أعلن «مصرف لبنان» أمس، أنه سلم مفوض الحكومة لديه قائمة المعلومات المطلوبة من شركة «ألفاريز ومارسال» بعدما تمّ تحديثها لتأكيد إتاحة المعلومات المطلوبة من الشركة المتعاقدة مع الدولة اللبنانية لإجراء التدقيق الجنائي في حسابات المؤسسات الحكومية، «وذلك بُغية تسليمها إلى وزير المالية»، في ظل جدل سياسي داخلي حول دفع «التيار الوطني الحر» بملف التدقيق الجنائي، والاتهامات له بـ«الشعبوية». وردّ المصرف المركزي أمس، على عاصفة الاتهامات له بالمماطلة في تسليم المعلومات المطلوبة منه بما يتيح لشركة التدقيق الجنائي الانطلاق بعملها، وسط جدل سياسي وتصعيد من الرئيس اللبناني ميشال عون، ضد هذا التأخير. وقالت الأمانة العامة للمجلس المركزي في مصرف لبنان أمس، إنها زوّدت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وزير المالية بالأجوبة المتعلقة بلائحة المعلومات المطلوبة من شركة «ألفاريز ومارسال»، وذلك عملاً بالقوانين المرعية الإجراء في حينه، وبعدها صدر القانون رقم 200 في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي بموجبه تمّ تعليق العمل بأحكام قانون سرّيّة المصارف، ما دفع مصرف لبنان إلى التأكيد بقرارين منفصلين صادرين عن المجلس المركزي في فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين، استعداده الكامل للتعاون التامّ الإيجابي مع شركة «ألفاريز ومارسال» لقيامها بالمهام التي ستوكل إليها. وبناءً على قرار المجلس المركزي المنعقد استثنائياً أمس، تمّ تسليم مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان قائمة المعلومات المطلوبة. ولا تزال كلمة الرئيس عون مساء أول من أمس، تتفاعل في الوسط السياسي. ورأى رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، أن عون و«حزب الله» يلهيان اللبنانيين بموضوع التدقيق الجنائي وموضوع الدعم، بحيث حوّلوا اللبنانيين إلى متسولين للمواد المدعومة، قائلاً في حديث تلفزيوني: «هناك المزيد من الإلهاء في مشكلات جانبية. يجب أن تعالَج المشكلات الأساسية، إذ إن الأمراض لا تعالَج بمظاهرها بل في جوهرها». وقال السنيورة إن «رئيس الجمهورية وجماعته، هم الذين كانوا يرفضون ما تقدمت به حكومتي منذ 14 عاماً بمشروع قانون من أجل إخضاع جميع ما يتعلق بمالية الدولة اللبنانية في إداراتها ومؤسساتها للتدقيق الخارجي الذي تجريه شركات عالمية مرموقة ولها الصدقية الدولية من أجل تعزيز مستويات الحوكمة لدى الدولة اللبنانية وفي أوضاعها المالية». وفي ظل الاتهامات حول عراقيل تضعها القوى السياسية أمام التدقيق الجنائي، جدد وزير المال السابق والنائب علي حسن خليل، تمسك حركة «أمل» ورئيسها رئيس البرلمان نبيه بري، بـ«التدقيق الجنائي طبقاً لما ورد في القانون الذي أقره مجلس النواب على جميع مؤسسات الدولة وبدءاً من مصرف لبنان إلى وزارة الطاقة التي استنزفت أكثر من 50% من نسبة المديونية العامة». وقال خليل: «من يريد المحاسبة لا يلجأ إلى البروباغندا... ابدأوا بالتدقيق الجنائي من المكان الذي تريدون... أنتم السلطة الإجرائية وأنتم المطالبون بالقيام بهذا التدقيق الذي هو مطلبنا، ولا غطاء فوق رأس أحد، فنحن أصحاب قانون التدقيق الجنائي وتبنيناه انسجاماً مع قناعات الرئيس بري وحركة (أمل)»، معتبراً أن الإصلاح ومكافحة الفساد «يجب أن يكون نهج حياة في الدولة وفي الإدارة وفي المؤسسات وليس فعلاً دعائياً شعبوياً بهدف التهرب من التزامات سياسية بات الهروب منها يمثل جريمة في حق الوطن والمواطن». بدوره، رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن «التدقيق الجنائي واجب الوجوب، ومدخل إلى أي إصلاح منشود. ونقطة البداية الطبيعيّة للتدقيق هو مصرف لبنان، على أن يشمل تباعاً وزارات وإدارات وصناديق الدولة جميعها والتي شابها الهدر في الحقبة الماضية. وهذا أمر لا يختلف لبنانيان عليه». وقال جعجع إن «عون أسقط حقيقة واحدة تغيِّر مجرى الأمور بأكملها، وهي أنّه في السنوات الخمس الأخيرة كان رئيساً للجمهورية، وإلى جانبه أكثريّتان وزاريّة ونيابيّة»، سائلاً: «لماذا أحجم أساساً عن تأييد مطلبنا للتدقيق الجنائي منذ عام 2017؟ ولماذا سمح أو غطّى تهجُّم أقرب المقربين إليه على (القوات اللبنانية) بسبب مطالبتها بالتدقيق الجنائي؟». وقال: «الأوان لم يَفُتْ حتى اللحظة، إنّما وقد أصبح واضحاً أنّ المصرف المركزي يتهرّب من الإجابة، فلماذا لا يُقدِم الرئيس عون مع حكومة تصريف الأعمال التي تضمّه وحلفاءه فقط لا غير على اتخاذ التدابير والإجراءات الإداريّة والجزائيّة اللازمة لإلزام المصرف المركزي وإجباره على تقديم الإجابات المطلوبة؟»، مضيفاً: «عدا عن ذلك، يبقى كل ما قيل من قبيل الشعبويّة والدعاية السياسيّة ليس إلا، في الوقت الذي تنهار فيه البلاد يوماً بعد يوم».
مشاركة :