«هيومن رايتس ووتش» تكشف عن اعتقالات نفذتها ميليشيات الحشد الشعبي في العراق

  • 9/22/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كشف تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية صدر يوم أمس أن ميليشيات الحشد الشعبي في العراق نفذت أعمال تدمير متعمدة وموسعة لبيوت ومتاجر شتى في أرجاء مدينة تكريت، وخطفت 200 مواطن من السنة خلال شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) 2015 وما زال 160 مفقودين. وفي ذلك، أشار مسؤول لدى المنظمة لـ«الشرق الأوسط» إلى «أنباء عن العثور على مقبرة جماعية قرب المنطقة التي اختطفوا فيها». واستخلصت المنظمة أن الميليشيات خرقت قوانين الحرب بتحركاتها التي نفذت دون سبب عسكري ظاهر، في أعقاب القتال ضد داعش لطرده من مدينة تكريت ومناطق من محافظة صلاح الدين شمال شرقي العاصمة بغداد. وسلمت المنظمة نتائج تقريرها للحكومة العراقية في 17 يوليو (تموز) المنصرم، مطالبة إياها بالمزيد من المعلومات. إلا أن الحكومة امتنعت عن الرد إلى الآن. بدوره، عقب المسؤول في قسم الشرق الأوسط لدى المنظمة بقوله «امتنعت الحكومة العراقية عن الرد على استفساراتنا، ونشعر بخيبة أمل جراء عدم تعاونها». وأكد طالباًا عدم ذكر اسمه أن «الدمار الذي حل بتكريت ومحيطها على أيدي ميليشيا الحشد الشعبي كان ممنهجا». داعيا إيران «أكبر الداعمين» لتلك الميليشيات، إلى «الامتناع عن تسليح من امتلأ ماضيه باختراقات لحقوق الإنسان، مثل كتائب حزب الله، وفيلق بدر» في العراق. تقرير «دمار بعد المعركة: انتهاكات الميليشيات العراقية بعد استعادة تكريت»، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، يستعين بصور الأقمار الصناعية للتثبت من شهادات لمواطنين أفادوا بالدمار الذي طال أحياء كاملة. وبعد فرار عناصر «داعش»، خطفت كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق أكثر من 200 من السكان السنة، بينهم أطفال، وذلك على مقربة من بلدة الدور جنوب تكريت؛ 160 شخصا على الأقل منهم ما زال مصيرهم مجهولا. وبحسب التقرير: «شملت الميليشيات التي يغلب عليها الشيعة، المسؤولة عن الأعمال الوحشية وسط القتال، فيلق بدر، ولواء علي الأكبر، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب لله، وسرايا خراسان، وجند الإمام». وتتلقى الميليشيات رواتب وأسلحة حكومية، لكنها تصرّف شؤونها بتنسيق غير محكم. وفي 7 أبريل اعترفت الحكومة العراقية بقوات الحشد الشعبي كقوة أمن منفصلة تتبع رئيس الوزراء حيدر العبادي. ولم تجد تحقيقات المنظمة أي مبرر عسكري مشروع للتدمير الشامل للمنازل في تكريت والمناطق المحيطة بها. تلقت المنظمة إفادات بأن الميليشيات اعتقلت أشخاصا بشكل تعسفي في جلام الدور؛ وهي منطقة ريفية تقع شرق الدور، حيث فر بعض من تبقى من سكان الدور قبل دخول القوات الحكومية والقوات المتحالفة معها وأدلى مواطنون بشهاداتهم للمنظمة في عملية احتجاز نحو 200 رجل وصبي في 8 مارس من قبل كتائب حزب لله وعصائب أهل الحق. وفي ذلك قال المسؤول لدى المنظمة إنها تعمل حاليا مع جهات مختصة لتحديد أماكن المختطفين. مضيفا: «وردتنا أنباء من مصادر متعددة أنه جرى إخلاء سبيل بعض المختطفين، لكننا لم نستطع التأكد من صحة المعلومات». واستطرد: «وردتنا أنباء أخرى الأسبوع الماضي عن مقبرة جماعية في المنطقة المشتبهة ذاتها». من جانبها، لم تستجب الحكومة العراقية لنداءات ضياء الدوري العضو المحلي في البرلمان، للتحقيق في أماكن وجود الرجال والصبية. وبحسب شهادات التقرير، تعرف ثلاثة شهود في عمليات اختطاف على شعارات عصائب أهل الحق المنقوشة على ثياب الجناة، وقالوا إنهم عرفوها إبان رؤيتها على شاشات التلفزة. وحول اعتقالات كتائب حزب الله، قال صبي كان محتجزا لديهم، إن الميليشيات فتشوا النساء والأطفال وتحفظوا عليهم في حجرات في أحد البيوت. وعقب المسؤول: «بعض مكونات ميليشيات الحشد الشعبي، وعلى رأسها حزب الله وفيلق بدر، ماضيها حافل باختراقات لحقوق الإنسان». مشددا «يجب وضع قرار حظر على تسليح تلك الميليشيات ومنع الدول الداعمة لها من إمدادهم بالمعدات العسكرية». ووسط الانتقادات الدولية لانتهاكات ميليشيات الحشد الشعبي ، بدأت ملامح التدمير غير القانوني والهائل للمنازل بالظهور ملحة الحاجة لكبح جماح الميليشيات ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم. ووفقا للقانون الدولي، فإن الدمار الذي حل بتكريت والبلدات المجاورة غير قانوني، وفقا للمنظمة الحقوقية. لرصد حجم الضرر الذي ألحقته ميليشيات الحشد الشعبي بتكريت ومحيطها، أجرت «هيومن رايتس ووتش» تقييما مفصلا للأضرار التي لحقت بتكريت وبلدات العلم والبوعجيل والدور باستخدام سلسلة زمنية من 8 صور عبر الأقمار الصناعية التقطت في الفترة بين 28 ديسمبر (كانون الأول) 2014 و26 مايو (أيار) 2015. قبل وأثناء وبعد التدمير، لتحديد الدمار. وراجعت المنظمة لقطات الفيديو التي حصلت عليها من وسائل التواصل الاجتماعي التي تزعم الميليشيات أنها سجلتها بعد الاستيلاء على الدور والبوعجيل، وكذلك لقطات فيديو متاحة في المجال العام، للغارات الجوية الأميركية والعراقية على تكريت، لتقييم الأضرار التي تتصل بالغارة الجوية بشكل أفضل. كما استند تقرير المنظمة لشهادات مواطنين من المنطقة وأكثر من 100 صورة فوتوغرافية للمباني المتضررة. من جانبه، قال المسؤول لدى المنظمة إن «الدمار الذي حل بتكريت ومحيطها كان ممنهجا». ووفقا لما استخلصته المنظمة ، أيد تحليل صور الأقمار الصناعية إفادات السكان بالدمار الواسع النطاق بعد هزيمة «داعش». حددت المنظمة ما لا يقل عن 1425 مبنى من المرجح أن تكون الميليشيات الموالية للحكومة قد دمرتها في أعقاب سيطرتها على المنطقة. من بين هذا المجموع، من المرجح أن نحو 950 مبنى هُدم بمواد شديدة الانفجار و400 مبنى آخر دمرته النيران. وينوه التقرير بأنه «بما أن الأضرار الناتجة عن الحرائق غالبا ما تقتصر على البناء من الداخل ولا يمكن تحديدها عبر صور الأقمار الصناعية، فمن المرجح أن العدد الإجمالي للمباني المتضررة أو التي دمرتها النيران في المدن التي قيّمتها المنظمة عبر صور الأقمار الصناعية أقل من العدد الحقيقي بشكل كبير. ويدعم هذه الملاحظة أيضا عدد واسع من الصور التي حصلت عليها، تظهر مدى حجم الخسائر التي ألحقت بهياكل المباني التجارية والسكنية. ويستخلص المسؤول: «الدمار على أيدي الميليشيات هو انتهاك للقانون الإنساني الدولي وجريمة حرب، ويقع تحت بند الهجمات المتعمدة ضد الأهداف المدنية». ولم تجد المنظمة أي دليل على أن التدمير وقع بمقتضى الضرورة العسكرية، بل وقع بعد انتهاء القتال في المنطقة، وبعدما غادر عناصر «داعش». اعتبر التقرير التدمير إخفاقا للحكومة العراقية في حل أو إحكام القيادة والسيطرة على التحركات العسكرية في البلاد. وعلى ضوء انتهاكات الميليشيات، دعت «هيومن رايتس ووتش» الحكومات التي تقدم مساعدات عسكرية للعراق، أن تحثه على وتدعمه في إجراء إصلاحات ملموسة من أجل محاسبة مرتكبي الانتهاكات ، وعلى دمج الميليشيات بهيكل قيادة مركزية يخضع لرقابة مدنية. وحول التدخلات الخارجية يقول المسؤول لدى المنظمة، إن التقرير «يكشف أن إيران من أكبر الداعمين والممولين لميليشيات الحشد الشعبي». فطهران قدّمت مساعدات عسكرية للعراق على هيئة عتاد وتدريبات وخبرات عسكرية. ففي فبراير (شباط) الماضي، أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية نقلاً عن مسؤول عسكري إيراني أن طهران أمدت العراق بما قيمته 16 مليار دولار من المنقولات العسكرية منذ يونيو (حزيران). كما ذكرت وكالة رويترز للأنباء أن مراسليها رأوا عقودًا بمبيعات أسلحة إيرانية للعراق بقيمة 195 مليون دولار. ويستطرد المسؤول «نوصي إيران بحظر الدعم العسكري واللوجيستي لميليشيات الحشد الشعبي». كما يؤكد على أهمية: «اتباع آلية فحص تؤكد عدم تدريب مقاتلين كانوا قد ارتكبوا جرائم بحق الإنسانية». وحث الولايات المتحدة والدول الغربية على مناشدة حكومة بغداد على «محاسبة مرتكبي جرائم الحرب». وأخيرا ناشد التقرير الأمم المتحدة والولايات المتحدة والدول الأخرى أن تدين علنا انتهاكات الميليشيات وتضغط على الحكومة العراقية لتحقق بشكل كامل ونزيه في جرائم الحرب. وأكّد المسؤول أن «موقف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حرج، ولن يستطيع التغلب على فتن الطائفية إلا بالمحاسبة والقانون». وبحسب المنظمة «تمثل إعادة تأكيد سلطة المؤسسات الحكومية على المناطق الواقعة الآن تحت سيطرة الميليشيات أمرا حاسما لإقناع عشرات الآلاف من السنة النازحين للعودة إلى ديارهم. وتبديد خوفهم من الأعمال الانتقامية المحتملة على يد الميليشيات».

مشاركة :