اتهمت إيران إسرائيل، اليوم الإثنين، بالمسؤولية عن تخريب منشأة نطنز النووية وتوعدت بالانتقام لهجوم يبدو أنه أحدث فصول حرب تدور في الخفاء منذ وقت طويل. وقال موقع “نور نيوز” الإيراني شبه الرسمي إنه تم تحديد هوية الشخص الذي تسبب في انقطاع الكهرباء بواحد من عنابر الإنتاج في المنشأة المبنية تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم. وأضاف دون ذكر أي تفاصيل “يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإلقاء القبض على هذا الشخص”. ووقع الحادث وسط مساع دبلوماسية تبذلها إيران والولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران عام 2015 مع القوى العالمية. وتعترض إسرائيل بشدة على الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قبل نحو 3 أعوام. وأجرت إيران والقوى العالمية ما وصفتاه بمحادثات “بناءة” الأسبوع الماضي لإنقاذ الاتفاق الذي خالفت إيران القيود التي يفرضها على عمليات تخصيب اليورانيوم الحساسة منذ أن أعاد ترامب فرض عقوبات مشددة على طهران. كانت السلطات الإيرانية وصفت الحادث يوم الاحد بأنه “إرهاب نووي”، قائلة إنها تحتفظ لنفسها بالحق في اتخاذ إجراءات ضد الجناة. ونقل العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مصادر مخابراتية قولها إن جهاز الموساد الإسرائيلي نفذ عملية تخريبية ناجحة في موقع نطنز، ستعوق على الأرجح أعمال التخصيب هناك لعدة أشهر. وأعلن علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، تشغيل نظام للكهرباء في حالات الطوارئ بمنشأة نطنز للتغلب على الانقطاع. وقال “تخصيب اليورانيوم لم يتوقف في الموقع”. وقع الحادث بعد يوم من بدء طهران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة متطورة في نطنز. وتصر إيران أنها تريد من عمليات التخصيب الحصول على التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية لا من أجل صنع السلاح النووي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، في مؤتمر صحفي “كل أجهزة الطرد المركزي التي توقفت في موقع نطنز من نوع آي.آر1” مشيرا إلى الجيل الأول من أجهزة التخصيب الإيرانية الأكثر عرضة للأعطال. وأضاف “يقيم خبراؤنا النوويون الضرر لكن يمكنني أن أؤكد لكم أن إيران ستستبدل أجهزة الطرد المركزي (لتخصيب اليورانيوم) التالفة في نطنز بأجهزة متطورة”. ويمكن للأجهزة الأحدث تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء أعلى وبوتيرة أسرع كثيرا الأمر الذي يسهم في زيادة المخزون بما قد يقلص الفترة الزمنية التي تحتاجها إيران لصنع سلاح نووي إذا أرادت ذلك. ويسمح الاتفاق المبرم في 2015 لإيران بتخصيب اليورانيوم باستخدام 5060 جهازا من نوع آي.آر1 في وحدة مصممة لتشغيل حوالي 50 ألف جهاز لكن إيران بدأت التخصيب في نطنز باستخدام مئات من الأجهزة المتطورة منها طراز آي.آر-2إم. ورغم المعارضة القوية من إسرائيل، تلتزم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بالعودة إلى الاتفاق النووي إذا عاودت إيران الالتزام بقيوده بالكامل فيما يتعلق بإنتاج الوقود النووي. وردا على سؤال خلال مؤتمر صحفي حول الأعطال في منشأة نطنز، حذر متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية من أن مثل تلك الحوادث يمكن أن تؤثر سلبيا على المفاوضات النووية. وقال خطيب زاده إن المحادثات النووية ستُستأنف يوم الأربعاء في فيينا. وقال مشاركون في المحادثات إنه تم تحقيق تقدم على الصعيد الدبلوماسي يوم الجمعة. وتصر إيران على ضرورة رفع جميع العقوبات الأمريكية المعوقة لاقتصادها المعتمد على النفط قبل وقف إجراءات تسريع خطوات التخصيب والعودة إلى فرض القيود على تلك العملية. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوم الإثنين إن إيران لم تتخل قط عن سعيها لامتلاك أسلحة نووية، وإن إسرائيل لن تسمح لها أبدا بصنعها. وتعتبر إسرائيل حملة تخصيب اليورانيوم الإيرانية تهديدا لوجودها. وسبق أن وقعت حوادث تخريب متفرقة في المنشآت النووية الإيرانية على مدى أكثر من 10 سنوات، وحملت إيران مسؤوليتها لإسرائيل. وفي عام 2010، تم اكتشاف فيروس الكمبيوتر ستاكسنت الذي يُعتقد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة وإسرائيل طورتاه، وذلك بعد استخدامه لمهاجمة نطنز، فيما تسبب في أعطال مدمرة في مجموعات من أجهزة الطرد المركزي التي تعمل في تخصيب اليورانيوم. وفي يوليو/تموز الماضي، اندلع حريق في منشأة نطنز قالت إيران حينها إنه محاولة إسرائيلية لتخريب نشاط التخصيب هناك. واتهمت إيران إسرائيل أيضا بأنها وراء مقتل العالم الإيراني محسن فخري زاده في نوفمبر/تشرين الثاني. كانت أجهزة مخابرات غربية تعتبره العقل المدبر لبرنامج أسلحة نووية إيراني سري. ولم تؤكد إسرائيل ضلوعها في الأمر ولم تنفه.
مشاركة :