الشباب في أي مجتمع هم قوامه وأمله ودعامته، وتولي الدول مزيدًا من الاهتمام والعناية بهذه المرحلة، وخصوصًا في المجتمعات العربية والإسلامية، حيث تشكل نسبة الشباب في العديد من تلك المجتمعات ما يقرب من 60 في المائة من نسبة السكان. ويتميز الشباب في هذه المرحلة بالحماس والانطلاقة وحب المغامرة، وهي -بلا شك- مرحلة الطاقة الحيوية التي تكتنف الصحة والرجولة والفتوة. ولذلك كان لزامًا على المسؤولين في مثل هذه المجتمعات توجيه المزيد من الرعاية والتخطيط الجيد للبرامج المقدمة للشباب في هذه المرحلة من أجل إعدادهم وتنشئتهم التنشئة السليمة التي تمكنهم بالقيام بأدوار فاعلة ومنتجة في مسيرة الأوطان. فالشباب -كما معروف- هم عمادة الأمة وأمل الأوطان وقادة المستقبل إن أحسنت رعايتهم وإعدادهم، وفي عصرنا الحاضر الذي يعج بكثير من المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والثورة المعلوماتية والتقنية المتسارعة، والظروف المختلفة التي تمر بها الأمة، تتضاعف المسؤولية المنوطة بكل المؤسسات التي تهتم برعاية الشباب، ويتطلب ذلك تخطيطًا علميًا ينطلق من رؤى علمية وتربوية وثقافية وفكرية تساهم فيه كل القطاعات التي تضطلع بإعداد الشباب ورعايتهم، ولابد من استغلال سمات هذه المرحلة لتنمية الجوانب المعرفية والتفكيرية والإبداعية لدى الشباب، وتوجيه طاقاتهم الوجهة التربوية السليمة. وفي تصوري البسيط فإن الشباب يحتاجون إلى ما يلي: – توفير مزيد من المعلومات والمعارف التي يتم تقديمها لهم في قوالب تدريسية مشوقة بعيدة عن الجمود الفكري والقوالب التقليدية التي لم تعد ذات جدوى في التعليم. – توفير البيئة التعليمية المناسبة سواء في المرحلة الثانوية أو الجامعية، وأعني بذلك البيئة الجاذبة التي تمكنهم من التكيف مع متطلبات التعليم في تلك المرحلة. – تزويد المدارس والجامعات بكل الوسائل التقنية الحديثة التي تضفي على التعليم مزيدًا من الإثارة والتشويق، وتسهم في تكيف الشباب مع متطلبات العصر التقنية الحديثة. – إيجاد برامج توعوية متنوعة تقدمها مؤسسات التنشئة الاجتماعية والتربوية في المجتمع من خلال المحاضرات وورش العمل والحلقات النقاشية والندوات والملتقيات. – تكثيف البرامج الإعلامية التي توجه إلى هذه الشريحة من المجتمع، وفتح مزيد من القنوات الحوارية ذات التوجه الوسطى المعتدل، والبعد عن لغة التهديد والوعيد والتشدد بأنواعه. – الإفادة من الأندية الرياضية التي يميل إليها الشباب في هذه المرحلة ليست فقط الألعاب الرياضية المختلفة وإنما بالتركيز أيضًا على الجوانب الثقافية والتربوية والتوعوية في قالب رياضي مناسب، وكذلك استقطاب المواهب الرياضية والفنية وتطويرها. – إعداد برامج مقننة من خلال المسجد في الأحياء، وفق خطة علمية مدروسة يشارك في تقديمها مجموعة من الأفراد الثقات من ذوي التوجهات الوسطية المعتدلة. – الإفادة من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات في تنظيم جلسات حوارية مع الشباب في المدارس والجامعات والأندية الرياضية وفق خطة مدروسة تشارك فيها كل الأطراف ذات العلاقة برعاية الشباب. – تكثيف جوانب العمل التطوعي وفق رؤية منهجيه واضحة وتشجيع الشباب على الانخراط في الأعمال التطوعية في المجتمع، وهي بلا شك كثيرة ومتنوعة. – تنظيم لقاءات دورية مع الشباب من خلال الجامعات والاستماع لهم، والنزول إلى مستوى مراحلهم العمرية المختلفة واستخدام أساليب متنوعة تتفق مع طبيعة الفروق الفردية بينهم وتتلاءم مع ميولهم واهتماماتهم. – طرح مجموعة من المسابقات الثقافية والإبداعية التي تشحذ همم الشباب وتنشط قدراتهم التفكيرية. – طرح عدد من المسابقات والألعاب الحاسوبية التي تمكن الشباب من المشاركة في المسابقات الدولية وتمنحهم القدرة على المنافسة وتحقيق مراكز متقدمة في مثل هذه المسابقات. – الاهتمام بالجوانب التدريبية وتوفير برامج تدريبية متنوعة ومناسبة للشباب تنمي لديهم المهارات القيادية والإبداعية والتفكيرية. فبقدر ما يوجد المجتمع المستمع لشبابه جيدًا بقدر ما يؤثر فيهم، ويعدل سلوكياتهم وينمى قدراتهم ومهاراتهم ولابد من توافر الرغبة الذاتية لدى الشباب للقيام بأدوارهم الإيجابية في تنمية الأوطان وتقدم المجتمعات. – فالمجتمع الإيجابي يهتم بشبابه. – ويخطط لرعاية أبنائه في هذه المرحلة المهمة من حياتهم. – ويوجه جهود كل المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية والمهنية والأدبية والاجتماعية للنهوض بالشباب. – ويطرح مزيدًا من البرامج والفعاليات المتنوعة التي تلبي احتياجات الشباب. – ويضع الشباب في أعلى سلم أولوياته. – ويستفيد من كل الإمكانات البشرية والمادية التي يمتلكها لإعداد الشباب ليكونوا قادة المستقبل ويسهموا في مسيرة التنمية بصورة جيدة. وإن كان يلاحظ على بعض الشباب أنهم يعانون من بعض المشكلات التي تربك مسيرتهم، ومنها على سبيل المثال: غياب الهدف، فلو تم توجيه سؤال لعينة استطلاعية منهم فحواه: ما الأهداف التي تريدون تحقيقها خلال مسيرتكم الحياتية؟ ستكون إجابة البعض منهم تنم عن عدم معرفة كافية بهذا الجانب. كذلك من المشكلات التي يعانيها بعضهم هو ضعف ثقتهم بأنفسهم، وتدني الهمة، فتجد بعضهم لا يمتلك نظرة جيدة لأعالي الأمور وليس لديه الطموح المتقد لتحقيق أعمال متميزة، بل إن نظرة البعض منهم للحياة والمستقبل نظرة تشاؤمية سوداوية. ومن هنا فإن الشباب أنفسهم بحاجة ماسة جدًا إلى تطوير ذاتهم أولًا وتنمية ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم، ولا شك أن للقدوة الحسنة والنماذج الجيدة من القادة والعلماء والمبدعين أثرها الكبير في نفوس الشباب، وقبل هذا وذاك فإن تنمية التربية الإيمانية والوازع الديني في نفوس الشباب يؤدي إلى نتائج إيجابية رائعة تنعكس في نهاية الأمر على تغيير نمط حياتهم إلى الطريق الصحيح.
مشاركة :