من منّا لا يتمنى العيش بسعادة وراحة بال، ولكن هناك من اختار طريقًا مرهقًا يبدأ ولا ينتهي بالجري خلف الآخرين، بحثًا عن النموذج الذي يقيس نفسه به، فمسطرة القياس ومعيار التغيير بيد غيره، وينسى مثل هؤلاء أنّ الله سبحانه قد منحه ما منح غيره من البشر لو أنّه فتح قلبه وعقله لأيقن ذلك، ولكن ضعف إيمانه أعماه عما يمتلك، وجعله ينظر إلى ما لا يمتلك، وكأنما قرر هو أنّ سعادته ستكون فيما يمتلك غيره. إنّ بعض البشر اليوم تائهون في عالم بلا نموذج واضح يسترشدون به، فقد أضاعوا بوصلة المنارة المضيئة، وصاروا يتجهون تارة يمينًا وتارة يسارًا، بحثًا عن أي قمة مضيئة يستهدون بها، فلو سألتهم اليوم عما يريدون، فستكون إجابتهم مختلفة عن الأمس القريب، وبعيدة عما ستكون عليه في القادم البعيد، تماشيًا مع ما نراه مع تعدد النماذج التي يصدّرها لنا العالم الافتراضي يومًا بعد يوم بلا توقف، ويجهل ذلك الإنسان أن هناك ألماسًا برّاقًا داخله لو بذل جهدًا إضافيًا لاستخرجه. يخوض الإنسان في مسيرة حياته حروبًا مع ذاته بحثًا عن إدراك هويته، فهو يبحث عما يسعى أن يكون، فيبحث خارجه وينسى داخله! نعم، عندما يكون معيارك في التقييم هو مقارنة أنت اليوم بما هو أنت بالأمس، وبما تسعى أن تكون أنت في المستقبل، فذلك سؤال يعطي صاحبه فرصة للمراجعة الذاتية والتأمل، في محاولة للغوص في أعماق الذات وتحليل حصيلة ما قام به وما سيقوم به، وما يتمنى أن يقوم به، فيأخذه الخيال بعيدًا ويتفرّغ العقل للتقييم والتحليل، فيسافر الخيال بعيدًا ذهابًا وإيابًا، أشبه بعملية مسح شامل لخريطة الحياة الذاتية، ما يزوّد العقل بفرصة لكتابة تقريره ذاتيًا الذي ينتظر أن يصنع فرقًا إيجابيًا في حياة الأنا لدى ذلك الفرد. لا تستهلك وقتك على كوكب الأرض في التسابق لتقليد الآخرين، بل اسع للبحث عن الكنز داخلك، وابذل جهدًا إضافيًا لتخرجه، ففيه ستكون سعادتك.. السعادة الحقيقية تبدأ من داخلك! هل تدرك من أنت اليوم!.
مشاركة :