صدمة حضارية

  • 8/20/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تمر المجتمعات بتحولات مرحلية، ومجتمعنا السعودي واحد منها، ولعل أهم تحول مر به المجتمع، هو مرحلة الطفرة النفطية، وما ترتب عليها من تحول في الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية. تلا ذلك التحول الذي شهدته الحياة الاجتماعية، والفكرية، والثقافية إبان مرحلة الصحوة التي عمت فترة التسعينيات الميلادية، تجلى فيها صراع أيديولوجي، وتجاذب تيارات، دفع المجتمع ثمنًا لجدليتها، وثمنًا آخر لهيمنة تيار الصحوة الذي استخدم المنبر، وغيره من الأدوات لفرض خطابها. تلاشت سطوة مرحلة الصحوة، بعد انكماشها داخل التيار نفسه، وتشرذم أقطابها، وارتفاع سقف وعي المجتمع. لا شك أن مرحلة التحول الأعمق في المجتمع السعودي، هي المرحلة التي أضاءت شموعها منذ إعلان «رؤية 2030»، والتي حملت على عاتقها تحولًا في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإداري معًا، تجلى ذلك من خلال البرامج، والقرارات الإصلاحية. شكلت الثورة الرقمية التي تلقفها المجتمع السعودي بشغف، قفزة نوعية شمولية، إذ اخترقت الحواجز، ما ترتب عليها تغير في المفاهيم، على رأسها مفهوم الخصوصية، التي فقدت الكثير من شموليتها، وزخرف بريقها، فمع «تطبيقات الجوالات»، وتفشي ظاهرة «بث اليوميات» التي اندمج المجتمع معها قافزًا على المفهوم التقليدي للخصوصية. إن هذه المتغيرات، بمجمل تفاعلاتها، شكلت صدمة حضارية، لفئات من المجتمع، تحاول مقاومة التغيير، والتصدي لكل المظاهر غير التقليدية. من خصائص المرحلة الرقمية، أن المنتجات الرقمية تتطور وتتوالد بشكل متسارع يصعب جدًا الإلمام بها، فضلًا عن كبح جماحها. يمكننا القول: إن الصدمة الحضارية الرقمية ينبغي التعامل معها بوعي وإدراك وفهم لطبيعة المرحلة ومتغيراتها. لكن لهذه المرحلة خصائصها غير التقليدية، فما كان من أدوات الخطاب الاجتماعي مؤثرًا في الماضي، سنجد أنها اليوم عديمة الجدوى، ولا تلقى صدى، لهذا لا يمكن إغفال دور المنتجات الرقمية كأدوات رئيسة للخطاب المؤثر في المجتمع، إذن فنحن بحاجة إلى تفعيل مراكز الحوار الوطني، والالتفات إلى دور مراكز الدراسات والمؤسسة الثقافية لمواكبة المتغيرات واستيعابها. فنحن أمام تشكل ثقافي واجتماعي بمتغيرات متسارعة، فاليوم ننطلق بـ«رؤية 2030» نحو مستقبل مشرق، إنها النهضة الحضارية التي لا تصطدم مع عقيدتنا، ولا تتضاد مع هويتنا، ولا تتعالى على نقد مكوناتها.

مشاركة :