صناعة الكاتب النجم

  • 5/5/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كان للأستاذ محمد رضا نصرالله بصمات لا تُنسى على تشكيل ذاكرتنا الثقافية في سنيّ الصبا، وذلك من خلال برامجه الحوارية الشهيرة «الكلمة تدق ساعة»، «وجهًا لوجه»، و«حدث وحوار» في التلفاز السعودي، و«مواجهة مع العصر» مع محطة الـ«MBC»، حيث استضاف كبار الأدباء والكتّاب باختلاف وتنوع مشاربهم وميولهم. وكثيرًا ما يطرح الشباب الراغبون في التحليق بفضاءات الفكر الحر تساؤلات: من أين يمكن أن نبدأ؟ ماذا يجب أن نفعل؟ دون أن يستفيدوا حقًا من تجارب الكبار على الأقل ليبدأوا من حيث انتهوا، إن لم يكن من أجل الإلمام بالتاريخ. والبعض منهم يبدأ بالفعل من خلال قناة «يوتيوب» أو «بودكاست» وينطلق لاستضافة مشاهير لم تتضح ملامح منجزاتهم بعد، وهم وسيلته لنشر اسمه وبرنامجه، ومؤثرين لم تكتمل تجاربهم بعد، في حين تقدم جمعيات الثقافة والفنون برامج وعروضًا وورش عمل وندوات لا يدري عنها سوى قلة من المهتمين ومن المشتركين في قائمة رسائل «واتس آب». لماذا لا نسعى لاحتواء الشباب أصحاب الإمكانيات التقنية والحماس ونشجعهم على عبور الجسر إلى ضفة المثقفين؟ الهجرة لـ«يوتيوب» ووسائل أخرى تقتل دفء التجمع أمام شاشة واحدة في توقيت زمني واحد. المشاعر المغيّبة هنا هي أصل القوة الناعمة وهي مطلب الأعمال الفنية والإبداعية، المطلب أن تؤلّف وتقارب لا أن يؤسس كلٌ لنفسه منصة لعزلة أكبر. الدور البهي الذي اضطلعت به جماعة بيت السرد في فرع جمعية الثقافة والفنون بالمنطقة الشرقية، من تغيير موضعة الأدب وبكل أشكاله إلى حوزة المتلقي بكل أشكاله، يستحق أن يُستعرض في حلقات ثقافية تتكون من فقرات متنوعة بين لقاءات وبين قراءات وتحليلات انطباعية ونقدية مبسطة. يحمل «مبارك الخالدي» وفريق بيت السرد على أكتافهم سنويًا، إحداث هزة في الوعي المتلقي بإصدار قراءة حول الأعمال المرشحة لـ«البوكر»، في مبادرة غير مسبوقة لكسر احتكار لجان أو فئات أو أشخاص على الذوق العربي بأكمله، وفتحوا المجال للمشاركة العامة في تقييم الأعمال المرشحة لجائزة البوكر وانتظار مدى مطابقة نتيجة القراء في السعودية مع النتيجة التي ستصل إليها لجنة البوكر. البرامج الحوارية من شأنها أن تعكس مستوى الفكر والوعي للمجتمعات، وتؤسس لثقافة قبول الآخر ورأيه المخالف، وفي الوقت الراهن تزداد القنوات الفضائية وتزيد فترات البث، ويمعن مديرو القنوات في عزل المثقفين والكتّاب عن المشاهدين رغم ما قد يعرضونه من خدمات تثقيفية وتوعوية، ونربأ بهم أن يكون العزل قصدًا لنشر مزيد من التسطيح،  صناعة «الكاتب النجم» ليست مهمة مستحيلة، الكاتب الذي يُقبل الناس على مشاهدته ليستمتعوا برؤى وقصائد أو ليتعلموا طرح المزيد من الأسئلة.رحاب

مشاركة :