في الوقت الذي تكافح فيه أغلب الدول الإسلامية لكسر ذروة تفشي وباء كورونا المستجد "كوفيد- 19"، يطل الشهر الفضيل بكل ما فيه من عبادات وعادات الاجتماعية، يأتي رمضان هذا العام للمرة الثانية بنكهة مختلفة، مع ظروف احترازية استثنائية، نحاول من خلالها قدر المستطاع، الحفاظ على النفس، والبُعد عن الزحام والاختلاط، واقتصار المناسبات في المنازل بتعليق الزينة. وتؤكد المختصة بالدراسات الإسلامية الدكتورة إيمان العايد أن رمضان في زمن كورونا قد يكون فرصة لممارسة الصيام بروحانية أكثر.. تجعلنا كبشر أكثر من مجرد أجساد تائهة في عالم المادة، وفرصة لاسترجاع الحكمة الحقيقية من ممارسة الصيام، والتي تقول إن الصيام هو امتحان لإرادة البشر، ورياضة روحانية لتهذيب الجسد، وكبح جماح نزعاته الدنيوية، وتضيف بقولها " في رمضان لهذا العام والعام الماضي، بدأ يتلاشى الإسراف الذي اعتدناه منذ سنوات مضت.. وحتما تغيرت عاداتنا الاستهلاكية بحكم الظروف.. وحتى مظاهر البذخ والمباهاة في الزيارات والتجمعات تقلصت مما تعودناه سابقا لأسباب تتعلّق بالبعد عن المخالطة.. لذلك فهي فرصة أمام الجميع لاستعادة عبرة وقيم رمضان الروحانية التي تستهدف الروح لا الجسد، لقد أتى الدين الإسلامي بهدف ترويض غرائز الإنسان ونزعته المادية.. مستدعية طاقة وهالة روحانية كامنة في كل نفس رطبة.. لكن كان ما يحدث للأسف على أرض الواقع هو إخلال بذلك المغزى السامي والجميل.. وذلك حين أغرقنا الشعائر بالماديات الدنيوية، بينما الصيام مثلا فرصة لتهذيب النفس وتنقية الروح ومدها بالطاقة الروحانية، غير أنها تحوّلت عند الكثيرين إلى مناسبة اجتماعية للتباهي بالموائد والهدايا والإفراط في الأكل.. تماما كما حوّل البعض شعيرة الحج التي يفترض أن يكون الناس فيها سواسية كأسنان المشط إلى موسم تبرز فيه درجات ومراتب الناس وبشكل مفرط.. ويختفي بذلك مبدأ السواسية الذي يأتي في قمة أهداف هذا التجمع البشري الكبير.
مشاركة :