«الرجال الرجال» كنوز ثمينة، لهم تكامل روحي وأخلاقي، معادنهم نادرة، وحراكهم بهي، ونفوسهم صافية، لهم مسارات نقية، أعمالهم باهرة، ونتائجهم زاهرة، وتجارتهم رابحة، يتعبون أنفسهم من أجل الإنسان وحده، لا يشغلهم عن مساعدة الآخرين والاهتمام بهم والسعي معهم شاغل، ولا ينتظرون من أجل ذلك الأعطيات والمكافآت والمنح، هم يريدون الثواب من رب الأبرار، ويكثرون من الزاد ليوم المعاد. إنهم صنف من الرجال مغاير، ينكرون الذات، عقولهم راجحة، وضمائرهم نقية، ما عندهم رياء ولا نفاق ولا تلون، ولا تعلق شديد بالمظاهر الزائفة، والعناوين البراقة الخادعة، يحملون المعاني والأعمال السامية روحًا وجوهرًا، تواضعهم عالٍ، وسموهم نادر، إراداتهم في العطاء قوية، وذممهم خالية من الأسقام والشوائب، يترفعون عن الأوضار والدنايا، ويرفضون المساومات والسباقات نحو مستنقعات الرداءة الممقوتة الشائنة، مؤشراتهم عالية في امتلاك الرفعة العالية، والسمعة الحسنة، والمجد الخالد، لهم وسامة روح، ووسامة موقف، ووسامة إنسانية، ولهم إنفاقات حقيقية في مضامير البر والإحسان والنفع الاجتماعي والصلح والمصالحة وتهدئة النفوس، وإبعاد المشاحنة والتباغض، وتقريب وجهات النظر، ما عندهم أنانية لئيمة، ولا يهوون المكاسب والمنافع والامتيازات. يحبون دائمًا أن يكونوا ذلك الجندي المجهول، يرفضون الفلاش والصورة و«الترزز» في منصات العرس والعزاء، ولا يسعون إلى استحواذ مقاعد الجلوس المخملية، ولا يهوون ارتداء «البشت» والخاتم والمسبحة، ولا يتحدثون بإسهاب باهت عن الذات والإنجاز، ويكرهون تلميع النفس، و«مكيجة» الذات، وحديث الهوى والأنا، ويكرهون أن يحمدوا بما لا يفعلوا، هم رجال أعمالهم الجليلة، ومناقبهم النبيلة، وإخفاؤهم للمعروف والإحسان وكتمه، وسعيهم الدائم مع الناس، جعلهم أصلب من الجبال، وأندى من الندى، وأبيض من البياض. إنهم بعيدون عن الوجل والدجل، وقلوبهم خالية من الأضغان، يكظمون الغيظ، ويتجنبون الإساءة، وأخلاقهم عالية، نفوسهم كبيرة، تمور بعبق السماحة والعفو والتجاوز، ولا ينشغلون بالهوامش الصغيرة التي يجترها الجاهلون، مواقفهم رصينة، وعندهم رصانة في تعاملاتهم مع الناس، ويرفضون الخطأ والتجاوز، عندهم مروءة وأنصاف ويرفضون الأجحاف، ويأبون الانحدار إلى مستنقعات الجشع والطمع والاستحواذ، والتشرنق حول الذات والمصلحة، والدثر بالبهت والدجل. إنهم طراز من الرجال نادر، انعكاسات النبل والترفع عندهم عالية، إنهم يكتبون مجدهم بفعلهم، حتى جعلوا الناس يشمخون بهم، وبما زرعوه من قيم وخير وجمال وثوابت، كونهم آثروا الآخرين على أنفسهم، ووهبوا أعمالهم الجليلة ودائع عند الله، يرجون بذلك كرمه وإحسانه وصفحه ومغفرته وعفوه.
مشاركة :