حذرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية من أن ميانمار قد تكون على شفا حرب أهلية.وبحسب مقال لـ«لوكاس ميرس»، مدير زمالة ويلسون تشاينا، منذ الانقلاب العسكري في الأول من فبراير، تزعزع الاستقرار في ميانمار بسرعة، وتحولت البلاد إلى احتجاجات واسعة النطاق وأعمال عنف عشوائية.وأضاف: وفقا لجمعية مساعدة السجناء السياسيين، قُتل ما لا يقل عن 614 متظاهرا واحتجز 2857 حتى 8 أبريل، ويبدو أن الجيش «التاتماداو» غير راغب في التراجع رغم الضغط الدولي المتزايد.وأردف: بعيدًا عن الاحتجاجات في المدن، فإن الدور الذي ستختار المنظمات المسلحة العرقية في البلاد (EAOs) تبنيه يمكن أن يصبح مفتاحًا لاستقرار البلاد على المدى الطويل.وتابع: حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ميانمار من أن الوضع قد ينحدر إلى حرب أهلية صريحة سيكون لها تداعيات عميقة ليس فقط على الشعب ولكن أيضا على الاستقرار الإقليمي.الأقليات العرقيةوأضاف ميرس: منذ الاستقلال، تعاني ميانمار العنف المستمر بين الأقليات العرقية في ميانمار والأغلبية البوذية.ومضى يقول: همشت مجموعات الأقليات العرقية المختلفة في البلاد، التي تمثل معا نحو ثلث السكان، مما أدى إلى شن ما يقرب من 20 منظمة منهم لحركات تمرد متفرقة في البلاد.واستطرد بقوله: تعتبر منظمات الأقليات العرقية مجموعة متنوعة من الجماعات المتمردة التي يتراوح حجمها من قوات صغيرة يبلغ عددها بالمئات إلى منظمات أكبر تحشد عدة آلاف من المقاتلين المسلحين تسليحًا جيدًا، ونوه بأن معظم تلك المنظمات يزعم أنه يمثل مجموعات عرقية معينة يجلب منها المجندين، لكن مع ذلك تشيع تقارير عن التجنيد الإجباري واستخدام الجنود الأطفال.وأشار إلى أن معظم تلك المنظمات يوجد إلى حد كبير في المناطق والولايات الحدودية الوعرة التي تهيمن عليها الأقليات العرقية في ميانمار، وبعضها يحكم مناطق حكم ذاتي بحكم الأمر الواقع دون تدخل الحكومة المركزية وتمول في الغالب عن طريق الاتجار بالمخدرات.وتابع: كافح «التاتماداو» لتحقيق انتصارات حاسمة على تلك المنظمات العرقية نتيجة التضاريس الصعبة وتأخر التنمية والمظالم التي تغذي التمرد، وأردف: بينما أصدرت الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الحاكمة سابقًا بيانات حول معالجة فيدرالية بعد التحول الديمقراطي، إلا أنها اتُهمت ببطء الإصلاحات.وأضاف: مع ذلك، فإن مخاوف الأقليات العرقية حيال الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية تتضاءل مقارنة بالقمع الذي عانوا منه في ظل حكم «التاتماداو»، وهو ما يفسر سبب خروجهم للتصويت بأعداد كبيرة لدعم الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في نوفمبر 2020.قبل الانقلابومضى الكاتب يقول: قبل الانقلاب، حافظت تلك المنظمات على مجموعة متنوعة من الترتيبات مع الحكومة، وفي 2015، قامت الحكومة والعديد من تلك المنظمات بالتوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني (NCA)، ومن بينها اتحاد «كارين» الوطني القوي، وانخرطت في عملية سلام، وإن كان ذلك بقليل من التقدم، وتابع: بقيت مجموعات إضافية خارج ذلك الاتفاق، لكنها وافقت على وقف إطلاق النار الثنائي.وأشار إلى أن أكبر هذه الجماعات وأكثرها قدرة، جيش ولاية «وا» المتحدة (UWSA)، الذي يتلقى أسلحة ودعمًا سريًّا من جهات فاعلة محلية مستقلة في كثير من الأحيان ومن الصين، وحتى الآن ظل هادئًا بشأن الانقلاب، ربما بسبب النفوذ الصيني.ومضى يقول: شارك آخرون، مثل جيوش «أراكان، واستقلال كاشين، والتحالف الديمقراطي الوطني في ميانمار، وتانغ للتحرير الوطني» الذين يشكلون معًا التحالف الشمالي في قتال دوري على مدى العقد الماضي، ونبه إلى أن هذه القوات تستفيد أيضًا من الأسلحة الصينية وتحافظ على علاقات وثيقة نسبيًا مع الصين، لكن في بعض الأحيان، ساد وقف إطلاق النار المؤقت بين تحالف الشمال وحركة «التاتماداو».وأوضح الكاتب أن الانقلاب الأخير أدى إلى تعطيل هذا الوضع الراهن بشكل أساسي.وتابع: تحرك «التاتماداو» بسرعة لطمأنة الأقليات العرقية، قلقا من إضعاف قواته، ومضى يقول: في البداية، التزمت بعض المنظمات العرقية الصمت في أعقاب الانقلاب، ومد «التاتماداو» أغصان الزيتون للآخرين عن طريق إلغاء تصنيف جيش أراكان كمنظمة إرهابية، إلى جانب تنظيم لجان لصنع السلام.تجمع الموقعينوتابع الكاتب ميرس يقول: في الأيام الأولى بعد الانقلاب، بدا أن تجمع الموقعين على اتفاق وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني (NCA) يعتنقون الحياد، لكن التجمع سرعان ما علق المفاوضات مع الجيش في أواخر فبراير.وأردف بالقول: انحاز حزبان سياسيان من أقليات عرقية، وهما «أراكان الوطني والوحدة»، إلى الاستيلاء العسكري على السلطة.وتابع: وافق كلا الحزبين على مقاعد في الهيئة الحاكمة الجديدة للنظام لكن ذلك صاحبه جدل داخلي، لم يلق تواصل تاتماداو مع أحزاب الأقليات الأخرى ترحيبا واسعا، وانضم نائب رئيس حزب ولاية «كاياه الديمقراطي» إلى النظام، لكن قيادة الحزب طردته فيما بعد.وأضاف: الآن، تظهر بوادر مقلقة على تجدد القتال، في إشارة واضحة إلى التصعيد، فقد عرض اتحاد كارين الوطني اللجوء على السياسيين الفارين من الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، وشرع في عمليات عسكرية ضد «التاتماداو»، واستولى على نقطة تفتيش على طول الحدود مع الصين.ومضى يقول: ردا على ذلك، شن «التاتماداو» غارات جوية، في الشمال، تمت مهاجمة أهداف للجيش والشرطة، وفي الوقت نفسه، أصدرت 3 منظمات، من بينها جيش «أراكان»، بيانًا مشتركًا مفاده «أنه إذا واصل الجيش حملته القمعية، فقد يقفون إلى جانب المتظاهرين».وتابع: في إشارة إلى أن عملية السلام قد تنهار، طالب الموقعون العشرة على وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني (NCA) علنًا بوقف عنف «التاتماداو» طالبوا بالمساءلة، إذا دخل الموقعون على الاتفاق في قتال مفتوح، فإن معظم البلاد ستغرق في حرب أهلية.
مشاركة :