الجملة التي عنونت هذه المقالة، هي الجملة الشهيرة التي رد بها وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، على هجوم المحاور الشرس «تيم سباستيان» على وضع حقوق الإنسان في السعودية، كان ذلك في المقابلة التي أعقبت لقاء «الجبير» بالبرلمان الأوروبي قبل بضعة أسابيع، والتي حاول فيها بعض البرلمانيين الأوربيين المحاضرة على الوزير الجبير وفرض رؤيتهم وتعريفهم لحقوق الإنسان على السعودية. حيث أوضح الجبير في تلك المقابلة أنّ السعودية لا تقبل إملاءً من أحد، كما أعلن مفهوم السعودية لحقوق الإنسان، والذي يرتكز على توفير الحياة الكريمة لكل فردٍ فيها، عن طريق تقديم الرعاية الصحية اللائقة والتعليم وجودة الحياة بشكلٍ عام، وأعلن أنّ هذه كلها من حقوق الإنسان، في الوقت الذي كان يحاول «سباستيان» حصر حقوق الإنسان في إحدى الجزئيات وهي ما يتعلق بحرية التعبير. كل ذلك كان قبل أن يصبح «كورونا» حديث الساعة، والمحك الحقيقي للأنظمة ومؤسسات الحكم في مختلف دول العالم، ومما يجب توضيحه في البدء، أنّ تعليقنا على طريقة تعامل السعودية مع هذا الوباء، ومقارنته بتعامل دول العالم الأول، ليس من باب الشماتة بما حل بهم، فنحن نتعاطف معهم، ونؤمن بالمصير المشترك للإنسانية. وهذه المقارنة إنما تأتي في سياق توضيح النموذج السعودي الرشيد للحكم، والتدليل على رسوخ قيمه الثابتة، التي ترتكز على حقوق الإنسان الرئيسية، في شكلها الأولي والطبيعي، قبل أن تتخاطفها الشكليات، ويتم حشرها في ظرفيات كمالية، يُنتجها كل مجتمع على حدة، دون قابليتها للفرض والتعميم وتوحيد النموذج. ولا شك عند الحديث فيما يتعلق بحقوق الإنسان بصفته الفردية – وأشّدد هنا على الفردية – أنّ دول الغرب قطعت في ذلك شوطًا هائلًا لا يمكن إنكاره، مقارنةً ببقية العالم، إلاّ أنّ السؤال الذي فرض فيروس كورونا طرحه، وأضفى عليه وجاهة توهم بعض العقلاء استحالة وجودها، هو التالي: هل بالغت دول العالم الأول في تضخيم حقوق الفرد بشكلٍ أضعف الحقوق الجماعية وجعل التحرك العام في حال الأزمات والكوارث أصعب وأقرب للفوضى والبيروقراطية القاتلة؟. حيث كان مفهوم هذه الدول عن الأزمة، يتمحور حول أنّ الفرد يجب أن يكون المسؤول وستساعده الدولة بقدر استطاعتها، وفقًا لنظام الحقوق والواجبات، دون أن يتنازل طرفٌ للآخر، فقيمة الاقتصاد توازي حياة الناس! وقرار التضحية بالمداخيل والوظائف وحسابات الميزان التجاري ليس من مسؤوليات الحكومة المنتخبة، وفي حال طالبت به فستجد من يعارضها، ويمتنع عن التنفيذ، وهذا جزء من الحكاية فيما يتعلق بفشل هذه الأنظمة في التعامل مع الكارثة. بينما كان الوضع في السعودية بنظامها الملكي العريق، الذي يمارس دور الأب الحامي بشكله الإيجابي، أن أوقفت السعودية بقيادة ملكها العظيم وولي عهده الشجاع، ومواطنيه الأبطال دورة الحياة الطبيعية في بضع ساعات، ولجأت إلى حالة الطوارئ القصوى، وتحرك الوطن ككتلةٍ واحدةٍ في تناغمٍ عظيمٍ، للحفاظ على حياة كل إنسانٍ على هذه الأرض، قرر الملك سلمان أنّ كل الأمور الهامة تأتي بعد الأمر الأهم، وهو حياة كل فردٍ على هذه الأرض وسلامته، لن يعاني إنسان هذه الأرض بمشيئة الله نقصًا في الغذاء أو الدواء أو حتى كماليات الحياة، ولم يشعر الإنسان هنا أنّه وحيدٌ أو مهملُ أو رخيص. هذا هو المفهوم السعودي لحقوق الإنسان، وهذا نموذجنا الذي لم نزعم يومًا كماله، إلاَ أنّ هذه الأحداث أثبتت أنّنا على الطريق الصحيح، وقد قطعنا فيه مسافةً هائلةً باتجاه الحقوق. نجاح التجربة السعودية في هذه الحرب على «كورونا» لا تزال في البدء، ومازالت الأيام الصعبة والحاسمة تنتظرنا، وقد قامت الدولة بكل شيء، بما تعنيه هذه الكلمة، والآن يقع الدور الأكبر على إنسان هذه الأرض، أن يكون على قدر المسؤولية كما أثبت دائمًا، وسوف يبقى كذلك طالما التزم بتعليمات الجهات المسؤولة بحذافيرها، دون تهاونٍ أو طمأنينةٍ سلبية.
مشاركة :