أوقع ناديا الهلال والاتحاد جماهيرهما في اختبار هو أصعب ما يكون، إذ إن للناديين جماهيرية ضخمة في الرياض وجدة وتتخطاها. تصدر «الهلال» ترتيب الجماهيرية في الوسطى، و«الاتحاد» حل أولًا حسب ما أظهرت حملات «ادعم ناديك»، وبالتالي من الممكن القول: إن «الهلال» كبير الرياض و«الاتحاد» كبير جدة جماهيريًا، وللكيانين قيمتهما الرياضية والاجتماعية الكبيرة. أقول قيمتهما الاجتماعية، لأن كرة القدم والنقاش حول كرة القدم والاكتساء بألوان نواديها، صار ثقافة اجتماعية تفتح لك الأبواب وتكسبك العلاقات وتصنع لك شهرةً أحيانًا في المجتمع السعودي. رزَح هذان الناديان الكبيران تحت وطأةِ اختبارٍ شديدٍ هذا الموسم، وهو اختبار الجمهور أمام الفريق، تعرض «الهلال» لاختلال توازن رغم تفوقه من بداية الموسم وتصدره لسلم الترتيب بالدوري وابتعاده عن أقرب منافسيه بفارق جيد قبل تغير الأوضاع، فبعد أن كان المرشح الأول لتحقيق الكأس والمرشح الأول لتحقيق الدوري بفارق جيد، إذا به يواجه خروجًا تراجيديًا من بطولة الكأس على يد «التعاون» وبنتيجة صادمة وضعته على لهيب من غضب الجماهير، وتعرقلت مسيرته في الدوري أيضًا، وكان لنفس نادي التعاون دوره المؤثر في ذلك، ويا للغرابة!. في السياق نفسه مر «الاتحاد» بموسم مأساوي بمقاييس الكبار، وصار مهددًا بالهبوط بشكل عجائبي باقترابه من قاع الترتيب، ومرِض «العميد» وقيل إنه قد شارف السقوط، لولا الإرادة الإلهية ثم وقفة الجماهير الملهمة، التي انعكست على روح اللاعبين وعمل الإداريين. أثناء كل تلك الإثارة، وفي زحمة الأحداث، لفت الفارق بين ردات فعل الجماهير نظري نحو المقارنة بينها، ومعرفة سماتها، بل ووضعها تحت المجهر باعتبارها محورًا محركًا لنتائج الأحداث الرياضية مهما تفاوتت الإمكانيات، فوقوف «الاتحاديين» المتصاعد مع فريقهم رغم الهبوط، وتعالي أهازيجهم الحماسية رغم الأداء الباهت أحيانًا، واستجابتهم للنداءات بالوقوف مع الفريق في عدة مناسبات، تدل على رسوخ هذا العشق وصدق الميول وثبات الولاء على امتداد أجيالهم التي بقيت وفية دون اكتراث للخطورة المحدقة بوضع النادي إذا هبط، فالهبوط هنا يعني وصمة عار في تاريخ النادي وابتعادًا عن الأضواء نحو المجهول، ولا ننسى تلاشي الدعم الرسمي والشرفي أو انحساره إن حصل ذلك. وبالنظر لاستجابة «الهلاليين» لكبوة فريقهم، فإن حالة التذمر التي سادت والحملة التي قامت على رئيس النادي بغض النظر عن موضوعيتها، أدت إلى استمرار ظهور الزعيم بمظهر مهزوز وغير معتاد. لهذه الجماهير المحبطة كلمة قد تحسم بطولة الدوري للمنافس الأقرب، ولتلك الجماهير الوفية الدور الأهم في التأهل لنهائي الكأس، بل وحتى تحقيقه.
مشاركة :