أم المسلمين اليوم الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح البدير وأستهل فضيلته خطبته بتهنئة المسلمين بشهر رمضان فقال : هنيئا لكم شهر رمضان الذي أشرق سراجه وأشمع ، وظهر هلاله وأمتع هنيئا لكم شهر رمضان وقد تضوعت بالأرج لياليه، وتوهجت بالعبير نواحيه هنيئاً لكم هذا الزائر الميمون والضيف المعظم المصون هنيئاً لكم هذا المتجر الربيح وموسم الصوم والتراويح وقد عاد المصلون للحرمين الشريفين والمساجد والجوامع بعد عام مضى كان الناس في حجر وحظر وكرب فاللهم لك الحمد على جليل نعمتك ولك الشكر على فيض عطائك ثم تحدث فضيلته عن أحكام الصيام فقال : الصوم المشروع هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس لقوله تعالى:(وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ويؤمر الصبي بالصيام إذا أطاقه ليتمرن عليه ويعتاده فان كان ممن يضعف ويخور ولا يطيق لم يكلف بما يشق عليه ومن عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا في أصح قول العلماء، والمريض إذا خاف بصومه زيادة مرضه وتطاوله وتجدده وتباطؤ برئه استحب له الفطر فإن حمل نفسه وتحامل عليها وصام صح صومه وأجزأه ولكن فعل مكروها لأنه أضر بنفسه وترك تخفيف الله وقبول رخصته، وكل مرض لا يضر الصوم صاحبه كوجع الضرس وجرح الإصبع والدمل وأشباه ذلك لا يجوز الفطر بسببه ويباح الفطر للمسافر سواء وجد مشقة أم لا والفطر أفضل خاصة إذا شق عليه لحديث حمزة بن عمرو الاسلمي أنه قال: يا رسول الله أجد مني قوة على الصوم في السفر فهل علي جُناح؟ فقال: (هي رخصة من الله تعالى، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جُناح عليه). رواه مسلم قال المجد ابن تيمية: وهو قوي الدلالة على فضيلة الفطر ولا يباح للمسافر الفطر حتى يخلف البيوت وراء ظهره والقول بأن له أن يفطر في بيته إن عزم على السفر قول شاذ لا يعول عليه ثم اختتم فضيلته خطبته الأولى عن مفطرات ومفسدات الصوم فقال : والمفطرات التي تفسد الصوم ستة أنواع : الأول: الأكل والشرب وما في معناهما فان أكل أو شرب مختارا ذاكرا لصومه أبطله وإن ابتلع ما بين أسنانه أفطر وإن ابتلع ريقه لم يفطر حتى ولو جمعه ثم ابتلعه لأنه مما يصل إلى معدته بدون اختياره ولا يفسد الصوم إن ابتلع النخامة لأنها معتادة في الفم أشبه الريق وإن وصلت إلى طرف لسانه ، وإمكانه فينبغي له إخراجها وإلقاؤها احتياطا لصومه وخروجاً من الخلاف، والخروج من الخلاف مستحب والتحوط للعبادة مطلوب ويفطر بكل ما أدخله إلى جوفه سواء وصل من الفم على العادة أو من الأنف أو من الأذن لحديث لقيط بن صبرة ” وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما” أخرجه أبوداود والمضمضة العلاجية والغرغرة الدوائية ، وبخاخ العلاج الموضعي للفم، إذا لم يبتلع ما نفذ منه إلى الحلق لم يفطر وتأخيرها إلى الليل تحرزا للصوم أولى وإن قطر في أنفه أو أذنه دواء فوصل إلى جوفه أو معدته أفطر، وإن اكتحل بذرور أو قطور أؤ إثمد لم يفطر في أصح قول العلماء فإن وجد مرارة الكحل وطعمه في حلقه أو خرجت أجزاؤه في نخاعته فالاحتياط القضاء، واتقاء الكحل وتجنبه في نهار رمضان أولى تحرزا للصوم واحتياطا له ومن تطيب بأي نوع من أنواع الطيب في نهار رمضان وهو صائم لم يفسد صومه، ويجتنب استنشاق البخور والطيب المسحوق لأن لهما أجزاء متطايرة تتصاعد وتنفذ بالاستنشاق إلى المعدة والجوف و أما التبرع بالدم فالأحوط تأجيله إلى ما بعد الإفطار؛ لأنه يضعف الصائم وهو كثير فأشبه الحجامة، ثم أستكمل فضيلته في خطبته الثانية مفطرات ومفسدات الصوم فقال : الرابع من المفطرات : إنزال المني : ويباح للصائم مباشرة زوجته ولمسها وتقبيلها لحديث عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لأربه متفق عليه فإن كان يخشى من المباشرة بالتقبيل ونحوه فساد صومه وغلبة الشهوة عليه وسرعة نزول المني منه فعليه اجتناب ذلك صيانة لصومه فإن باشر فيما دون الفرج أو قبل أو لمس فأنزل المني فسد صومه وعليه القضاء وإن لم ينزل لم يفسد صومه وإن كرر النظر في حلال أو حرام فأنزل المني فقد أفسد صومه وعليه القضاء وإن استمنى بيده فأنزل أفطر وعليه القضاء، ولو أمذى بالمباشرة دون الفرج أو أمذى بسبب قبلة أو لمس أو تكرار نظر لم يفطر في أصح قولي العلماء وهو قول الإمامين أبي حنيفة والشافعي واختاره الأجري وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين الخامس : الجماع وهو من مبطلات الصوم بالإجماع: والصائم إذا جامع في نهار رمضان في الفرج فأنزل أو لم ينزل فقد فسد صومه وعليه القضاء والكفارة والكفارة عتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وإن عجز عن الأصناف كلها سقطت لأنه لا واجب مع العجز وإن كانت المرأة مطاوعة فسد صومها وعليها القضاء والكفارة وإن أكرهت على الجماع فلا كفارة عليها وعليها القضاء في أصح قولي العلماء السادس : خروج دم الحيض والنفاس : والحائض والنفساء لهما الفطر ولا يصح منهما الصيام لقول النبي صلى الله عليه وسلم( أليس إحداكن إذا حاضت لم تصم ولم تصل قلن: بلى )أخرجه البخاري. ومتى وجد ذلك في جزء من اليوم أفسده وإن انقطع دمها ليلا فنوت الصوم ثم اغتسلت من النهار صح صومها ولا يسقط عنهما وجوبه وتقضيان إذا طهرتا بعدد الأيام التي أفطرتا فيهما لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت ” كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة “متفق عليه وأختتم فضيلته خطبته الثانية بنصح المسلمين بعدم جرح الصوم بالزور والاثم فقال : لا تجرحوا صيامكم بالزور والإثم والجهل والظلم فرب صائم لا يقوم ثواب صيامه في موازنة إثم ظلمه وإجرامه، فاتقوا الله يا من أمسكتم عن المفطرات والمفسدات أثناء الصيام، وفعلتم ما يجب اجتنابه على الدوام عن أبي هريرة ، قال: قالى رسول الله صلى الله عليه وسلم (رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر) رواه أحمد. عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه). وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: “إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك وصومك سواء”
مشاركة :