تحديات تواجه خطة الجزائر للتخلص من تبعية النفط في تمويل الاقتصاد الجزائر - يجمع خبراء على أن خطط الحكومة الجزائرية لتنويع الاقتصاد والخروج من كبوة النفط والغاز تواجه تحديات كثيرة من بينها العجز الدائم لميزان المدفوعات وضعف النسيج الصناعي فضلا عن البيروقراطية، مما يحتم ضرورة تفكيك هذه العقبات لتحقيق هذه الأهداف. وتستهدف الحكومة الجزائرية إيجاد وتنمية قطاعات غير نفطية في البلاد، للخروج باقتصادها من تبعية مفرطة للنفط والغاز، من خلال خطة إنعاش جديدة أعلن عنها الرئيس عبدالمجيد تبون، غير أن العقبات لا تزال كثيرة حسب خبراء. وقال الرئيس تبون في لقاء ضم أطراف الحكومة ومنظمات ورجال الأعمال والنقابات إن “بلاده تسعى لبلوغ 5 مليارات دولار صادرات خارج قطاع الطاقة التقليدية”. والشهر الماضي كشف الرئيس الجزائري أن احتياطات البلاد من النقد الأجنبي بلغت 44 مليار دولار، معتبرا أنه رقم يوفر هامشا للتحرك على مدى العامين المقبلين. وبلغت احتياطات الجزائر من النقد الأجنبي ذروتها منتصف 2014 عندما تجاوزت 194 مليار دولار، لكنها سرعان ما تهاوت بفعل الأزمة النفطية. ويعاني اقتصاد الجزائر تبعية مفرطة للمحروقات، إذ تمثل عائدات النفط والغاز 93 في المئة من إيرادات البلاد من النقد الأجنبي. وبلغت الصادرات غير النفطية في الجزائر عام 2020 نحو 2.26 مليار دولار، مقابل 23 مليار دولار هي صادرات المحروقات. وتضمنت خطة الرئيس تبون ثلاثة محاور كبرى ونحو 20 بندا لإصلاح وإنعاش اقتصاد البلاد المتضرر من ثنائية فايروس كورونا وهبوط أسعار النفط. وتصدر الإصلاح المالي المحاور الكبرى لخطة إنعاش اقتصاد الجزائر، إضافة إلى التجديد الاقتصادي ومقاربة اقتصادية لمكافحة البطالة وخلق الوظائف في السوق المحلية. وتضمن الإصلاح المالي عدة بنود، هي: مراجعة النظام الجبائي واعتماد قواعد جديدة لحوكمة الموازنة وتحديث النظام البنكي. أما محور التجديد الاقتصادي فورد فيه 12 بندا، وركز على تحسين فعلي لمناخ الأعمال وتبسيط قوانين الاستثمار وإزالة العراقيل البيروقراطية التي تكبح المستثمرين. ويعتزم الرئيس الجزائري أيضا تطوير شعب صناعية على غرار الصناعات الزراعية الغذائية والإلكترونيات والأجهزة الكهرومنزلية والميكانيك والصيدلة. كما سيحظى قطاع المناجم باهتمام حكومة الرئيس تبون، وفق الوثيقة، وسيتم استغلال مناجم الفوسفات والذهب والحديد والزنك والرخام. وجاء في خطة تبون تركيز الحكومة على تطوير الزراعة، بالوصول إلى تلبية حاجيات البلاد من المنتجات الزراعية والحيوانية بحلول 2024، وتكثيف عمليات الزراعة الجبلية في الشمال والمناطق الصحراوية (جنوب). وفشلت مساعي الحكومات المتعاقبة منذ عقود في رفع صادرات البلاد غير النفطية التي لم تتجاوز 3 مليارات دولار في أحسن الأحوال. ويرى مسؤول القسم الاقتصادي بصحيفة الخبر، (خاصة)، حفيظ صواليلي أنه من الصعب الجزم على المدى القصير بنجاح خطة الإنعاش الاقتصادي، التي تتطلب في البداية توفير وتهيئة ظروف موضوعية وواقعية لنجاحها. ويوضح صواليلي أن بيانات التجارة الخارجية تشير إلى أن الصادرات غير النفطية والغازية بلغت عام 2020 نحو 2.26 مليار دولار، مقابل 2.58 مليار دولار في 2019 بتراجع نسبته 12.59 في المئة. ويضيف “وفقا لبيانات الصادرات خارج المحروقات يلاحظ أن 5 مصدرين فقط يسيطرون على 73 في المئة من مبيعات البلاد للخارج من غير القطاعات النفطية والغازية، من أصل 1153 مصدرا خارج المحروقات تحصيها الجزائر”. ويعتقد الخبير الاقتصادي أنه ولعدة عوامل من الصعب بلوغ مستوى 5 مليارات دولار كصادرات جزائرية خارج المحروقات خلال العام الجاري. ومن الأسباب، ذكر صواليلي أن النسيج الصناعي الجزائري وقطاع الخدمات يعانيان من ضعف، تضاف إليهما تداعيات جائحة كورونا والقيود المفروضة على استيراد عدة مواد أولية. كما أن الأطر التشريعية والتنظيمية الخاصة بالتصدير تتضمن معوقات وكوابح تعرقل عمليات التصدير، على غرار استعادة النقد الأجنبي لقاء عمليات البيع للخارج (إجراءات بيروقراطية في البنوك). ووفق صواليلي، يؤثر ضعف الوسائل اللوجستية والنقل والشحن أيضا على تطوير قطاعات جزائرية خارج المحروقات وتوجهها نحو التصدير. ويقول المحلل الاقتصادي الأستاذ بجامعة الجزائر الحكومية أحمد سواهلية إن السلطات عليها أخذ عدة تهديدات بعين الاعتبار، بشأن خطة الإنعاش الاقتصادي التي أعلن عنها الرئيس مؤخرا. وكما قال سواهلية، تتمثل هذه التهديدات أساسا في العجز الدائم لميزان المدفوعات وخاصة عجز الميزان التجاري، واعتماد الاقتصاد على قطاع النفط بشكل مفرط. ومن التهديدات استمرار عجز الموازنة العامة رغم تخفيض النفقات الحكومية بواقع النصف جراء الأزمة المزدوجة لفايروس كورونا وتهاوي أسعار النفط. وحسب المحلل سواهلية، يضاف إلى هذه التهديدات عامل الوضع الصحي العالمي الصعب الذي عطل المؤسسات الاقتصادية عن نشاطها. وأوضح أن من معايير نجاح خطة الإنعاش الاقتصادي، إيجاد اقتصاد بديل للنفط وإنعاش القطاعات خارج قطاع المحروقات هو تجسيدها ميدانيا ونقلها من خطة مجردة على الورق إلى التنفيذ الميداني. واعتبر أن الخطة يمكنها النجاح أولا لوجود إرادة سياسية في ذلك، شريطة الاعتماد على كفاءات بشرية في كافة الميادين تنقل الخطة من مجرد فكرة إلى التنفيذ على أرض الواقع. ويستوجب على حكومة تبون تفعيل دور الرقابة الدورية لإنجاح الخطة، وخاصة دور الهيئات الرقابية، في ظل بيروقراطية خانقة خصوصا في الولايات والبلديات. ويشرح المتحدث أن قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة يمكن أن تكون المفتاح لنجاح خطة الإنعاش الاقتصادي وعودة الجزائر إلى التصدير من قطاعات غير المحروقات. ويضيف “إمكانيات الزراعة والصناعة والسياحة يمكنها كبح جماح الاستيراد المفرط.. يمكن خلق صناعة محلية للمنتجات الزراعية في مرحلة أولى تغطي الاحتياجات المحلية والتصدير في مرحلة ثانية”.
مشاركة :