بينت في موضوع سابق عن «كيفية احتساب هامش ربح المنتج العقاري» وذلك من خلال المعادلة الرياضية الخاصة لاحتساب مكرر المتوسط لامتلاك المنازل، والذي هو عبارة عن نتيجة حاصل قسمة متوسط سعر المنزل مقسوم على صافي متوسط دخل الأسرة. وكانت النتيجة هي أن مكرر المتوسط لامتلاك المنازل في السعودية أعلى من كثير من مدن العالم الرئيسية، علما أن متوسط رواتب موظفي القطاع الحكومي والذين يمثلون غالبية المواطنين نحو 7300 ريال، مع الأخذ في الحسبان أن مؤشرات تكاليف المعيشة المتزايدة قد تجعل الفرد يسعى إلى الحد من غلاء المعيشة مع التركيز على تأمين منزل للأسرة بالدرجة الأولى. فكثير من النقاشات والحلول التي تطرح في المجالس أو حتى في وسائل الإعلام الجديد ترى زيادة رواتب موظفي الدولة، أو فك ارتباط سعر صرف الريال السعودي عن الدولار الأمريكي أو حتى بيع النفط الخام بالريال السعودي أو اليورو مثلا بدلا من الدولار الأمريكي. ونحن هنا نرى أن الحلول متعددة نحو حل مشكلات غلاء المعيشة في المملكة، ولكن ليس في مقدمتها زيادة رواتب موظفي الدولة، أو فك ارتباط سعر صرف الريال السعودي عن الدولار الأمريكي أو حتى بيع النفط الخام بالريال السعودي أو اليورو مثلا بدلا من الدولار الأمريكي، إنما الحل الأمثل هو أن نبدا في عمل دراسة بهدف إعادة النظر في تخفيض سعر صرف الريال السعودي مقابل الدولار الأمريكي، وذلك بتخفيض قيمة سعر الصرف من 3.75 إلى 3.1، أي بنسبة 21 بالمائة فقط، ولنا بالخطوة الاحترازية التي اتخذها البنك المركزي السويسري للحفاظ على عملته الفرنك السويسري مثالا على نجاح هذه الإجراء، حيث توقفت عملية تدهور سعره الذي ينجم عن تقلبات سعر الصرف مقابل اليورو، ولكن تثبيت سعر صرف الفرنك السويسري مقابل اليورو عند حد 0.8 سنت لكل فرنك سويسري التي تعادل 21 بالمائة في القرار المنفذ من قبل البنك المركزي السويسري في شهر سبتمبر 2011 أوقف ذلك، وليس هناك مخاطر لأخذ نفس النسبة المقترحة للدراسة نظرا لإمكانية تطبيقها في تصحيح سعر صرف الريال السعودي مقابل الدولار الأمريكي. ونرى أن مثل هذا الإجراء قد يساهم في رفع قيمة صرف الريال السعودي مقابل العملات الرئيسية الأخرى (فرنك سويسري، جنيه إسترليني، يورو، دولار كندي، ين ياباني ودولار أسترالي) وبالتالي تقليص مصاريف الاستيراد على التجار التي تنعكس إيجابا على المستهلك في المملكة من دون أن يتضرر الدورلا الأمريكي بفك الارتباط عنه، بل سيزيد من تعزيز ثبات الطلب العالمي على الدولار الأمريكي كعملة أساسية لشراء سلعة النفط وبالتالي الحفاظ على استقرار عالمي في الطلب على شراء الدولار الأمريكي محققا الموازنة العادلة لجميع الأطراف دون إيقاع الضرر بأي من الطرفين. مع الأخذ في الحسبان أن الدولار الأمريكي ليس مغطى بالذهب كباقي العملات الرئيسية، وإنما يستمد قوة ثباته من خلال وضعه العالمي كونه العملة العالمية الرئيسية لتداول المعادن الثمينة مثل (الذهب، الفضة، النحاس) والمحصولات الرئيسية مثل (القهوة والسكر) والنفط والغاز وتداول سنداتها في سوق الأموال العالمية كلها بعملة الدولار الأمريكي والتي بدورها ينتج عنها الطلب العالمي على شراء الدولار الأمريكي، مما يدفع برفع قيمة الدولار الأمريكي عند ارتفاع الطلب على شراء هذه المعادن والسلع الأساسية وانخفاض قيمة الدولار الأمريكي عند انخفاض الطلب العالمي على شراء هذه المعادن والسلع الأساسية. بالتاكيد أن الطاقة الإنتاجية من النفط الخام في الولايات المتحدة الأمريكية تشهد زيادة، مما يشكل نقطة انتقال نوعية وتاريخية هامة للولايات المتحدة الأمريكية، ربما تتحول من مستورد للنفط الخام إلى مصدر له، فهي الآن تحتل المرتبة الثالثة بمقدار 7.5 مليون برميل نفط في اليوم بعد المملكة، ومن قبلهما روسيا في المرتبة الأولى بمقدار 10.53 مليون برميل نفط في اليوم. د. باسل الساسي
مشاركة :