يشهد الماضي والحاضـر بأن المملكة العربية السعودية منذ إنشائها وحتى عصرنا هذا لم تكن يومًا باحثة عن استغلال (مواسم الحج والعمرة) لتحقيق مكاسب سياسية أو أيديولوجيّة؛ فكلّ ما قدمته وتُقدمه من خدمات كبيرة للحجاج والمعتمرين إنما يأتي استشعارًا منها بواجباتها الدينية، وإيمانًا من حكومتها وشعبها بالدور الريادي والتاريخي لبلاد الحرمين في خدمة الإسلام والمسلمين. ولكن واقع اليوم الذي أفرز الإرهاب والأفكار الضالة المنحرفة، وتلك الجماعات المتطرفة، التي تتلبس بالإسلام، وهو منها براء أجزم أنه يُنَادي بأهمية استثمار (موسم الحج) ليس للتسويق والترويج لـ مذهب أو طائفة أو موقف سياسي ما (فالسعودية أطهـر وأكبر من ذلك)؛ بل لترسيخ صورة الإسلام الحقيقية النقية بما تحمله من وسطية وعدل وتسامح وتعايش مع الآخـر. وهذا أراه يتطلب إنشاء مراكز حضارية ومعارض دائمة في شتى الأماكن، التي يرتادها الحجاج والمعتمرون في مكة المكرمة والمدينة المنورة تستعين بالتقنية المرئية والمسموعة في رسم صورة الإسلام المتسامحة بأساليب جاذبة ولغات مختلفة، وكذلك الإفادة من برامج ومواقع التواصل الحديثة، ورسائل وتطبيقات الهواتف الذكية. وهناك استغلال أوقات رحلات القدوم والمغادرة والانتظار في المحطات الجوية والبحرية والبرية في تقديم رسائل هادفة في هذا المجال. كما أتمنى في هذا الميدان إهداء كلّ حاج ومعتمر حقيبة وشريحة إلكترونية وكُتيّبات تحوي بلغته على معلومات توعوية وثقافية بسيطة لعلها تكشف له الحقيقة، وتفتح أمامه الأبواب لآفاق أوسع وأرحب من الصفاء والطهارة. وتلك البرامج والفعاليات يمكن أن يُساهم في تنفيذها إضافة للمؤسسات الحكومية المعنية القطاع الخاص ضمن واجباته في باب (المسؤولية الاجتماعية)، أو يرعاها مقابل مساحات إعلانية. هذه مجرد أفكار بسيطة ولعل المهتمين والمختصين لديهم المزيد والمفيد منها، ولكنها تبقى مجرد أطروحات حبيسة العقول والأوراق؛ فهل هناك جهة من الجهات المعنية تُعلّق الجرس، وتُعلن البداية؟! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :