعضنا القفز من على أحد الحواجز الحديدية، لعله يجد موقعًا متقدمًا في «الطابور» أو أن يستعطف أحد مسؤولي «الشباك» المتجهم، بابتسامة أو بتمثيلية ذات المصاب بنوبة قلبية أو أزمة سكر؟. هل مرت على – معاليك – أيام لم يجد فيها ابنك الصغير ماء ليستحم أو خادمتك لتطبخ كبستك المفضلة إلا بماء «صحة» غالي الثمن؟. ومن توفرت له المياه، هل «اتلسعت» بفاتورة فلكية جعلت «دماغك» تلف السبع لفات؟. هذا ما نعيشه فلا حلول وسط لكي ننعم بالماء، تلك هي معاناتنا مع وزارتك يا معالي الوزير، فلو أحسست بها فلن تنام يومًا واحدًا إلا بعد القضاء عليها، فأنت وبطانتك التي لانزال نأمل فيها الخير، مسؤولون عن سد عطشنا واحتياجنا من المياه، ووضع آلية لجباية الفواتير، فميزانية وزارتك التي تتجاوز 14 مليار ريال سنويا كفيلة بمعالجة ذلك، لو خطط لها بشكل صحيح، خاصة إذا علمنا أن عدد محطات التحلية لا تتجاوز 26 محطة منها 10 محطات صغيرة الحجم تنتج 60 في المائة من إجمالي المياه المحلاة. بينما يمتلك القطاع الخاص النسبة المتبقية!، وأن 78 في المائة هي نسبة الطاقة الإنتاجية لتلك المحطات التي يتسرب منها 20 في المائة من المياه لتشربها الأرض قبل أن تصل إلى أفواهنا، بسبب أن غالبية شبكات المياه في السعودية تجاوزت عمرها الافتراضي، في ظل عدم وجود «أمانة» في مراقبة التسرب وصيانة الشبكات حسب ما قالته الشركة الفرنسية المسؤولة عن شبكات المياه والصرف الصحي، التي كشفت أيضا أن ما يهدر من تلك الشبكة يبلغ 45 في المائة من المياه وليس 20 في المائة. لقد أصبحت أحد أحلامنا في هذا البلد -يا معالي الوزير- وأنت المؤتمن على تحقيقها، أن نفيق صباحًا فلا نجد «وايت» ماء الذي أصبح هوية لمدننا، يجوب شوارعنا، وإن توفرت أن يرفق بنا قارئ العداد. لماذا تهان كرامتنا – كما أوضحت حقوق الإنسان – من أجل الحصول على الماء بينما يغدق ولي الأمر بالميزانيات الضخمة التي قد نخطئ في رقمها لو وددنا قراءته منذ أن تأسست وزارتك، كيف تجف الشبكات التي تصل للمنازل بالمياه بينما تمتلئ «وايتات» المتعهدين بها ليتم بيعها على فقرائنا ومن ليس له يد طولى في شركات المياه و«أشيابها»؟ لماذا لم يتم التوسع في استثمارات القطاع الخاص بعد عجزكم عن القيام بمهامكم؟.
مشاركة :